قرار مدروس وليس مرتجلاً

علي جانبين

أقرّ مجلس التعاون الخليجي تصنيف حزب الله اللبناني منظمة إرهابية في جلسة واحدة، ودون ملف تحضيري يتضمن وقائع ومعلومات وقضايا محكَّمة قضائياً، ودون عرض لنتائج محاولات جرت مع الحزب لاستيضاحه حول هذه الاتهامات، ومن ثم ملف ديبلوماسي مع الحكومة اللبنانية يتضمّن المراسلات القضائية الجارية للتعاون في ملاحقة جرائم بعينها مذيلة باعترافات واضحة، ويتضمن عدم التجاوب اللبناني مع الدعوات، ومن دون كلّ ذلك وبسرعة البرق ولمجرد كلمة صدرت عن أمير اتخذ «مجلس الحكماء والعقلاء» العرب في الخليج قراراً بهذه الخطورة والأهمية ولم يرفّ للجالسين جفن.

في المقابل بقي ملف تصنيف حزب الله إرهابياً خمس سنوات يتقدّم ويتراجع على مائدة دول الاتحاد الأوروبي وفي كلّ مرة يطرح الأمر يتخذ قرار بالتأجيل لعدم كفاية الوقائع، حتى ابتكر الأوروبيون إرضاء للطلبات «الإسرائيلية» وتحت الضغط الأميركي ما أسموه بالجناح الخارجي لحزب الله، ثم الجناح العسكري لحزب الله، وهذا بالرغم من بقاء اختلاف بين الدول الأوروبية على اعتماد كلمة الجناح العسكري منظمة إرهابية، فمنها مَن وافق المانيا وهولندا وفرنسا بينما امتنع القسم الأكبر من الدول الأوروبية وتحفّظ البعض على هذا القرار.

من الواضح تماماً أنّ المعايير التي اعتمدها مجلس التعاون الخليجي لا يفسّرها المجلس في قراره باعتبار ميليشيا حزب الله منظمة إرهابية، معتبراً أنّ الحزب يقوم بتجنيد عناصر من دول مجلس التعاون للتخريب وزعزعة الاستقرار . ومعلوم أنّ التهمة الفعلية هي قيام حزب الله بقتال الجماعات التي يرعاها المجلس من داعش والنصرة وسائر الحركات التكفيرية.

أما الجريمة الكبرى لدى مجلس التعاون الخليجي فهي دعم الحزب المتواصل للقضية الفلسطينية التي تخلى عنها المجلس منذ زمان وصار المطلوب إعادة الحزب إلى بيت الطاعة وإلزامه عدم التعرّض للكيان الغاضب وللمجاهدين الخليجيين والأفغانيين والباكستانيين ومرتزقة أميركا وأوروبا الذين يرتكبون المحرمات في سورية والعراق ومصر وليبيا وتونس والجزائر باسم الجهاد والدفاع عن الإسلام، حسب زعمهم. فإذا أوقف حزب الله أو جناحه العسكري على الأقلّ عدوانه على «المساكين» داعش والنصرة وتركهم «يجاهدون» في سورية، كما جاهدوا في العراق عند ذلك سيعيد مجلس التعاون النظر بقراره المتخذ وسيعفو بدوره عن حزب الله.

يتساءل المجلس «لماذا يحارب حزب الله إسرائيل»؟ لماذا يعبث بأمنها ويفزع قادتها وصناع القرار فيها بخطابات أمينه العام؟ أليس هذا هو الإرهاب؟ ثم ماذا فعلت «إسرائيل»؟ لا يجد مجلس التعاون أجوبة واضحة على ذلك، فـ»إسرائيل» «المسكينة» كانت تحضن أمراء العرب وحكام العرب ومسؤولين عرباً ووزراء خارجية العرب يوم حرب تموز 2006 على لبنان عندما قرّر «المغامرون» استرداد أسراهم «الإرهابيين» من سجون من يسمّونه عدواً.

قرار مجلس التعاون الخليجي مدروس وليس مرتجلاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى