مفكرون وسياسيون تونسيون: نحن مع خطّ المقاومة والسعودية الخاسر الأكبر

تونس ـ البناء

تتواصل ردود الأفعال في الأوساط الفكرية والسياسية والإعلامية التونسية، على أثر صدور البيان الختامي لـ«مجلس وزراء الداخلية العرب» في جلسته الثالثة والثلاثين التي عقدت في تونس منذ أيام، والذي تضمّن عبارات تستهدف حركة المقاومة اللبنانية حزب الله حيث تصنّفه أو تصنّف أعماله في دائرة الإرهاب. كما تتواصل المواقف المنددة والمستنكرة والمتبرئة مما جاء في مضمون البيان عبر هبّة جماعية تونسية تؤكّد وقوفها إلى جانب حركات ودول المقاومة وعدم الانجرار وراء أهداف المملكة السعودية الطائفية والخيانية. وفي هذا التقرير نرصد أهمّ التدخّلات لبعض الشخصيات الفكرية، السياسية، الإعلامية والنقابية التونسية:

بن فرج

وفي السياق، وصف النائب عن كتلة «الحرّة» في مجلس الشعب الصحبي بن فرج البيان الختامي لوزراء الداخلية بأنه «فضيحة بجميع المقاييس»، معتبراً «أنّ السعودية تخوض حرباً إعلامية ومعنوية شاملة على حزب الله الذي تحمِّله مسؤولية إخفاقاتها السياسية والعسكرية في العراق وسورية واليمن ولبنان».

ورأى «أنّ إصرار السعودية على تلويث صورة حزب الله عبر وصمِه بالإرهاب يهدف إلى خلط المفاهيم في اللاوعي الجمعي للمسلمين وجعله في سلّة واحدة مع داعش والقاعدة»، مشدِّداً على «أنّ توقيع تونس على البيان الفضيحة بدون تضمين تحفظات عليه أحدث صدمة حقيقية لدى الرأي العام الوطني وأدى إلى موجة عارمة من الغضب وردود الأفعال التي أجبرت وزير الخارجية على التدخل والتملّص، إلى حدّ ما، من البيان ومن المفاهيم التي أرادت السعودية تمريرها عبره».

وأكد «أنّ أزمة البيان الأخيرة أظهرت أنّ غالبية الشعب والنخب في تونس تحمل في وجدانها وقلبها ووعيها ولا وعيها التزاماً بثوابت المقاومة، وتبنّياً لمن يحمل لواءها ورايتها، وأنّ الحملات الإعلامية المتواصلة منذ سنوات لا يمكن أن تمسّ مكانة حزب الله ولا صورة سيد المقاومة».

ألفت يوسف

ورأت الباحثة والأستاذة الجامعية الدكتورة ألفت يوسف، بدورها، «أنّ حزب الله يمثّل آخر معاقل المقاومة ضدّ الصهيونية، إذ ساهم في التصدّي لمؤامرة تفكيك الدولة السورية على غرار دولتي العراق وليبيا»، معتبرة «أنّ الحزب يمثّل طرفاً في إفشال المشروع الأميركي الصهيوني الذي شبّهه المفكر الراحل محمد حسنين هيكل بـ«سايكس بيكو الجديد».

وقالت: «إنّ انزعاج آل سعود وأزلامهم من عرّابي الفوضى الخلاقة والدمار الشامل من حزب الله أمر منطقي لأنّه يقاوم الإرهاب الحقيقي، إرهاب الكيان الصهيوني من جهة، وإرهاب الدواعش واشباههم من جهة أخرى»، مؤكّدة أن «لا عجب أن يصفه صانعو الإرهاب الإخوانيون المتستِّرون بعباءة أميركا بأنه إرهابي لأنه فعلاً يرهب من يريدون دمار البلدان العربية».

المنّاعي

وتساءل مدير المعهد التونسي للدراسات الدولية وعضو البعثة العربية إلى سورية في 2012 الدكتور أحمد المنّاعي، من جهته: «من يرهِب من»؟ وقال: «إنّ السعودية هي الحاضنة الطبيعية للإرهاب والإرهابيين. فهي التي مولت ودربت وسلحت آلاف الإرهابيين لتدمير سورية والعراق وليبيا».

ورأى «أنّ الدول العربية الأخرى التي ساندت رؤية دول الخليج في تصنيف الحزب كتنظيم إرهابي منها من يحتل المراتب الأولى في تصدير الإرهاب ومنها من تُلاحق محكمة الجنايات الدولية رئيسها بتهم ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية».

وأضاف المنّاعي: «إنّ الإرهاب الذي قام به حزب الله يتمثّل في تحرير لبنان من الاحتلال الصهيوني وتمثيل قوّة ردع متواصل في وجهه، ونحن نتوجّه بتحية تقدير لحزب الله وأمينه العام قائد المقاومة العربية».

الشلغمي

وأكّد الكاتب والإعلامي حاتم الشلغمي، من ناحيته، عدم استغرابه تصنيف حزب الله كتنظيم إرهابي «من طرف كيان بني سعود، خصوصاً بعد الانكسارات التي شهدتها عصابات الإرهاب المموّل سعودياً في سورية على يد الجيش العربي السوري و حلفائه».

واعتبر الشلغمي «أنّ البيان السعودي، تحت الاسم العربي، فضح الارتباط العضوي بين الكيان السعودي والكيان الصهيوني»، لافتاً إلى «أنّ ما يجمع حزب الله وسورية وشرفاء العالم الحر هو الخطّ الاستراتيجي المقاوم المتجاوز لكلّ الاعتبارات الدينية، الأيديولوجية، الجغرافية، والسياسية، لأنّ المقاومة اليوم تدافع عن عروبة سورية واستقلالها في مواجهة الإرهاب التكفيري كما دافعت عن عروبة لبنان واستقلاله في مواجهة الإرهاب الصهيوني».

وحيّا الشلغمي الجزائر «على موقفها المبدئي الخالص تجاه القضايا الإقليمية»، مبدياً ارتياحه «للهبّة الشعبية في تونس المساندة لخطّ المقاومة، ما اضطرّ القيادة التونسية إلى التراجع، ولو ظاهرياً، عمّا قامت به»، مؤكداً «أنّ الهزيمة ستكون مصير السعودية ومن تذيل سياساتها».

هلّول

ورأى أستاذ الفلسفة في المعهد التونسي بدر الدِّين هلّول، من جهته، «أنّنا نواجه حرباً شرسة تستهدف المفاهيم والمصطلحات، حيث أننا نعيش في زمن قلب وتزييف هذه المفاهيم، علاوة على الخور الذي لحق بالذهن الجماعي العربي، خصوصاً بعد ما سُمِّي بـ«الربيع العربي» جرّاء الهجمة الإعلامية التي استهدفت في المستوى الأول مفهوم المقاومة والممانعة، حيث أنّ المقاومة في معناها الحقيقي تمثّل تأصيل مبدأ «إنسانية الإنسان»، و إلا لماذا كان و لا يزال غيفارا رمزاً كونياً للمقاومة»؟ وقال: «في نفس المستوى هو حزب الله، كذلك الدولة الوطنية السورية بقيادة الرئيس بشّار الأسد، وهذا الخط الاستراتيجي في مقاومة الظلم والعدوان والهيمنة والتوحّش. السعودية ليست إلا جزءاً من منظومة الظلم والعدوان في العالم ومن الطبيعي أن يقلقها وجود خطّ مقاوم حولها».

غزال

وشدّد ممثل الطلبة في كليّة الآداب في سوسة وعضو الرابطة التونسية لحقوق الإنسان حمدي غزال على أهمية «مساهمة الحزب الفاعلة في مقاومة الصهيونيّة ودوره الوازن في إحداث التوازن الوطني اللبناني والتوازن النّسبي العربي والإقليمي والعالمي في العديد من المحطّات التاريخية والمعارك الوطنية ضدّ الصهاينة»، متسائلاً: «كيف للدولة التونسية وديبلوماسيتها أن يتذيّلا لموقف دولة ضالعة في الإرهاب بطريقة مباشرة وسافرة في اليمن وممولة له بالمال والعتاد في سورية؟». وطالب «بمحاسبة ومقاضاة كلّ من زجّ باسم الدولة التونسية في حرب إمبريالية بالوكالة تتزعمّها السعودية وأذيالها ضدّ قوى الممانعة».

الكنايسي

وعبّر الصحافي والنقابي التونسي الهاشمي الكنايسي عن صدمته، كباقي التونسيين والتونسيات جراء مصادقة تونس على البيان الختامي لمجلس التعاون الخليجي على الإثم والعدوان الذي صنّف حركة مقاومة أذلت العدو الصهيوني وأنهت زمن الهزائم والنكسات العربية». وتساءل الكنايسي: «ما الثمن الذي ستقبضه السلطة في تونس جرّاء المصادقة على هكذا بيان؟».

ورأى «أنّ النظام الخليجي مستعدّ لدفع الغالي والنفيس مقابل تلطيخ صورة حزب الله الناصعة، ومن هنا يتبين لنا أنه رغم الضخّ الإعلامي المتواصل من طرف أجهزة آل سعود والانتهازية السياسية، إلا أنّ الوعي الجمعي التونسي لا يزال في خطّه الأول دعم القضية الفلسطينية واحتضان المقاومة ورموزها، رافعاً أعلام حزب الله وسورية وصور السيد نصرالله والرئيس الأسد في وجدانه ومسيراته».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى