أسفرت عن استشهاد جندي ومقتل 5 إرهابيين وعشرات الجرحى
في إطار الحرب المتواصلة التي يشنّها الجيش اللبناني ضدّ الجماعات الإرهابية، نفّذ فوجا المجوقل والهندسة وسلاح الجو في الجيش ليل أول من أمس عملية نوعية ضدّ موقع لتنظيم «داعش» على المرتفع 64 في جرد رأس بعلبك أدّت إلى مقتل عدد من المسلحين وتدمير مراكزهم واستعادة التلّة من قِبل الجيش اللبناني.
وفي التفاصيل، وقعت اشتباكات عنيفة ليل أمس بين الجيش ومسلّحي التنظيم الإرهابي بعد هجوم شنّه الجيش على مرتفعات «خلف» في جرود رأس بعلبك، حيث يوجد مركز قيادة محصّن، وقد تمكّن الجيش من تنظيفه والعودة إلى مراكزه.
وأسفرت العملية عن سقوط شهيد للجيش هو العريف محمد السبسبي وعدد من الجرحى، جروحهم طفيفة، ونُقلوا إلى مستشفيي «الأمل» و«الحكمة» في بعلبك، ومقتل 5 إرهابيين وجرح عدد آخر.
وعقب الاشتباكات التي تخلّلها استخدام المدفعية الثقيلة وطائرات الجيش، ساد الهدوء الحذر منطقة المعارك، خرقته رمايات رشاشة وصاروخية بين الحين والآخر.
وصدر عن قيادة الجيش مديرية التوجيه البيان الآتي: «في عملية نوعيّة وخاطفة خلف خطوط المجموعات الإرهابية في منطقة جرود رأس بعلبك، نفّذت وحدة من قوات النّخبة في الجيش اللبناني عند الساعة 3.30 من فجر اليوم أمس ، إغارة ضدّ مجموعة إرهابية كبيرة تنتمي إلى تنظيم «داعش»، متمركزة على مسافة 3 كلم من مراكز الجيش الأمامية وعلى ممرّ حيويّ مقابل لهذه المراكز، حيث اشتبكت مع المجموعة واقتحمت تحصيناتها، موقعةً في صفوف الإرهابيين 5 قتلى وعشرات الجرحى، بالإضافة إلى تدمير منشآت المركز المعادي والآليات الموجودة والمجهّز بعضها برشاشات ثقيلة، فيما لاذ من تبقّى منهم بالفرار. وقد حاول الإرهابيون استقدام تعزيزات إلى المنطقة، فتصدّت لهم طائرات الجيش ومدفعيّته الثقيلة، موقعةً في صفوفهم المزيد من الخسائر بالأشخاص والعتاد.
استشهد للجيش في هذه العملية جندي واحد وأصيب أربعة عسكريين بجروح غير خطرة، وتستمرّ قوى الجيش بقصف تجمّعات الإرهابيين وتحصيناتهم الخلفية بالأسلحة الثقيلة».
ونعتْ قيادة الجيش في بيان الشهيد السبسبي، وهو من مواليد 7/12/1993 ببنين – عكار. مُدّدت خدماته في الجيش اعتباراً من 29/7/2013، ثمّ نُقل إلى الخدمة الفعلية بتاريخ 4/5/2015. حائز على أوسمة عدّة، وتنويه العماد قائد الجيش وتهنئته.
الوضع العائلي: عازب.
ونُقل الجثمان أمس من المستشفى العسكري المركزي – بدارو، إلى منزل والد الشهيد الكائن في بلدة ببنين، حيث استقبل الأهالي الجثمان عند وصوله إلى مدخل البلدة ملفوفاً بالعلم اللبناني، بالورد وصيحات الغضب والحزن الكبير، ورفعه زملاؤه العسكريين وأصدقاؤه ومحبّوه على الأكف.
وانطلق موكب التشييع من ساحة العبدة، وصولاً إلى دارته العائلية، وكان في استقبال الشهيد الوالد والوالدة والأشقاء والأقرباء. وبعد ذلك، انطلق الموكب إلى مسجد الحبيب المصطفى في وسط بلدة ببنين، وتقدّمت النعش ثلّة من رفاق السلاح أدّوا التحية العسكرية على وقع موسيقى الموت التي عزفتها فرقة موسيقى الجيش وحَمَلة الأكاليل والأوسمة.
وشارك في التشييع ممثّل وزير الدفاع الوطني سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي العقيد فوزي خوري، قائد سرية درك عكار الإقليمية العقيد مصطفى الأيوبي، إضافة إلى ضباط من فوج المجوقل، وحشد كبير من الشخصيات السياسية والفاعليات الاجتماعية والتربوية ورجال الدين ورؤساء بلديات ومخاتير وعسكريين.
وأمّ المصلّين الشيخ عماد السبسبي، الذي ألقى خطبة قدّم فيها التعازي إلى العائلة وقيادة الجيش والأهل في بلدة ببنين.
ثمّ ألقى خوري كلمة قال فيها: «إنّ العملية النوعية التي نفّذتها قوة من رجال النخبة في الجيش ضدّ مجموعة إرهابية كبيرة في جرود رأس بعلبك، والتي ارتفع خلالها شهيدنا البار محمد، وهو يتعملق شجاعة وإقداماً وبطولة، أثبتت مرة جديدة قدرة الجيش على حماية الوطن من الأخطار وعزمه على استئصال الإرهاب من جذوره، فلا مُهادنة مع التنظيمات والخلايا الإرهابية تحت أي ظرف من الظروف، ولا مساومة على حق الجيش في الدفاع عن كل شبر من تراب الوطن وتوفير الأمن للمواطنين والضرب بيدٍ من حديد كل من يحاول استدراج نار الفتنة والفوضى إلى أيّ بقعة لبنانية».
وختم: «آلمنا جميعاً رحيلك المفاجئ، وتوقّف مسيرة عطائك لجيش وطنك وأنت في ريعان الشباب».
ثم قرأ نبذة عن حياة الشهيد، ليوارى بعد ذلك في الثرى في مدافن العائلة، التي تقبّلت التعازي من الجموع المشاركة.
إشادات بالجيش
وفي سياق ردود الفعل على هذه العملية العسكرية النوعية، رأى رئيس حزب التضامن النائب إميل رحمه في بيان، «أنّ الجيش اللبناني يسطّر مرة جديدة إنجازاً جديداً يُضاف إلى انتصاراته وإنجازاته العديدة من حربه ضدّ الجماعات التكفيرية الإرهابية، بصدّه ودحره لهذه الجماعات ليل أول من أمس في جرود رأس بعلبك والقاع والفاكهة – الجديدة وعرسال، وعلى طول جرود البقاع الشمالي.
وتوجّه رحمة إلى «أهلنا هناك بأسمى آيات التقدير والافتخار لصمودهم الوطني الرائع»، وتقدّم «من قائد الجيش والمؤسسة العسكرية ومن أهل الشهيد البطل في الجيش اللبناني، الذي سقط دفاعاً وذوداً عن أرض لبنان وأهله بأصدق وأحرّ التعازي القلبية» متمنّياً الشفاء العاجل لرفاقه الجرحى الأبطال.
كما وجّه النائب نضال طعمة رسالة تعزية إلى عائلة الشهيد السبسبي ولقيادة الجيش، مؤكّداً أنّ الجيش يبقى «ضمانتنا جميعاً، ولا يسعنا إلّا أن ننحني أمام تضحياته الجّسام».
وتوجّهت الهيئة القيادية في «حركة الناصريين المستقلين – المرابطون» في بيان، بـ«التحية إلى أبناء جيشنا الوطني بقيادة العماد جان قهوجي»، مثمّنةً «إصراره على مواجهة فلول الإرهابيين على الحدود الشمالية اللبنانية – السورية».
وأعربت عن تقديرها «لقيمة الدماء المقدّسة لجنودنا البواسل»، مباركةً لقيادة الجيش باستشهاد الشهيد السبسبي. ودعت «القوى السياسية والاجتماعية كافة إلى دعم الجيش والوقوف معه لأنّه الضامن الوحيد لوجودنا كمواطنين أعزاء في وطن ذي سيادة وكرامة».
بدورها، حيت «جبهة العمل الإسلامي» في لبنان في بيان، «تضحيات الجيش اللبناني وجهوده الجبارة في الحفاظ على وحدة الوطن وسيادته في مواجهة الجماعات الإرهابية والتكفيرية المتطرّفة في جرود رأس بعلبك عرسال»، مشيدة بـ«تصميم وعزم قيادته والقوى الشعبية المقاومة لمنع هؤلاء من التمادي وحصرهم واستهدافهم والقضاء عليهم».
وتقدّمت «القوات اللبنانية – منطقة البقاع الشرقي»، في بيان، من الجيش قيادةً وضباطاً وعناصر، بأخلص مشاعر التعزية باستشهاد السبسبي
وأشادت بالعملية النوعية التي نفّذها الجيش في جرود رأس بعلبك واضعةً كل قدراتها وإمكاناتها بتصرّفه «إذا ارتأى ذلك أو لزم الأمر».