كيف يمكن مواجهة تصاعد الإرهاب

حميدي العبدالله

تصاعدت الهجمات الإرهابية على امتداد العالم، لا يمرّ يوم لا تُسجَّل فيه هجمات في دول أفريقية أو في مصر أو السعودية أو تونس، أو حتى في دول غربية.

كان الهجوم الأخير على بن قردان في تونس والذي سبقته سيطرة «داعش» على مناطق واسعة من ليبيا حدثاً كبيراً، رغم التحالفات الدولية والإقليمية الكثيرة التي أُعلن عنها لمكافحة الإرهاب، بعض هذه التحالفات عمرها أكثر من عقدين، وهو التحالف الذي يضمّ الحكومات الغربية، وبعض حكومات المنطقة بقيادة الولايات المتحدة، إذ أنّ عمره يمتد إلى مرحلة شنّ «القاعدة» بقيادة بن لادن هجمات على مرافق أميركا في أكثر من مكان في العالم.

ما هو السبب الذي يفسر أنّ الأمور تتطور عكساً وليس طرداً مع تشكيل تحالفات لمكافحة الإرهاب؟

لا بدّ أن تكون هناك أسباب موضوعية تفسر هذه الظاهرة، ويمكن في سياق الإجابة على هذا السؤال لحظ الآتي:

الإرهاب يعمل بشكل متناغم وفي ظلّ قيادة مُوحّدة، هي الآن قيادة «داعش» وكانت في السابق قيادة «القاعدة»، والتنظيمات الإرهابية حولت العالم إلى ساحة واحد ولم تأبه لوجود الحدود الوطنية والحكومات المحلية، في حين أنّ الردّ على الإرهاب لا يزال محصوراً في إطار الحكومات المحلية، كلّ حكومة تواجه بمفردها الإرهاب. مصر تواجهه وحدها، وتونس كذلك، وفي أغلب الأحيان يغيب التنسيق حتى في حدوده الدنيا، وبديهي أنّ هذا من شأنه أن يؤثر سلباً على حملات مكافحة الإرهاب ويحدّ من نجاحها، فلو كان هناك توحيد فعلي لجهود الحكومات المستهدفة من الإرهاب لما حقق الإرهابيون النجاحات التي حققوها حتى الآن.

لا تزال الحكومات الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ترى أنه يمكن توظيف الإرهاب بما يخدم مصالحها، ولعلّ أكبر مثال على هذه السياسة القائمة وعلى التواطؤ مع الإرهاب، ما جرى ويجري في سورية والعراق منذ أكثر من سنتين، على الأقلّ، حيث تشترط واشنطن لمقاتلة الإرهاب قتالاً جدياً في هذين البلدين، إعادة وصايتها على العراق، وخلق نفوذ لها في سورية عبر رهن أي حلّ سياسي بالحصول على هذا النفوذ داخل الدولة السورية.

وبسبب ميوعة مواقف الحكومات الغربية، وتحديداً الولايات المتحدة من الإرهاب، نشأت فجوة أتاحت للحكومات في المنطقة، مثل الحكومة التركية وإمارة قطر والحكومة السعودية، لإقامة علاقات مريبة مع التنظيمات الإرهابية ومدِّها بالمال والسلاح، حتى وإن لم يكن ذلك بصورة صريحة ومباشرة، ولكنّ النتيجة واحدة، عدم فعالية الحرب ضدّ الإرهاب.

هذه بعض وليس كلّ الأسباب التي تفسِّر تصاعد الإرهاب على الرغم من كثرة التحالفات لمحاربته.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى