من الموصل إلى فلسطين: سيناريو داعش يهودي
يوسف المصري ـ «البناء»
المعلومات الواردة من روما تتحدث عن استنفار تعيشه الفاتيكان جراء ما حدث من تهجير لمسيحي الموصل في العراق.
وبحسب هذه المعلومات ثمة أسئلة مهمة تسود الأوساط الكنسية في العالم ذات الصلة مع الفاتيكان بخصوص قضية مسيحيي الموصل، ولعل أبرزها ذاك الذي يشكك بخلفيات ما يحدث ويسأل هل ما يحصل من مس بوجود مسيحيي الشرق هو فعلاً نتيجة الفوضى العارمة التي تشهدها المنطقة، أم أن ما يحصل هو نتيجة «لرفع غطاء كبير»، وبالتالي تتم تحته عمليات تهجير المسيحيين وقتل رهبان الكنائس وأيضاً حرقها؟
في الواقع يوجد – بحسب المصادر عينها – نوعان من الإجابة داخل الكنيسة المسيحية عن السؤال الآنف الأول يعتبر أن ما يجري هو نتيجة للفوضى وأن كل الخصوصيات الثقافية الديموغرافية في المنطقة تتأثر بها وليس فقط المسيحيين. وبالتالي ليست هناك مؤامرة ضدهم أو عليهم، على رغم خطورة النتائج.
أما الإجابة الثانية فترى عكس ذلك تماماً، وتحذر من أنه يوجد مستمسكات مادية تؤكد أن مسيحيي الشرق يواجهون محنة جديدة نتيجة وجود قرار دولي بتهجيرهم أو على الأقل بعدم حماية وجودهم.
تحذير روسي
قبل نحو عام جاءت إلى لبنان شخصية كنسية روسية كبيرة، وخلال اجتماعاته أبلغ محادثيه اللبنانيين أنه خلال لقاءاته الأخيرة بمسؤولين غربيين سمع من بعضهم كلاماً واضحاً عن أن الغرب غير معني بحماية الوجود المسيحي في الشرق.
… وأكثر من ذلك، فمثل هذا الكلام كان سمعه مسؤولون لبنانيون ومن بكركي في الاليزية التي رددت آنذاك تبريرات كالقول« «إن الحرية ونيلها لشعوب الشرق الأوسط تستحق تضحيات !! «.
وقبل ذلك، كانت مراجع سياسية لبنانية مسيحية، تقصّدت بعد تعاظم حالة العسكرة الإسلامية المتشددة داخل الثورات العربية، الذهاب إلى عواصم دول الغرب وبخاصة إلى واشنطن ونيويورك للوقوف عند حقيقة ما يتسرب إليهم حول أن حماية الوجود المسيحي في الشرق لم يعد أولوية غربية أو عالمية. وعاد هؤلاء بكلام صريح مفاده أن الغرب لن يوقف رحلة تغيير الشرق الأوسط من أجل حماية عدة ملايين من المسيحيين، وأن المطلوب من المسيحيين للحفاظ على بقائهم الانخراط في «صفوف الثورات العربية« !! وليس هناك حل آخر.
والواقع أن أجواء في الفاتيكان بدأت تميل للاعتقاد بوجود مؤامرة على مسيحيي المشرق خصوصاً والشرق عموماً، وبالتالي فإن الأمر ليس فقط مجرد أنهم يتأثرون من حالة الفوضى العارمة التي تضرب المنطقة. وهناك نوعان من المؤشرات الإضافية يتم استعراضهما للدلالة على أن الأمور مقصودة وتخفي وراءها أهدافاً كبرى المؤشر الأول تخلي الوسطين الدولي والإقليمي عن دوريهما في الإسهام بإنضاج طبخة انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، علماً أن هذه الجهات التي تتذرع بعدم الدخل هي ذاتها التي قامت قبل أشهر بالتدخل من أجل إنتاج الحكومة السلامية الحالية. وآنذاك قيل في الأوساط الدولية إن غاية الحكومة السلامية هي تعبئة فراغ الرئاسة الأولى!.
المؤشر الثاني يتصل بأحداث غزة التي اتسمت بجرائم يهودية ضد المسلمين الفلسطينيين فالطريقة التي أحرق بها المستوطنون الطفل الفلسطيني تعيد ذاكرة الصراع هناك إلى مرحلة الهاغاناه والأرغون الذين كانوا ينفذون جرائم حرب من أجل أن تترك في إثرها عمليات تهجير وترانسفير فلسطيني.
كما تشي بنفس هذا الأمر مذبحة حي الشجاعية، ويضاف إلى ذلك ظهور أن الجيش الإسرائيلي لم يعد قادراً على التصدي بنجاح للمقاومة الفلسطينية الإسلامية وبالأساس لم يعد يعتد به في مهمة منع المقاومة من تجاوز الخطوط الحمر الخاصة بأمن المجتمع الإسرائيلي. والسؤال الذي توجد له أصداء خافتة في محافل دولية هو هل تظهر بمقابل المقاومة الفلسطينية مقاومة إسرائيلية من المستوطنين تأخذ على عاتقها القيام بالمهمة التي لم يعد جيش الدولة العبرية قادراً على تنفيذها. مثل هذا السيناريو الهادف لإطلاق حملة إرهاب إسرائيلية غير رسمية لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، قد يكون أحد نتائج ردود الفعل الداخلية الإسرائيلية على هزيمة نتنياهو وغولاني في حرب غزة، وبالأساس قد يتجسد كوجه آخر من أشكال مؤامرة إطلاق العنان لحالات الفرز المذهبي والطائفي في المنطقة.