وزير الخارجية النمساوي يطالب بإغلاق المزيد من الحدود في أوروبا
أدلى الناخبون الألمان أمس بأصواتهم في انتخابات ثلاث ولايات مع مواجهة المحافظين بزعامة المستشارة انغيلا ميركل خطر التعرض لنكسات من شأنها إضعافها في الوقت الذي تحاول فيه إجازة اتفاق لحل أزمة المهاجرين في أوروبا.
وتمثل الهجرة قضية ساخنة مع تزايد قلق الكثيرين بشأن كيفية مواجهة ألمانيا أزمة لاجئين شهدت وصول أكثر من مليون شخص إلى البلاد العام الماضي.
وفقد حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه ميركل التأييد أمام حزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للهجرة والذي استفاد من الاستياء المتزايد.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي سيبقى أكبر حزب في ولاية ساكسونيا أنهالت في ألمانيا الشرقية السابقة. وفي الغرب فقد يتفوق عليه حزب الخضر في ولاية بادن-فورتمبيرج حيث يعد حالياً أكبر حزب. وفي ولاية راينلند بالاتينات حيث احتل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المركز الثاني بفارق بسيط المرة الماضية تشهد الانتخابات تقارباً كبيراً بحيث يصعب التكهن بنتائجها.
والفشل في الفوز في ولايتين على الأقل من الولايات الثلاث سيكون ضربة لميركل في الوقت الذي تحاول فيه استغلال وضعها كأقوى زعيمة في أوروبا لإجازة اتفاق للاتحاد الأوروبي مع تركيا لوقف تيار المهاجرين.
وكان آلاف الأشخاص قد تجمعوا قرب محطة القطارات المركزية في برلين، أول من أمس، للتظاهر احتجاجاً على سياسة ميركل تجاه المهاجرين.
وشارك في الاحتجاجات ممثلون عن أحزاب سياسية معارضة، منها «البديل لألمانيا» اليميني، وحركة «بيغيدا» المعادية لأسلمة أوروبا، حاملين أعلام ألمانيا ومرددين هتافات «على ميركل الرحيل»… ولا للشريعة في ألمانيا»… «السياسيون يرحلون والشعب يبقى».
وذكرت الشرطة المحلية، أن عدد المحتجين نحو 2500 شخص، في حين قال ممثل عن شرطة العاصمة المحلية إن حوالى 1000 شخص آخرين شاركوا في احتجاجات مضادة، في نفس الوقت وبالقرب من المحطة أيضاً.
وفي السياق، أعلنت المستشارة الألمانية أنه على اللاجئين الذين وصلوا إلى بلادها أن يستعدوا للاندماج في المجتمع الألماني، بل ويعتبر ذلك واجباً عليهم.
وقالت في خطاب ألقته في مدينة هايغرلوخ التابعة لولاية بادن-فورتمبيرغ، في إطار الحملة الانتخابية لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تترأسه «نتوقع أن يقبل اللاجئون مقترحاتنا في ما يتعلق بالاندماج ، فإن ذلك يعد واجباً، وليس ممكناً فحسب».
وشددت ميركل على ضرورة أن يحترم اللاجئون القوانين الألمانية، لافتة إلى أحداث كولونيا التي شهدت ليلة رأس السنة الجارية اعتداءات جماعية على نساء من قبل رجال «ذوي ملامح عربية وشمال أفريقية»، بحسب شهود عيان.
بهذا الصدد، قالت المستشارة الألمانية: «إذا افترض أحد أنه يمكنه معاملة النساء بغير احترام، فـ عليه أن يأخذ في عين الاعتبار أنه يوجد في بلد غير مناسب لذلك».
الى ذلك، اعتقلت الشرطة الفرنسية، 14 من نشطاء اليمين المتطرف في ميناء كاليه شمال غرب فرنسا، بعد مظاهرة نظموها احتجاجاً على وجود آلاف من المهاجرين بالقرب من المدينة.
وقالت السلطات المحلية إن نحو 80 من نشطاء مجموعة «جيل الهوية» شاركوا في المظاهرة غير المصرح بها والتي قامت قوات الأمن بتفريقها، حيث تمكن المحتجون من محاصرة جسرين داخل المدينة، كما أضرموا النار في إطارات، وحاولوا منع دخول المهاجرين في الميناء من دخول وسط المدينة.
وفي بيان ذكرت مجموعة «جيل الهوية» أن 130 شاباً شاركوا في المظاهرة، مؤكدة أنها تمكنت من بسط السيطرة على «ثلاثة جسور تتيح للمهاجرين دخول مدينة كاليه». ورفع المحتجون لافتات تدعو إلى «التصدي لغزو أوروبا والدفاع عن مدينة كاليه».
وقالت المجموعة في البيان إن تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين أدى إلى تنامي الجريمة و«انحلال تام للنسيج الاجتماعي والاقتصادي». وكتبت المجموعة عبر صفحتها في فيسبوك «على مدى أربعة أشهر كانت كاليه رمزاً لما يجري الآن في أوروبا، ومنذ بداية غزو اللاجئين شهدت المدينة هجمات على الشرطة وسائقي الدرجات النارية والشاحنات ناهيك عن التفكك الاجتماع والاقتصادي».
وحملت المجموعة زعماء فرنسا وأوروبا بكاملها مسؤولية تفاقم الوضع في المدينة قائلة: «إذا رفضت الحكومات الأوروبية إغلاق الحدود لحماية شعوبها فإن المواطنين سوف يقيمون المتاريس كما هو اليوم في كاليه». وسبق هذه الاحتجاجات اندلاع حريق داخل مخيم اللاجئين في المدينة لأسباب لم تعرف لحد الآن.
وطالما كانت كاليه نقطة جذب للمهاجرين الذين يحاولون التسلل عبر بحر المانش إلى بريطانيا، وأصبحت نقطة ساخنة في الموجة غير مسبوقة من الوافدين المهاجرين في أوروبا، وتجمع آلاف الأشخاص الذين فروا من الحرب والفقر في الشرق الأوسط وإفريقيا، في مخيم بكاليه وفككته السلطات تدريجياً.
جاء ذلك في وقت استبعد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، تقديم تنازلات لتركيا بشأن حقوق الإنسان أو تأشيرات دخول الأتراك إلى الاتحاد الأوروبي مقابل إيقافها تدفق اللاجئين إلى أوروبا.
وقال هولاند في كلمة للصحافيين: «يجب عدم تقديم أي تنازل على صعيد حقوق الإنسان أو معايير رفع تأشيرات الدخول»، وذلك قبل استئناف المفاوضات الأسبوع المقبل في بروكسيل خلال قمة بين أنقرة ودول الاتحاد الأوروبي الـ28، حول اللاجئين.
جدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي وأنقرة اتفقا الاثنين 7 آذار على اقتراح أولي تقوم تركيا بموجبه باستقبال اللاجئين العالقين في اليونان، كما ينص الاقتراح على ترحيل لاجئين من دول أوروبية إلى تركيا، لكن الأمم المتحدة انتقدت ما تم التوافق عليه في بروكسيل.
في غضون ذلك، أعلنت وزيرة الداخلية النمساوية يوحانا ميكل لاينير أن حكومة بلادها اتخذت قراراً ببناء حواجز حدودية جديدة، وذلك على خلفية أزمة اللاجئين التي تمر بها أوروبا حالياً، وقالت إنه «بعد إغلاق طريق البلقان سيبدأ اللاجئون باستخدام طرق أخرى، ولهذا السبب نجري استعدادات لحماية حدود النمسا».
وأشارت الوزيرة إلى أن السلطات النمساوية تخطط لتشديد إجراءات الرقابة الحدودية في 12 نقطة تفتيش، مضيفة أن هذه الإجراءات تشمل إقامة الحواجز والأسيجة وفرض نظام الرقابة الذي سينفذه كل من عناصر الشرطة والعسكريين في آن واحد.
وشددت ميكل لاينير على أن بلادها لن تقوم بإيواء اللاجئين السوريين الآتين من تركيا واليونان على أراضيها طالما لم يستعد الاتحاد الأوروبي سيطرتها على حدوده الخارجية.
كما أعربت وزيرة الداخلية النمساوية عن شكوكها إزاء فاعلية الاتفاق حول تسوية أزمة اللاجئين، الذي من المرتقب أن يوقعاه الاتحاد الأوروبي وتركيا.
من جهته، طالب وزير الخارجية النمساوي سابستيان كورتس، بإغلاق مزيد من الحدود في أوروبا. وقال: «ما يتم في طريق غرب البلقان نحتاج إلى أن نقوم به أيضاً في طريق إيطاليا البحر المتوسط»، مشدداً على ضرورة أن يدرك اللاجئون الذين يريدون الوصول إلى أوروبا الوسطى بأن «الوضع انتهى ولم يعد كما كان».
ودافع كورتس عن الإجراءات التي اتخذتها حكومته حالياً قائلاً: «أتفهم الأسباب الإنسانية التي كانت وراء استقبال اللاجئين القادمين من اليونان، لكننا قلقين لأن مزيد من اللاجئين شقوا طريقهم عبر البلقان وكان من المهم إغلاق هذا الطريق».
وفي سياق متصل وجه رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف طلباً لرئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك بضمان حماية الحدود البلغارية من تدفق اللاجئين في إطار الاتفاق بين الاتحاد وتركيا.
وأعلن بوريسوف أن سلطات بلاده سترسل الأحد المقبل 400 عسكري إلى الحدود البلغارية اليونانية لضمان الأمن هناك، مضيفاً في الوقت نفسه أن الحكومة تبحث إمكانية بناء حواجز جديدة على الحدود مع اليونان.
وتأتي هذه التطورات على خلفية إلغاء قادة الاتحاد الأوروبي وتركيا «مسار البلقان»، الذي كان طريقاً أساسياً استخدمه اللاجئون من الشرق الأوسط للوصول إلى عمق أوروبا.