تطوّر كرة القدم بين أوروبا ولبنان…!

سمر زهير الخطيب

معروف عن لعبة كرة القدم أنها اللعبة الشعبية الأولى عالمياً، وفي لبنان تحتلّ هذه اللعبة حيّزاً كبيراً من اهتمامات اللبنانيين، لا سيما منذ عهد الاستقلال، بحيث أصبحت تشكل بالنسبة للبعض جزءاً من حياتهم ومتابعتهم اليومية.

نشأت هذه اللعبة في الصين منذ أكثر من 2500 سنة قبل الميلاد، لتنتشر ممارستها بعد ذلك في كافّة أنحاء العالم.

بدأ الأفراد بالدخول إلى عالم الكرة من باب خوض تجربة ممارسة رياضة حديثة، حيث لم تقتصر فقط على استقطاب ونيل إعجاب الرجال، بل وصل الأمر إلى النساء والأطفال من خلال الأجواء الحماسية وروح التحدي والمنافسة التي تطغى على اللقاءات في الملاعب، وبالتالي عُرف متابعو وممارسو هذه اللعبة بـ>>هواة كرة القدم>> كونهم ينظرون اليها كهواية تزيل عبء الحياة عن أكتافهم، وتحرق كتل همومهم اليومية.

لكنها مؤخراً بدأت تفتح الباب للإعلانات والأموال كي تتحكم باللعبة. كما أنّ التقدّم التكنولوجي في مجال نقل المباريات إلى كلّ العالم، أوصل اللعبة إلى كلّ بيت.

وبما أنّ الكرة الأوروبية هي الأقوى على صعيد القارات، تعلّق بها العرب واللبنانيون تحديداً في ظلّ غياب الرونق عن كرة القدم اللبنانية.

حتى أنّ اللعبة اليوم، ومن منظور شخصي، تفتقد إلى الألفة بين اللاعبين، فالعلاقة اليوم بين عناصر الفريق الواحد ليست كسابق عهدها. ولعلّ أهمّ العوامل التي تسبّبت بغياب هذه الألفة هو استقطاب لاعبين أجانب إلى كلّ دوري.

وأوثق فكرتي من خلال تجربة شخصية، حيث سنحت لي الفرصة أن أحضر تمارين التشكيلة الأساسية لفريق برشلونة الإسباني.

هناك، لم تكن العلاقة بين اللاعبين كالانسجام الذي نراه في الملعب، وأتحدّث هنا عن اللاعبين الأجانب وخاصة من البرازيل، ربما كان السبب هو استقطاب الأجانب بجذورهم النابعة من مناطق عدة في دول متباعدة ذات معتقدات مختلفة. فظهر تمرين الفريق الأساسي في أرض الملعب كأنه فرض واجب على اللاعبين أو مهمة احترافية مقابل تسلّم <>راتب>> خيالي.

لعلّ ممارسة الكرة في البلاد الغربية ومستوى الاحترافية لديها يفرضان تحويل الهواية الى مهنةن وهو ما أسهم في تطوير الكرة الاسبانية كغيرها من الدول الأوروبية.

فحب اللعبة في بلادنا النامية لم يعد كافياً لتشكيل فريق متين وإحراز الألقاب، فقد أمسى المال ورقة ضرورية للوصول إلى العالمية.

ومن هنا نستطيع القول إنّ الفارق بين الكرة الأوروبية والكرة اللبنانية كالمسافة بين السماء والأرض! وهناك عوامل غير الأوضاع الأمنية التي يتحجّج بها القيمون على اللعبة، لكننا قادرون في لبنان على تخطيها والعمل على تطويرها بالطريقة الصحيحة.

ففي هذا السياق أكدت هبة الجعفيل مدرّبة منتخب لبنان للفتيات ما دون الـ17 سنة، بعد عودتها من ألمانيا وإقامتها شهراً هناك، حيث عايشت عن قرب أحد الفرق الألمانية، أنّه لا يمكن مقارنة لبنان ببلاد الغرب، والسبب الأساسي يبدأ من توعية الأولاد في سنّ مبكرة وتشجيعهم على خوض تجربة جديدة من باب دخول عالم كرة القدم اللبنانية بهدف تطويرها كما هو متبع وشائع في الغرب.

تابعت الجعفيل أنه من أولى اهتمامات هذه الدول اكتشاف مواهب جديدة والعمل على إنماء حب اللعبة في داخل كلّ طفل بمساعدة من الأهالي باصطحاب ومرافقة أولادهم وتشجيعهم على ممارسة هذه الرياضة، فالوصول الى مستوى متقدّم واحترافي يتطلب تمارين مكثفة وخططاً إدارية ناجحة.

عند سؤالها إذا كان ممكناً اعتبار ممارسة كرة القدم هواية أم مهنة قالت: يختلف الوضع بحسب الإمكانيات المتوفرة، ففي لبنان يلعب الجميع وهم يعلمون أن لا مستقبل أو ميزانيات مقبولة للكرة اللبنانية، فيأتي انضمام الفرد إلى فرق وبطولات بهدف الوصول إلى الشهرة الاحترافية بعد ذلك، أما في بلاد الغرب حيث الملاعب والإمكانيات والمواهب، فقد أصبح الأمر طبيعياً اعتبار لعبة كرة القدم مهنة، فالتمارين تستغرق معظم أوقات اللاعبين في الدول الغربية، وبالتالي لا وقت لهم للاعتماد على عمل آخر لتأمين مداخيل مادية.

ختمت مدرّبة منتخب لبنان للفتيات بالقول إنّ اكتشاف مواهب جديدة والعمل عليها أصبح ضرورة، كما أنّ زيادة عدد اللاعبين الأجانب برأيها يشكل عاملاً مهماً جداً لتطوير ثقافة ومهارات اللاعبين المحليين، بغضّ النظر عن سلبيات الاعتماد على الأجانب في المراحل الأولى، متمنية على الاتحاد زيادة الاهتمام بهذا الموضوع وتقديم الدعم اللازم.

إنّ كرة القدم هي اللعبة الأحب للبنانيين، ولذلك حريّ بنا الاهتمام بها أكثر، لربما نصل يوماً إلى الاحترافية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى