خديعة سد الموصل!
نظام مارديني
لم يكن ينتظر العراقيون إلا صيحات الرعب من الإعلام الأميركي والإعلام العربي والعراقي المتناغم معه، مفاده تضخيم الحوادث واختلاق بعضها لخلخلة الوضع الداخلي. جددت الإدارة الأميركية أمس، دعوة الحكومة العراقية إلى التحرك سريعاً لمنع «كارثة إنسانية ذات أبعاد هائلة» في حال انهيار سد الموصل تم تشييده في العام 1983 . وما نسعى إلى التأكيد عليه للعراقيين هو أن خدعة انهيار السد هي سياسة أميركية وشائعة الطوفان الدعائية لها أغراض سياسية أميركية ـ تركية.
ولكن ما الجديد في التوظيف الإعلامي التهويلي لفيلق المهندسين الأميركي، بعد منح بغداد عقد الصيانة إلى الشركة الإيطالية «تريفي»، في هذا الوقت بالذات؟ ألمْ يتحدث الأميركي، كما تشير تقارير رسمية، عن مخاطر الانهيار منذ غزوه للعراق في الأعوام 2005 و2006 و2007؟
والسدّ حقيقة مؤلف من ثلاثة سدود هي: السد الرئيس والسد التنظيمي والبحيرة الاصطناعية التي ترتفع 130 متراً تقريباً عن مستوى سطح البحر بمعنى أصح لا يوجد خوف أو رعب، فهناك منظومة خاصة تضبط السد، والسؤال هو لمصلحة مَن هذا التهويل الطوفاني؟ فطوفان «الشائعات والإشاعات» وبدون فبركة لغوية كفيل بهزّ عروش الدنيا، فكيف بشعب يتعرض باستمرار لمثل هذه الهزات العنيفة منذ الاحتلال الأميركي للعراق؟
المستجد في قصة سد الموصل التي استحوذت على عقول العراقيين هو أن الصراخ الأميركي والتحذيرات من الانهيار بدأت تتعالى بشكل غير مسبوق حتى وصل الأمر بالرئيس الأميركي باراك أوباما أنه بات يشعر بكوابيس وأحلام مزعجة تقضّ عليه مضجعه وتجعله «يفزّ» بين الحين والآخر خشية انهيار السد. ويشكو أوباما للعبادي في اتصال هاتفي حاله بالقول: إن انهيار السد إذا حصل سيغيّر خريطة العراق، حيث ستختفي مدن كالموصل والأنبار مع غرق بغداد.
وفي الجانب العراقي نسمع عن تعليقات كثيرة وكثيرة جداً منها أن الطوفان الذي سيحدث سيكون بوابة لتقسيم العراق إلى أقاليم بعد ان فشلت كل البنادق المعادية لوحدة العراق وهناك من يقول إن الرهان على الطوفان أفضل من الرهان على داعش، لأن من شأن هذا الطوفان أن يرسم الحدود على الأرض بشكل واضح وعندها سيتعامل الجميع مع الأمر الواقع وكأنه فرض عين وكفانا الله شر الانهيار والطوفان.
سؤال الحائر: لماذا الأميركيون يولون أهمية خاصة واستثنائية للسد، بينما المسؤولون العراقيون يتعاملون على «البارد»؟ فيأتيه الجواب بأن للأميركي حساباته وله أهدافه، وقديماً قالوا إذا عُرف السبب بطُل العجب!
إن إثارة المخاوف من انهيار سد الموصل لا تعدو كونها «زوبعة إعلامية في فنجان»، ولكن حتى إذا فجّر الأميركيين سد الموصل لمآرب معروفة، فإن العراق لن يزول بانهيار ألف سدّ.
صيحات الرعب من انهيار السد… «لغوٌ لخلق الإرباك» لدى العراقيين. ثرثرة أميركية عابرة على وجه بحيرة الموصل، ليس إلا!