آل سعود.. والصهيونية المحمدية
نظام مارديني
في كتابه القيّم «كيلا تكون صهيونية إسلامية» حذّر الباحث المصري محمود عبده، من الثغرات التي يمكن أن تؤدي إلى ظهور «صهيونية إسلامية»، لا تقل في خطرها عن «الصهيونية اليهودية»، و«الصهيونية المسيحية». معتبراً ظهور هذه الصهيونية هي «خيانة القضية الفلسطينية باسم الدين».
ولكن هل يمكن أن تكون «الصهيونية المحمدية» أقوى من «الصهيونية المسيحية» و«الصهيونية اليهودية»؟
على الرغم من أن السؤال قد يبدو غريباً ومنافياً للطبيعة والعقل إلا أنه ليس كذلك. فالصهيونية اليهودية أقوى في مدّ مخالبها في المجتمعات والأديان، و«الصهيونية المحمدية» أخطر على مجتمعنا لسهولة قدرتها على استخدام الدين لخدمة المشروع الاستعماري، وخطورتها في وقاحتها كما عبر عنها موقف الداعية السعودي محمد البراك، عضو رابطة علماء المسلمين، الذي اعتبر استشهاد جهاد عماد مغنية العام الماضي أمراً يفرح «المؤمنين»، حتى لو كان القاتل «إسرائيل» يشي بهذه «الصهيونية المحمدية» بوقاحتها القميئة.
إن الصهيونية الدينية بضلعها «اليهودي»، عمِلَت على صهينةِ العالم سياسياً، بدءاً بالمسيحيين، وانتهاء بالمحمدية. ولأن معظم أديان أهل الأرض، لا تشكل مرجعياتهم ذات الطبيعة الدينية تقاطعاً مع المشروع اليهودي في فلسطين ومحيطها القومي، إلا أن المرجعيات الإسلامية المسيحية والمحمدية يمكنها أن تكون أرضاً خصبة لترويج الصهيونية «الدينية»، فقد كان من الطبيعي أن ينصبَّ الجهد الصهيوني في عالمنا العربي، في جانبه «الديني» تمهيداً لبلورة جانبه «السياسي».
في هذا السياق أطلّت «الصهيونية المحمدية» برأسها، وبشكل مباشر، من بيت آل سعود الذين جرّوا دول الخليج وراءهم لتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية في قرار خطر ستكون له تداعيات مستقبلية على المنطقة وبخاصة على المسألة الفلسطينية التي بالأساس تمّ اختزالها بمدينة القدس، وقضية حدود لا قضية وجود.
والصهيونية عقيدة عنصرية بغيضة، قائمة على إقصاء الآخر، وعدم الاعتراف بمشروعية شراكته في الحياة الآمنة، وهي عقيدة أدت إلى هذا الانفلات السعودي المدعوم أميركياً و«إسرائيلياً» والذي سيؤثر على ديمومة آل سعود التي وصمت بلاد الحجاز باسمها، ولكن هل يدرك آل سعود أن الاعتماد على الخرافات الصهيونية لن يُحررَ وطناً ولن يحقق نهضة ولن يوحّد أمة وأرضاً ولن يحفظ عرشاً؟
لا شك في أن «الصهيونية المحمدية» كانت «نبوءة خفية» في الماضي وأصبحت «نبوءة مكشوفة» بوقاحتها الآن، يعتقد من خلالها آل سعود أنه قد يغفر لهم الشرفاء في المنطقة «كل شيء»، ولكن قد يكون ما حدث في البرلمان المصري أمس بطرد نائب التطبيع توفيق عكاشة درساً لتلاميذ صاحب «مدن الملح» عبد الرحمن منيف، في ملاحقة هذه الأسرة وتعريتها وقطع رأس الأفعى الوهابية والتهابات المذهبية فيها.
فكلما انحسر الدخان البروباغاندي سنة – شيعة يدفع آل سعود إلى صب الزيت على نار المذهبية وقد أثيرت هذه النغمة طوال سنوات ما بعد عدوان تموز على لبنان 2006 وانتصار المقاومة فيه عبر حزب الله على وهم الجيش الذي صنعته الجيوش العربية بأنه لا يُقهر في المنطقة!!
خندق أميركا و«إسرائيل» وعربانها الخليجيين، وعثمانييها الأتراك، وعصاباتهم الإجرامية من «داعش» و«نصرة»، وإعلامييهم من ميشيل كيلو وبرهان غليون وعزمي بشارة وغيرهم من الخونة الذين باعوا بلادهم بفضة من الوهابية، وهم جميعاً عاجزون عن تقزيم عظمة المقاومة وإنجازاتها في بلادنا.
فهل تكسفون الشمس بسجائركم؟!