نصرالله: نعرف أنّ «إسرائيل» تتحضّر لحرب معنا

روزانا رمّال

الضرر «الإسرائيلي» – السعودي المشترك اللاحق بكليهما جراء حلّ الأزمة النووية بين إيران والغرب لم يتعزز انكفاء من الطرفان لجهة اعتبار أن المرحلة المقبلة تستدعي الانسجام مع متغيّرات جديدة، والاعتراف بأنها ضرورات فرضتها طرق مسدودة أمام الغرب، فاستجلبت التوقيع وحسمت توازنات جديدة، بل بدت تل أبيب ومعها المتضرّرون في الشرق الأوسط أكثر نشاطاً واستعداداً لردود فعل في ساحات قادرة على فرض تحوّل لازم على المشهد ويأتي بعضها مباشراً وآخر غير مباشر.

تجاهل أميركا لمخاوف حلفائها والذي قدّمته إدارة البيت الأبيض الحالية بتعاونها مع إيران بدبلوماسية أثارت الجدل في الأوساط الرسمية الأميركية والإيرانية، ورسمت ارتياحاً واسعاً شكل أرضية مشجعة لدى شعبي البلدين ليؤسّس أرضية تعاون مقبلة في ملفات المنطقة ويقلل من نسبة الحروب المفترضة، نظراً لنفوذ الطرفين الذي بدأ يتمدّد فيها، أكد أنّ واشنطن بصدد تعزيز تعاونها مع إيران وروسيا بشكل جدي في ما يتعلق بالشرق الأوسط بعد أن أيقنت واشنطن انّ مواجهة الصعود الروسي الصيني لن تكون بأفضل من بدائل التواصل، وبعدما تأكدت أن استنفاد الموارد الطبيعية في الخليج خصوصاً النفطية يعني ضرورة إيجاد بدائل، كلّ ذلك رسم انقلاباً حقيقياً عند حلفائها فرض عليهم البحث عن بدائل بدورهم أيضاً.

ترى الرياض اليوم في العلاقة مع «إسرائيل» حاجة استراتيجية أكثر من اي وقت مضى، بعد كلّ ما يجتمع عليه الطرفان من عداء لإيران ومن رفض اعتبارها قوة إقليمية أمراً واقعاً لا بد من تلقفه والتعايش معه طالما أنّ ساحات المقاومة للخيار المرّ موجودة، وهنا لا تجد القوى المتضرّرة حرجاً في الإعلان عن حاجة ملحة للردّ على تجاهل واشنطن ما من شأنه التأثير على أمنهم الحيوي، وبالتالي فإذا كانت كل من تركيا و«إسرائيل» والسعودية أبرز المتضرّرين من حل الخلاف الغربي مع إيران، فانّ التوقف عند خيارات تضغط بهذا الاتجاه هي الأكثر منطقاً في هذا التوقيت.

كرّست السعودية وتركيا منذ الشهر الماضي فكرة إنشاء تحالف إسلامي عربي لمكافحة الإرهاب، مدعوماً بدعوات لتدخل عسكري تركي سعودي مباشر في سورية لم تتحدّد معالمه حتى الساعة، ولم تظهر جديته على حدّ سواء كخيار مطروح ما لبث أن ضغطت السعودية بشكل مكثف تجاه حزب الله وسلوكه وممارساته، وعملت دبلوماسياً على استحصال قرارات رسمية تحيله إلى لوائح الإرهاب العربية والإسلامية في ضغط اول من نوعه استهدف الحكومة اللبنانية التي تضمّ حزب الله فيها كمكون أساسي. وهنا ينذر التحرك السعودي بما يشكل فرضيات أكثر خطورة.

التحرك ضدّ حزب الله يعني بشكل مباشر استحضار الخيار «الإسرائيلي» المستعدّ للحضور، أما بشكل مباشر او بشكل مستفيد يستغلّ الثغرات التي تفتحها خلافات وإعلانات رسمية من هذا النوع تريح «إسرائيل» من قيود تمنعها من التحرك في عملياتها العسكرية. والجديد اليوم هو القطيعة التي تنوي السعودية المضي فيها مع الحكومة اللبنانية ما يؤشر إلى نيات حرب «إسرائيلية» تلوح جدياً في الأفق اللبناني الرسمي هذه المرة، فأيّ حرب مقبلة قد لا يكون حزب الله ومناطقه فقط معنياً فيها، بل هي حرب كاملة على لبنان كخيار قادر على الإنجاز والأذى أكثر من حصرها بقاعدة حزب الله.

الحديث عن حرب «إسرائيلية» تحدّث عنها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير الذي أعاد فيه موقفه التصعيدي بوجه السعودية، لافتاً إلى انه يعرف حجم الضغوط التي تمارس على الحزب ومواقفه السياسية والمجهود الذي تبذله الرياض لإقناع العالم بـ«إرهاب» حزب الله، لكنه يعرف ايضاً كما قال «انّ السعودية ربما تكون تضغط اليوم مع «الإسرائيليين» لشن حرب على لبنان». السيد نصرالله لم يخف يوماً أنّ بعض العرب حرّضوا على حرب تموز وهو اليوم يكرّر أنه يعرف انّ مقدمات هذا التصعيد ضدّ الحزب مؤشر كبير على حرب مقبلة نتوقعها ونستعدّ لها.

إشارة القناة العاشرة «الإسرائيلية» تأتي لتؤكد كلام السيد نصرالله على التنسيق، وتؤكد أيضاً انّ خيار التنسيق نابع من قوى متضرّرة من التعاون الغربي مع إيران، ومن دون الإسهاب بالتفاصيل تلفت القناة إلى أنّ وفداً «إسرائيلياً رفيع المستوى زار السعودية وانّ هناك تنسيقاً كبيراً بين تل أبيب والمملكة بقيادة الملك سلمان والأمراء الجدد وأنّ السعوديين يؤكدون للإسرائيليين، في لقاءاتهم، أنهم يريدون «إسرائيل» إلى جانبهم بكل ما يتعلق بإيران بعدما تركت الولايات المتحدة المنطقة.

تدرك المملكة أنّ ترك واشنطن للمنطقة يعني بطريقة أو بأخرى تسليمها إلى روسيا وإيران، او اقتسامها معهما بأسوأ تقدير، واذا كان خيار حرب «إسرائيلية على لبنان او سورية او كليهما معاً خياراً أخيراً سيقلب المعادلة، فلا مانع من تحويله واقعاً. فخيار الهدنة او وقف إطلاق النار الذي نجح في أسبوعه الاول بين الأميركي والروسي، ليس إلا مقدمة لإطلاق عملية سياسية ناجحة قد لا تكون واشنطن بعيدة عن التسريع فيها وإعطاء فرص أخيرة لحلفائها لاستعادة ما أمكن من النفوذ قبل أيّ تسوية، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنّ حاجة «إسرائيل» للدخول على خط التسويات وتخلصها من العزل الذي وقعت فيه يحتم عليها التحرك عسكرياً قبل انطلاق مفاوضات شاملة تتوخى «إسرائيل» حسم مسألة الجولان بشكل أساسي كي لا يبقى جبهة مفتوحة، كما اعلن الرئيس السوري بشار الأسد سابقاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى