فرنسا وسورية والعدوان على غزة
حميدي العبدالله
لدى اندلاع الأزمة في سورية، كانت فرنسا أكثر من الولايات المتحدة حماسة لتكرار عدوان الناتو على ليبيا في سورية. بل حين توصلت سورية والدول الكبرى إلى اتفاق لنـزع السلاح الكيماوي السوري، وتراجع إدارة أوباما عن التلويح بالعدوان العسكري المباشر، أبدت فرنسا أسفها وظلت هي والسعودية و«إسرائيل» تلوم الإدارة الأميركية إلى يومنا هذا.
كانت فرنسا أكثر الدول تطرفاً في الوقوف ضدّ سورية إلى حدّ أنّها الدولة الأوروبية الوحيدة التي انفردت بتعيين سفير من المعارضة بدلاً من السفير السوري الرسمي، وهي الدولة الأوروبية الوحيدة التي ما انفكت تشجع الولايات المتحدة على التورّط عسكرياً في سورية.
كثر صدقوا ادعاءات الحكومة الفرنسية بأن عداءها الشديد لسورية هو تعبير عن تضامنها مع الشعب السوري، وليس لأن الطاقم الاشتراكي الحاكم في فرنسا هو من أشدّ أنصار الكيان الصهيوني تطرّفاً، وجميع مواقفه العدائية حيال سورية كانت تحت تأثير تحريض العدو الصهيوني وجماعات النفوذ المرتبطة به في فرنسا والولايات المتحدة.
أتى العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة ليفضح الحكومة الفرنسية، ويكشف حقيقة الفريق الحاكم برئاسة فرنسوا هولاند ودرجة ارتباطه وارتهانه للكيان الصهيوني ولجماعات النفوذ المؤيدة والداعمة لـه، فمنذ اليوم الأول للعدوان صدرت مواقف من أعلى المستويات، وفي مقدمها لهولاند تحمّل الفلسطينيين المسؤولية وتعلن وقوفها إلى جانب الكيان الصهيوني في عدوانه الغاشم على قطاع غزة، إذ أدى العدوان إلى سقوط مئات الأطفال والنساء والشيوخ من جراء آلة الحرب الصهيونية العمياء، إنما لم يصدر استنكار واحد على لسان أي مسؤول فرنسي ضد همجية الاحتلال الصهيوني ضد سكان غزة، بل على العكس هاجم المسؤولون الفرنسيون المقاومة لإطلاقها الصواريخ ضد الكيان الصهيوني!
أكثر من ذلك، عندما خرج ألوف الفرنسيين من جميع الألوان المشاركة وطيف المجتمع الفرنسي في تظاهرات لاستنكار العدوان الصهيوني، لجأت السلطات الفرنسية إلى منع المسيرات وحاولت قمعها عبر استخدام الغازات المسيلة للدموع في سابقة نادرة الحصول بتاريخ فرنسا التي تدعي حرصها على حقوق الإنسان، وتسبّب إطلاق الغازات بحالات اختناق وإغماء.
عكس ردّ فعل الحكومة الفرنسية حقيقة ارتباطات هذه الحكومة وأجندتها الحقيقية وزيف ادّعاءاتها بأنها نصير للشعوب المظلومة، وبأنها حريصة على الديمقراطية ومدافعة عن حقوق الإنسان، وأكد أنّ الحكومة الفرنسية الراهنة هي ألعوبة في يد العدو الصهيوني والجماعات المتطرفة والعنصرية، وأن قيم الحرية والعدالة التي تتغنى بها الحكومة الاشتراكية ليس لها أي تأثير في سلوك هذه الحكومة السياسي.