غزة والموصل تنجحان حيث فشلت الرئاسة: النصاب السبت بديلاً من فقدانه المتتالي
لم تكن الجلسة التاسعة لانتخاب رئيس الجمهورية أفضل من سابقاتها، بل كانت من حيث العدد أسوأ مع تراجع حضور النواب الى ساحة النجمة مع كلّ موعد جديد، فلم يدخل القاعة العامة أمس الا 48 نائباً.
لا نصاب في جلسة الأمس. المشهد الباهت والملل سيتكرّر في الجلسة العاشرة التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري في 12 آب المقبل. بيد انّ هذا النصاب سيتأمّن يوم السبت المقبل عند الثانية عشرة ظهراً في الجلسة التي دعا اليها رئيس المجلس تضامناً مع غزة البطلة ضدّ الإرهاب «الإسرائيلي» ومع مسيحيّي الموصل وجوارها ضدّ الإرهاب التكفيري.
نجحت غزة والموصل حيث فشلت الرئاسة الأولى، فمثلما وحّدت غزة الإعلام التلفزيوني يوم الاثنين الماضي، ستوحّد فلسطين والموصل مجلس النواب الذي سيشهد السبت وقفة تضامنية موحدة من مختلف الكتل السياسية مع غزة ومع مسيحيّي المشرق، وإنْ كانت 14 آذار لجأت مرة جديدة الى انتهاج سياسة التعطيل وعرقلة المجلس النيابي بمزايدتها عبر الدعوة التي تلاها النائب احمد فتفت من غرفة الصحافة لجميع النواب اللبنانيين، الى لقاء تضامني في مجلس النواب عند الساعة العاشرة من صباح اليوم وذلك تضامناً مع مسيحيّي العراق وسورية الذين يتعرّضون للاضطهاد والتهجير والتنكيل، ورفضاً للممارسات الظلامية والإلغائية التي يمارسها تنظيم «داعش» وإفرازاته المتطرفة بحق المكوّن المسيحي في العراق وسورية، الذي يشكل أحد مظاهر الحضارة العربية الجامعة والنقيض للعنصرية الدينية والعرقية الصهيونية، الا أنها سارعت الى إلغاء اللقاء التضامني والمشاركة في الجلسة العامة السبت 26 تموز الساعة 12 ظهراً، ادراكاً منها أنّ هذا التمايز السلبي لن ينعكس ايجاباً عليها في ظلّ ممارساتها التعطيلية للمجلس النيابي ومقاطتعها التشريع، لا سيما انّ الرئيس بري كان دعا الى الجلسة قبل ان يدلي النائب فتفت بدلوه.
في المجلس النيابي حضر إرهاب «داعش». وحضر إرهاب «إسرائيل». إذ استنكرت النائب ستريدا جعجع في المؤتمر الصحافي الذي عقدته ما يحصل لمسيحيّي الموصل الذين خيّروا بين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو الموت، ومعاناة الشعب الفلسطيني حيال ما يتعرّض له من قصف عشوائي في غزة وتنكيل أدى إلى سقوط المئات من الضحايا المدنيين، والعديد بينهم من الأطفال الذين رفضت جعجع، عن قصد أو غير قصد، وصفهم بالشهداء، فهي عندما تحدثت عن قصف عشوائي، لم تأتِ أيضاً على ذكر العدو «الاسرائيلي». لقد بدا التضامن القواتي مع الشعب الفلسطيني كتضامن رفع العتب، والحال مع مسيحيّي الموصل بعدما كان رئيس القوات سمير جعجع يبرّر العمليات الإرهابية التكفيرية في لبنان وسورية.
في مبنى مكاتب مجلس النواب التي كانت تصفر، لخلوّها من سعاداتهم لا سيما نواب كتلة الوفاء للمقاومة وتكتل التغيير والإصلاح الذين يلتزمون مكاتبهم عند كلّ جلسة عامة في ظلّ عدم التوافق، عقد اجتماع بين وزير المال علي حسن خليل ورئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان، أعقب ذلك اجتماع بين وزير المال والرئيس فؤاد السنيورة والسيد نادر الحريري، ووزير الصحة وائل أبو فاعور، والنائب جورج عدوان، والنائب غازي يوسف وانتهى على اتفاق بدفع رواتب موطفي القطاع العام لهذا الشهر بتطبيق القاعدة الإثني عشرية على نفقات موازنة 2005 مضافة اليها مخصصات القانون 238، الذي أقرّ في المجلس النيابي والذي زاد نفقات الموازنة بقيمة 8900 مليار ليرة، فتتأمّن الرواتب من الاحتياطي المتوافر بهذا القانون، على أن يتمّ استكمال البحث في هذه القضية وموضوع سلسلة الرتب والرواتب بعد عيد الفطر.
وفيما تبلغ الرئيس السنيورة أن لا تسوية على الـ11 ملياراً، جدّد الوزير خليل التزامه عدم السير بأي اتفاق إضافي من دون إجازة من المجلس النيابي ورفضه اعتماد سلف الخزينة، واستعداده في المقابل تسهيل اي إجراء من ضمن القوانين لتأمين رواتب الموظفين.
وأكد النائب كنعان لـ«البناء» أنّ هذا «الحلّ هو ظرفي وموقت جداً ويؤثر سلباً في الإدارات والوزارات التي لن تستفيد بعد اليوم من الاحتياط لغياب الموازنة».
وأشار كنعان إلى أنّ «الحلّ الجذري يكون باستعادة المالية العامة الى كنف الدستور وقانون المحاسبة العمومية الذي يمنع أي صرف غير مستند الى قانون صادر عن المجلس النيابي، والا سنستمرّ في الدوامة نفسها بارتفاع العجز وبدين يتبعه بالوتيرة التصاعدية».
وحمّل كنعان مسؤولية دفع لبنان الى هذا الوضع المالي والاقتصادي الى من يرفض هذا الإصلاح المطلوب منذ زمن طويل ويطالب بتسويات على مخالفات ارتكبها، فالمخالفات معالجتها بالقضاء المالي والمجلس النيابي لا بقوانين العفو.
ولما كان كلام النائبين ستريدا جعجع وانطوان زهرا عن عرقلة حزب الله والتيار الوطني الحرّ جلسة انتخاب الرئيس بتعطيل النصاب اجتراراً للكلام القواتي على مدى الجلسات الثماني السابقة، فالبارز كان مسارعة النائب روبير غانم الى الردّ على مبادرة العماد ميشال عون متأخراً، باعتباره موضوع انتخاب الرئيس من قبل الشعب ليس مجرّد فكرة تطبيقية بل هو انقلاب شامل، لأنّ إدخال عامل الأرقام على الميثاق الوطني كفيل بإنهاء وجود لبنان.
هـ.د.