داعش يهدّد لبنان من الرقة ومصدر مقرّب من قيادة المقاومة يردّ

روزانا رمّال

توازياً مع التعقيدات التي يعيشها لبنان المرشح للانفجار في أي لحظة كما إلى الانفراج، في ما يخص الملف الرئاسي وملفات داخلية لا تقلّ أهمية مثل أزمة النفايات التي تزداد تعقيداً، يعرض تنظيم داعش الجهادي التكفيري «ولاية الرقة» فيلماً قصيراً يهدد فيه معظم سكان لبنان وقياداتهم و»طواغيته» على ما وصف حكامه بالهجوم من دون أن يستطيع أحد ردعه. وبعكس المرات السابقة يهدّد داعش من معقله الأساسي «الرقة» المعروفة برمزيتها ودلالاتها والتي تعيش بظل ما يشبه الإمارة أو الدويلة المتطرفة في محاولة لإضفاء نوع من الجدية والدقة، فيما يتوجه إليه في وقت يعلن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن استعداد موسكو للتنسيق مع واشنطن في سوريا بسبيل تحرير الرقة.

الانتقال الأميركي الروسي من مرحلة الحديث عن حلب إلى الحديث عن معركة لمكافحة الإرهاب في الرقة، يعني الانتقال إلى نقطة اللاعودة في حياة التنظيم الذي يتخذ من تلك المنطقة صلب تواجده في سوريا والعراق وما تبقى له من هامش يضمن بقاءه. أما الحساب الأميركي فيبدو أنه نابع من رغبة تقديم إدارة البيت الأبيض الحالية قبل نهاية عهد أوباما شيئاً مبهراً للأميركيين ببدء معركة القتال الأدق والظهور بمكانة تجعل من واشنطن متفوقة على موسكو ورائدة في مكافحة الإرهاب دولياً بعد كل ما حظيت به «الرقة» من تعاطف دولي لما تعرضه التقارير الواردة من هناك من اضطهاد وظلم يعيشه القابعون تحت سلطة الإمارة المتطرفة. وبالتالي فإن المنتصر في تلك المنطقة سيتوّج بديهياً رقماً أول في مكافحة الإرهاب في العالم.

التهديد الذي توجّهت به المجموعة الجهادية يتزامن مع تصعيد سعودي كبير ضد لبنان الرسمي وحزب الله بشكل خاص وبعد إعلانه تنظيماً إرهابياً في مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية. وهنا لا يخفى على جزء كبير من اللبنانيين اعتبارهم أن السعودية مع «إسرائيل» هي المغذي الرئيسي لهذه الحركات التنظيمية وبالتالي فإن أي تحرك في لبنان بهذا الإطار وضمن هذا التوقيت الحساس يترجم يداً سعودية تتوخّى الفوضى في البلاد وخلط الأوراق بشكل مباشر، خصوصاً أن الترجيحات تشير إلى مخاطر فوضى قد تجعل من موقع الحكومة بخطر جراء الملفات الداخلية العالقة التي حركت الشارع مجدداً والنفايات أبرزها.

الرئيس الأميركي باراك اوباما تحدث لمجلة اتلانتيك الأميركية ضمن ما نشرته تحت عنوان «عقيدة اوباما» عن أن بعض دول الخليج وتحديداً السعودية هي المغذي الأساسي لداعش منذ أيام، ما رفع منسوب القلق في لبنان عن اعتبار المسألة مرتبطة بمسلسل من الاستهدافات المتتالية من السعودية في البلاد.

مصدر مقرب من قيادة المقاومة يردّ عبر «البناء «عن تهديد جهاديي داعش للبنان فيقول «إن قراءة أي تهديد من زاوية عملية لقوى تحترم مسؤولياتها هي أخذه بجدية واتخاذ الترتيبات المناسبة للتعاطي معه دون أن يعني ذلك اعتباره تهديداً جديداً، فالحرب مع داعش مستمرّة ومتصلة منذ وقت طويل وعلى أكثر من جهة وما «يستطيعه» فإنه يقوم به دون الحاجة للتهديد، لأن التهديد يفقده عنصر المفاجأة، وقيمته دائماً سياسية وليست عملانية، وأقوى التهديدات تلك التي تأتي من جهة لا تناصب العداء لجهة أخرى، بأنها ستنقلب عليها أو من جهة لا تعبر عن خصومتها عسكرياً، بأنها ستفعل ذلك، أما وأن تأتي التهديدات مع من تدور معه حرب مفتوحة، فليس لتهديده معنى بالنسبة لمن يقف في جبهات القتال ما يعني أنه موجه لغير الذين يقاتلهم، وعن إمكانية أن تكون لعمليات الجيش اللبناني الأخيرة علاقة بالتهديدات يجيب المصدر «أعتقد أن هذه وظيفة تهديد داعش وهي رسالة سياسية بعد عمليات الجيش اللبناني النوعية في شرق لبنان، لتقول للداخل اللبناني إنه سيكون مستهدفاً بأعمال إرهابية تقتل الأبرياء ما لم يوقف الجيش عملياته وان داعش الذي ظهر ضعيفاً عسكرياً بوجه الجيش قادر على أن يؤذي البيئة الحاضنة للجيش ما لم تتوقف هذه العمليات».

وعن تزامن التهديدات مع التصعيد السعودي بوجه لبنان والمناخ السياسي يلفت المصدر إلى انه «متصل حكماً بوظيفة داعش الإقليمية التي ظهرت في عمليات استهداف المصريين في ليبيا وعقاب تونس بعد موقفها من تصنيف حزب الله إرهابياً في بيان وزراء الداخلية العرب وكل ما يساند حزب الله يصيب «إسرائيل» حكماً، ما يؤكد في الحالتين ان داعش مخلب يتحرك إقليمياً بحسابات تركية ـــ «إسرائيلية» ربما نفسها تفسر عمليات داعش الأوروبية والفرنسية، خصوصا لحساب المنطقة الآمنة التي كان يريدها الأتراك وفي سبيلها تحرك سلاح تدفق اللاجئين او لعقاب فرنسا على مقاطعة منتجات المستوطنات «الإسرائيلية». وفي الحالة اللبنانية مصلحة «إسرائيلية» بالإرباك الأمني بالتأكيد»، خصوصاً في مناخ التصعيد السعودي ضد حزب الله والتوتر المذهبي الذي يريد إثارته ما يجعل تهديد داعش، يختم المصدر «رافعة لاستنهاض مواقف لبنانية تحمّل حزب الله مسؤولية أي أعمال تلحق الأذى بمواطنيه وتوظيفها للتعبئة المذهبية ضده. وفي كل الأحوال محور المقاومة يدرك أنه في حالة حرب ولا يعتبر أن التهديد يضيف جديداً نوعياً إلى قواها».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى