يا تلاميذ غزة

نزار قباني

يا تلاميذ غزة

علّمونا

بعض ما عندكم

فنحن نسينا

علّمونا

بأن نكون رجالاً

فلدينا الرجال

صاروا عجيناً

علّمونا

كيف الحجارة تغدو

بين أيدي الأطفال

ماساً ثمينا

كيف تغدو

دراجة الطفل لغماً

وشريط الحرير

يغدو كميناً

كيف مصاصة الحليب

إذا ما اعتقلوها

تحوّلت سكيناً

يا تلاميذ غزة

لا تبالوا

بإذاعاتنا

ولا تسمعونا

اضربوا

اضربوا

بكل قواكم

واحزموا أمركم

ولا تسألونا

نحن أهل الحساب

والجمع

والطرح

فخوضوا حروبكم

واتركونا

إنّنا الهاربون

من خدمة الجيش

فهاتوا حبالكم

واشنقونا

نحن موتى

لا يملكون ضريحاً

ويتامى

لا يملكون عيوناً

قد لزمنا جحورنا

وطلبنا منكم

أن تقاتلوا التنينا

قد صغرنا أمامكم

ألف قرن

وكبرتم

خلال شهر قرونا

يا تلاميذ غزة

لا تعودوا

لكتاباتنا ولا تقرأونا

نحن آباؤكم

فلا تشبهونا

نحن أصنامكم

فلا تعبدونا

نتعاطى

القات السياسي

والقمع

ونبني مقابر

وسجونا

حرّرونا

من عقدة الخوف فينا

واطردوا

من رؤوسنا الأفيونا

علّمونا

فن التشبث بالأرض

يا أحباءنا الصغار

سلاماً

جعل الله يومكم

ياسمينا

من شقوق الأرض الخراب

طلعتم

وزرعتم جراحنا

نسرينا

هذه ثورة الدفاتر

والحبر

فكونوا على الشفاه

لحونا

أمطرونا

بطولة وشموخا

إن هذا العصر اليهودي

وهم

سوف ينهار

لو ملكنا اليقينا

يا مجانين غزة

ألف أهلاً

بالمجانين

إن هم حرّرونا

إن عصر العقل السياسي

ولى من زمان

فعلمونا الجنونا

عجبت لقلب يحمل هم أمة…

و لأمة لا تحمل هم حتى فرد منها …

عجبت لحياة تُفتدى….

و لفداء لا يساوي شيئاً….

عجبت لنور ينازع للولادة…

في عالم أعمى …

عجبت لبقايا أشلاء تنبض..

و لأجساد تحيا دون حياة…

عجبت أن كل القلوب تعرف الحب و تقدسه و تتمناه …

و الحب ..دعاء و عمل …

و الدعاء عند الصدق أقوى من أية قذيفة….

و عجبت أنني أحيا ..و لا معنى لحياتي أو موتي …

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى