واشنطن: صواريخ إيران مصدر قلق لكنها لا تنتهك التفاهم النووي ضرب تحت الحزام في «الحوار الوطني» يطال النصاب الدستوري

كتب المحرر السياسي

لا تبدو التصريحات السعودية العالية الصوت تجاه حزب الله وسوريا وإيران مطابقة للأفعال التي تؤكد مصادر دبلوماسية متابعة أن ما يختصرها هو المساعي العمانية بين إيران والسعودية التي تُحرز تقدماً كان وراء إعلان الرئيس الإيراني عن استعداده لإيفاد من يخوض مفاوضات مباشرة في الرياض، وأن ما جرى على الحدود اليمنية السعودية من تفاوض مباشر بين السعوديين والحوثيين يعكس إحدى نتائجها، وما يجري في جبهات ريف دمشق من مفاوضات لتثبيت الهدنة وتبادل الأسرى والموقوفين والمخطوفين يشكل وجهاً آخر لها، وربما يشهد اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم في القاهرة مناسبة لتظهير بعضٍ منها بكلام سعودي عالي النبرة حول إيران وسوريا وحزب الله، ولكن تساهل مع دعوة مصرية لحصر الجلسة بانتخاب الأمين العام الجديد، ومنحه وقتاً يتيح قيادة الوساطات اللازمة، خصوصاً مع بروز محور عربي غير مستعدّ لتسهيل المهمة السعودية يضم لبنان والعراق وتونس والجزائر لجهة تصنيف حزب الله إرهابياً.

في الملفين اليمني والسوري قالت مصادر دبلوماسية أممية إن الحوار اليمني ـــ اليمني سيلحق بالحوار السوري السوري، رغم أن جماعة الرياض اليمنيين والسوريين لا يبدو أنهم في الصورة، وأنهم ينتظرون تحت شعار الاستعداد للحوار ووضع شروط لا تبدو أكثر من مقدمة للقول كالعادة سنذهب ونرى.

علامات التفاهمات التي تشكل خلفية ضبط إيقاع التسويات بين أطراف المثلث الروسي الأميركي الإيراني، كانت على الضفة الدولية في تزايد، فالكلام العالي السقف الذي ورد على لسان نائب الرئيس الأميركي تعليقاً على التجارب الصاروخية الإيرانية سرعان ما تمّ تصحيحه من البيت الأبيض الذي أبدى القلق من التجارب الإيرانية، لكنه حسم أنها لا تصيب التفاهم الذي تمّ التوصل إليه مع إيران ولا تشكل انتهاكاً إيرانياً لالتزاماتها بموجب هذا التفاهم.

لبنان الواقف على حبل مشدود بين التصعيد السعودي والتفاهمات الدولية يملأ الوقت الضائع بابتكارات تبدو قد فقدت بريقها وقدرتها على تغطية الفراغ السياسي والدستوري، فوقع بعض أركان الحوار بابتكارات غريبة عجيبة، كان الأبرز في هذه الابتكارات ما وصفه أحد المشاركين بالضرب تحت الحزام، حول النصاب الدستوري لانتخاب رئيس الجمهورية، عندما تلاقى «مصادفة» الرئيس فؤاد السنيورة مع الوزير بطرس حرب والنائب سامي الجميل على مقترح اعتماد نصاب النصف زائداً واحد، لتدور حلقة نقاش وسجال حول الأمر الذي بدا مستغرباً، قبل أن ينتفض رئيس مجلس النواب نبيه بري لسحب الموضوع من التداول برفض مجرد البحث فيه.

سفراء مجلس التعاون في السراي

استكمالاً لجهود رئيس الحكومة لترميم العلاقات اللبنانية الخليجية بعد التصعيد الخليجي الأخير ضد لبنان وحزب الله، استقبل الرئيس تمام سلام وفد سفراء مجلس التعاون الخليجي وتناول البحث علاقات لبنان مع دول الخليج.

وأكد سفير الكويت عبد العال القناعي باسم الوفد أننا «لمسنا جميعاً من دولة الرئيس الحرص الأكيد على أطيب العلاقات مع دول الخليج وعلى تدعيمها وتعزيزها دائماً وتأكيده على إزالة أي لبس أو شوائب قد تعيق تقدم هذه العلاقة. وقد حملنا رسالة واضحة إلى دولنا سننقلها بكل أمانة وصدق إلى قادتنا، متمنين لهذه العلاقة دوام التقدم والازدهار والرقي، مؤكدين في الوقت نفسه حرص دول الخليج قاطبة على أمن واستقرار ودولة ومؤسسات لبنان وعلى استمرارنا في تعزيز هذه العلاقة».

وأكدت مصادر رئيس الحكومة لـ«البناء» أن «أجواء اللقاء كانت إيجابية جداً وإن نوعاً من التفاهم قد حصل بين سلام والسفراء لاتخاذ خطوات لإعادة العلاقات اللبنانية – الخليجية إلى ما كانت عليه في السابق واحتواء أي موقف أو حادث قد يؤدي إلى تأزيم الوضع. كما شرح سلام وأوضح موقف لبنان في اجتماع وزراء الخارجية العرب ومنظمة العمل الإسلامي».

وأضافت المصادر أن «سلام لمس من السفراء حرصهم على العلاقات الجيدة مع لبنان الذي يحرص بدوره على أفضل العلاقات مع دول الخليج».

واستبعدت المصادر أي زيارة مرتقبة لسلام أو لوفد يرأسه رئيس الحكومة إلى السعودية في الوقت الحالي، لكنها شددت على أن سلام مرتاح للقاء.

جلسة للحوار الوطني تبحث في الرئاسة

على وقع التصعيد الخليجي ضد لبنان وتفاقم الأزمات الداخلية، انعقدت جلسة الحوار الوطني السادسة عشرة والتي لم تأت على بحث ملف النفايات لا من قريب ولا من بعيد، كما لم تتطرق حتى إلى مؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي ينعقد اليوم في القاهرة، رغم طلب وزير الخارجية جبران باسيل ذلك، بينما تركز النقاش خلال الجلسة على أهمية تفعيل عمل المؤسسات الرسمية، لا سيما مجلسَي الوزراء والنواب وقانون الانتخاب، وتناول النقاش أيضاً الاستحقاق الرئاسي مع طرح قدّمته قوى 14 آذار مخالف للدستور، وهو اعتماد نصاب النصف + 1 في عملية انتخاب الرئيس، ما لاقى رفضاً قاطعاً من رئيس المجلس نبيه بري. كما وشهدت الجلسة سجالاً بين رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية والوزير باسيل على خلفية الميثاقية.

وتقرر عقد الجلسة المقبلة يوم الأربعاء في 30 آذار الجاري.

التفاصيل ص. 2

هل يفجّر عون مفاجأة؟

إلى ذلك يلقي العماد عون كلمة في عشاء التيار الوطني الحر في 14 آذار المقبل، ومن المتوقع أن تحمل كلمة عون مفاجأة هامة ما لم يحصل أي تطور إيجابي لمصلحة التيار الوطني الحر في الملف الرئاسي من قبل الرئيس سعد الحريري.

ورجحت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن تكون هذه المفاجأة هي إعلان عون عن استقالة وزراء ونواب التيار الوطني الحر من الحكومة ومجلس النواب.

وقالت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» إن «احتمال الذهاب إلى رئيس وسطي بعد تعذر انتخاب رئيس من الأقطاب الأربعة ليس وارداً لدى العماد عون، لأن نوعاً كهذا من الرؤساء مرتهنون لإرادة الخارج، بينما التيار الوطني الحر يريد رئيساً للجمهورية يعبر عن إرادة الشعب ومن لديه مرشح يملك التمثيل المسيحي والوطني كالعماد عون فليأتِ به»، وشدّدت على أن «زمن تنصيب الرئيس من قبل السفارات قد ولى ويجب اليوم احترام النظام الديمقراطي».

وعن السجال الذي حصل بين فرنجية وباسيل في جلسة الحوار، أجابت المصادر: «لن نجافي أحداً ولن نغير ثوابتنا وقناعاتنا ولن نفتح سجالات، بل علينا التفكير في المستقبل لإنقاذ بلدنا».

أزمة النفايات نحو الحل…

أزمة النفايات التي غابت عن نقاشات المتحاورين على طاولة الحوار الوطني، حضرت بقوة في السراي الحكومي خلال اجتماع اللجنة الوزارية لإدارة النفايات الصلبة ترأسها رئيس الحكومة تمام سلام، حيث ناقشت اللجنة كل الخيارات المتاحة لحل الأزمة لا سيما خطة المطامر الصحية وطريقة توزيعها على مختلف المناطق اللبنانية على أن تستكمل النقاش اليوم، وقد علمت لـ«البناء» أن «أزمة النفايات تتجه نحو الحل وأن شبه توافق حصل في اللجنة على حل». وإذ رفضت مصادر رئيس الحكومة الغوص في طبيعة الحل الذي ستخرج به اللجنة اليوم، أكدت «ارتياح سلام إلى مسار الأمور والنتيجة التي تم التوصل إليها في اللجنة وأن سلام يعمل وسيعمل بجهد على التوصل إلى حل وإنهاء الأزمة وسيدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء فور انتهاء اللجنة من عملها».

وقبيل اجتماع لجنة النفايات سُجل لقاء جمع سلام والرئيس سعد الحريري في السراي، كان محوره استكمال المشاورات ووضع اللمسات الأخيرة على الحل. وأشار الحريري بعد اللقاء إلى أنه «استعرض وسلام الحلول الممكنة لحل هذا الملف الذي نعمل على إنهائه قبل اجتماع اللجنة»، وإذ أكد الحريري أن القوى السياسية تعمل على الحل، تمنى «أن تصل اللجنة اليوم إلى نتائج وأن يكون هناك انفراج في موضوع النفايات».

وزراء الخارجية العرب في القاهرة اليوم

على صعيد آخر، تتجه الأنظار إلى القاهرة التي تستضيف اليوم اجتماع وزراء الخارجية العرب وسط توقعات لإعادة طرح الدول الخليجية مجدداً مسألة تصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية.

وأكدت مصادر معنية لـ«البناء» «أن باسيل سيكرر موقف الحكومة اللبنانية الرسمي في حال طرح مسألة تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية، وأن باسيل لن يتبنى أي موقف عربي أو خليجي خارج هذا السياق، ولن يتأثر بحملة الضغوط الداخلية ولا بالتصعيد الخليجي ضد لبنان ولن يخرج عن موقف لبنان الرسمي ولا عن قناعاته التي تعتبر أن وصف حزب الله بالإرهاب هو تجنٍّ وظلم، لأن الحزب هو حركة تحرير ومقاومة للعدو الإسرائيلي وللتنظيمات التكفيرية التي صنفها العالم بالإرهاب، فضلاً عن أن دولاً عربية أخرى كتونس والعراق والجزائر لم يوافقوا على القرار الخليجي الذي تم تهريبه بطريقة احتيالية».

وأشارت المصادر إلى جهود حميــدة دولية – إقليمية ذات اعتبار ووزن تعمل على ترتيب لقاءٍ بين الوزير باسيل ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير، وذلك في إطار للملمة العلاقات اللبنانية – الخليجية ولتشكيل ظرف مؤاتٍ لانتخاب رئيس للجمهورية يعكس إرادة اللبنانيين وتطلعاتهم العميقة».

وكان الوزير باسيل قد طلب خلال جلسة الحوار من المعنيين اتخاذ موقف موحد بشأن موقف لبنان في اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم، إلا أن الرئيسين بري وسلام رفضا ذلك واعتبرا أن الاجتماع جلسة لطاولة الحوار وليس جلسة لمجلس الوزراء.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى