ورد وشوك
في خاطري كلمات محفورة سمعتها من أمي في معرض نقاش طويل كانت ترمي منه كعادتها إعادة الوفاق والوئام بين زوجين استحكم بينهما الخلاف…
كنت وقتها تلميذة صغيرة في مدرستي بجوار مكتبها، في غرفة الانتظار شغلتني بكتابة واجباتي المدرسية وانصرفت لسماع شكوى موكلتها بعد أن طلبت من الزوج الحضور علّها ترأب الصدع الذي أصاب أسرة فهدّدها بالتفكك والضياع.
أطرقت السمع، شدّني الفضول لمعرفة ما يدور، سمعت كلّ منهما يكيل للآخر سيلاً من الاتهامات إلى أن حسمت أمي الجدال… ما زال صوتها الرزين يرن في أذني:
لا يوجد في الدنيا أسهل من الهدم لكن الصعب هو البناء، وإذا احتكمنا للقانون يمكن أن ينال المتضرّر حقه المادي وكذلك مبتغاه ولكن هيهات بعد اليوم أن يهنأ لأيّ منكما بال.
وما حفظته على صغر سني يومها في شبابي تمثلته في مواقف كثيرة في الحياة قولها للزوج وأمي نصيرة للرجل تقدره وتحترم من كان أهلاً للاحترام
قالت : من الغباء أن تعامل المرأة – الحرة – على أنها شيء تمتلكه وأن تستهين بذكائها وقدرتها على خلط الأوراق في حال جرحك لكبريائها، لا تهن كرامتها حتى لا تنشئ أولاداً يعانون في الحياة مرض العوز للكرامة وعزة النفس والإباء
وأنت يا سيدتي يعتبر منتهى الذكاء إلهامك شريك العمر وإقناعه بتحقيق ما ترغبين به بطواعية ودون إملاء وكأنه هو من فكر وخطط ونفذ وبذلك تحفظين مسافة الأمان المطلوبة في حسن سير الحياة…
ما زلت أذكر كيف خرج يومها الزوجان بوفاق وامتنان ووجه أمي مستبشرآ بابتسامة نصر على وسوسة شيطان كادت تهدم أركان بيت يفترض أنه من لبنات مجتمع هو الأساس في بناء الوطن والإنسان.
رشا المارديني