طموحات وهواجس رؤساء الأندية «المتموّلين» هجر الملاعب أحد خياراتهم… ولكلٍ مطالبه الخاصة

إبراهيم وزنه

لا شكّ أن عملية ضخّ الأموال في الحياة الرياضية ترتد مزيداً من الإنجازات على أكثر من صعيد، ومن المتفق عليه في واقعنا الكروي المحلي، أن أي نادٍ ينجح في تأمين الموازنة المحترمة قبل انطلاق الموسم سينعم بالاستقرار وسيبعد عنه أرق المراحل الأخيرة وشبح السقوط. لكن السؤال الذي يفرض نفسه في ظلّ نظام هواية يضبط إيقاع لعبتنا الشعبية، كيف تؤمّن هذه الأندية موازاناتها؟ وهل أرقامها متقاربة فيما بينها؟ وهل النتائج المحققة ـ من جانب بعضها ـ تتناسب مع حجم المبالغ المدفوعة فترضي القيّمين عليها؟ ومن هم هؤلاء الذين تصدّوا لقيادة أندية عريقة وواعدة، فدفعوا من جيوبهم، وواكبوا على حساب أعمالهم وعوائلهم من دون أي منّة أو غاية؟ ولمثل هؤلاء ترفع القبّعة، وعلى إدارة اللعبة رئيس وأعضاء الاتحاد اللبناني لكرة القدم أن لا يبخلوا في الوقوف على خاطرهم والاستماع إلى هواجسهم وقراءة متطلباتهم وتمنياتهم بعين الرعاية وروح المسؤولية.

ففي الماضي القريب، ترك اللعبة الشعبية كثيرون من المتموّلين لأسباب عدّة، أسماء بالجملة سطعت ووجوه طيّبة لمعت وإنجازات كبيرة تحققت، وفجأة اتخذ الميسورون قرارهم بمغادرة مواقعهم، فمن منّا لا يتذكّر: عمر غندور وحسان منصور النجمة ، وسليم دياب الأنصار ، وعلي أحمد وشريف وهبي التضامن صور ، وأنطوان الشويري وجورج شهوان الحكمة ، وناجي عازار الراسينغ ، وبهيج أبو حمزة وعماد الحاج الأخاء عاليه ، ووليد عساف ووجدي أبو حمزة الصفاء ، وسعدي غندور الرياضة والأدب ، وفادي علامة شباب الساحل ، وقبلان يمين السلام زغرتا ، جميعهم وجدوا في اللعبة الشعبية بعض طموحاتهم، ولمّا اصطدموا بالواقع سارعوا إلى الخروج من واقعها وساحاتها غير آسفين… للأسف كرة القدم تدرّ أموالاً وأرباحاً في معظم دول العالم إلا في لبنان وبعض الدول العربية.

«الفدائيون» الجدد

«الفدائيون»… لقب طالما أطلقته الصحافة الرياضية المحلية في الماضي على رؤساء الأندية الآنفي الذكر، لماذا؟ لأنهم كانوا يدفعون من جيوبهم ويندفعون إلى العمل والقيادة في ساحات ضبابية خالية من أية إشارات تنبيه… لا بل معدومة الأفق.

اليوم تطلّ علينا دفعة جديدة من «الفدائيين»، نسمع أصواتهم من حين إلى آخر، يلفتون النظر ويلوّحون بالخروج من مواقعهم، ومن هؤلاء ارتأينا اليوم الوقوف على آراء كل من: تميم سليمان رئيس نادي العهد ، نبيل بدر رئيس نادي الأنصار ، سمير دبوق رئيس نادي شباب الساحل ، أحمد الموسوي رئيس نادي النبي شيت ، وجّهنا إليهم سؤالاً واحداً، لماذا قبلتم بالمسؤولية؟ وهل مغادرتكم واردة في لحظة معيّنة؟ كم دفعتم وهل هناك سقف محدد للدفع؟

تميم سليمان: الدم الجديد مطلوب على الصعيدين الفني والإداري

من عالم كرة اليد حيث ساحة إنجازاته الوطنية، وصل تميم سليمان إلى سدّة الرئاسة في نادي العهد منذ سنتين، وعلى ذلك يعلّق: «وجودي ضمن الهيئة الإدارية لنادي العهد منذ 8 سنوات مهّد الطريق لوصولي إلى موقع الرئاسة وطبعاً بتزكية من الهيئة الإدارية»، ثم بيّن بصراحة زائدة: «لا شكّ أن تركي لموقعي الإداري وارد من منطلق الحرص على تجديد الدم وهذا الأمر كما ينسحب على اللاعبين ينسحب أيضاً على الإداريين لكن المهم أن لا يحصل الفراغ فالاستمرارية هي الأساس، وللأسف اعتادت الأندية في لبنان على المبادارات الفردية وليس على المؤسسات»، ليختم موضحاً: «بالطبع هناك إرهاق مادي على كل من يتصدّى لقيادة دفّة النادي، ولكن إيماني بالمسؤولية الملقاة على عاتقي دفعني لأدفع تحت سقف تحقيق الأهداف والإنجازات، على أي حال الرياضة في لبنان ستبقى تراوح مكانها في ظلّ غياب المؤسسات وفقدان دور وزارة الشباب والرياضة واستفحال الانقسام السياسي المنعكس سلباً على معظم تفاصيل الحياة اللبنانية».

نبيل بدر: ضعف الاتحاد سيخرجنا في لحظة فقدان الصبر

قبل أن نكمل سؤالنا، عرف رئيس نادي الأنصار نبيل بدرغايتنا، فأجاب بالآتي: «يوماً بعد يوم أقترب من اتخاذ القرار المرّ، أي الخروج من اللعبة، ليس بسبب النتائج أو الأداء الفني، بل لضعف القيّمين على إدارة اللعبة، فلا صوتنا مسموع ولا مطالبتنا بتصحيح الأخطاء تلقى آذاناً صاغية، وما حصل من مجازر تحكيمية في المراحل الأخيرة يؤكّد صوابية وجهة نظرنا، فانعدام التجاوب مع الأندية سيضطرنا مع فقدان الصبر إلى ترك المهمّة لغيرنا»، ثم أضاف بحرقة: «المؤسف أنهم لغاية اليوم لم يؤلّفوا لجنة حكّام تحظى باحترام المعنيين باللعبة وحتى الحكّام أنفسهم، ناهيك عن ضعف التنظيم وعدم تأمين الملاعب والارتباك في تثبيت جداول المباريات». أما عن تكفّله بتأمين موازنة النادي، فقال: «منذ استلامي دفّة النادي لم أضع سقفاً للإنفاق، وبصراحة الدفع أسعدني على أمل أن ألقى النتائج الطيبة، من خلال إعادة الأنصار إلى موقعه الريادي وإحراز الألقاب، واليوم أشعر باليأس في ظلّ الظلم المتمادي وغياب الإدارة السليمة وأرى بأنه لا أفق ولا بقعة ضوء ولا بصيص أمل… وهذا الواقع سيضطرني للخروج نهائياً من اللعبة»، وختم مبدياً أسفه لغياب الجماهير «نكهة الملاعب» من المدرجات، «وهذا الواقع معكوس تماماً في لعبة كرة السلة، وكأن كل لعبة موجودة في بلد».

سمير دبوق: عندما يتوزّع «الحمل» سننعم بالاطمئنان

وحده رئيس نادي شباب الساحل سمير دبوق قارب الموضوع من زاوية عشقه للعبة الشعبية وهو الذي سبق أن لعب لفترة من الزمن ضمن صفوف «الأزرق»، لكن الأجواء الحالية ليست وردية في النادي الذي تأسس منذ خمسين سنة، وهنا يبيّن دبوق: «في حال كبرت دائرة المندفعين لرعاية النادي، وسادت روح الفريق فلا داعٍ لتركي المهمّة بل سأزداد تمسّكاً بدوري مع وافر الارتياح وجزيل الشكر، أمّا أن يبقى ثقل الموازنة على عاتقي فسيجعلني أبتعد شيئاً فشيئاً مع قناعتي الثابتة بضرورة دعم النادي وحسب استطاعتي، فالوضع الاقتصادي الصعب هو الذي يتحكّم بالرياضة اللبنانية بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص». ثم لفتنا دبوق: «لقد دفعت الكثير بهدف تحقيق طموحات النادي الذي أحب، والحمدلله لقد نجحنا في الفترة الأخيرة بتثبيت موقعنا بين أندية النخبة»، ليختم مناشداً: «لا شكّ أن تكاتف الجهود والتواصل مع المسؤولين وتلاقي الأندية بشكل دوري، كل هذه التفاصيل ستنعكس ازدهاراً في تفاصيل اللعبة وصولاً إلى المنتخب الوطني».

أحمد الموسوي: سعينا لوضع البقاع على الخارطة… ونجحنا

بعفوية ومن دون تكلّف، يصف السيّد أحمد الموسوي 30 سنة علاقته مع اللعبة الشعبية قائلاً: «حرماننا من ممارسة كرة القدم التي نعشقها في بلدتنا الحبيبة النبي شيت، وواقع محافظة البقاع المهمّش كروياً، سببان رئيسيان شجّعاني على تشكيل نادٍ يأخذ دور سفير البقاع ومن ثم العمل على إيصاله إلى دوري الأضواء، ولتحقيق ذلك الهدف دفعنا لغاية اليوم مليون وسبعماية ألف دولار لقاء موسمين تحت الأضواء بالإضافة إلى إنشاء ملعب خاص بالبلدة تمّ اعتماده من قبل الاتحاد»، ثم أضاف: «من الطبيعي أن نسعى كأندية واتحاد إلى تطوير المستوى الكروي وهذا بحاجة إلى التغيير في التعاطي والنظرة للأمور لضمان الاستمرارية بشكلٍ جيد، فلا يجوز ضخ الأموال من دون أي مردود، فالاستثمار من دون أيّة فوائد سيدفع المستمثر إلى تحويل وجهة استثماره، على أي حال، خروجي من اللعبة وارد ولكن لا أعلم متى، قراري رهن المجريات المقبلة»، ليختم متسائلاً ومطالباً: «بضبط وتنظيم علاقة الأندية مع اللاعبين وخصوصاً لجهة العقود وفسخها ونظام الإعارة وآلية الاستغناء وغيرها من القضايا المرتبطة بشؤون الأندية المادية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى