قرار الجامعة العربية: إدانة لحزب الله أم للنظام العربي الرسمي؟

حميدي العبدالله

منذ نشأتها في منتصف عقد الأربعينات، كانت الجامعة العربية المُعبِّر الأمين عن النظام العربي الرسمي.

حصل انقطاع في هذا التعبير امتدّ بين أعوام 1952 و1970، أي في فترة تولي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر رئاسة مصر. طيلة هذه الفترة كانت الجامعة العربية أشبه ما تكون بمؤسسة مجلس الأمن التابعة للأمم المتحدة قبل انتهاء الحرب الباردة واندثار المعسكر الاشتراكي. أي كانت إطاراً للتسويات بين تيار التحرُّر الوطني وتيار التبعية والهيمنة الذي ضمّ غالبية الأنظمة العربية.

بعد رحيل عبد الناصر، عادت الجامعة العربية إلى سيرتها السابقة، عادت إلى مراحل نشأتها التي تعبِّر عن مصالح الأنظمة العربية المرتبطة بالغرب والدائرة في فلكه وكانت سياساتها تعبِّر عن مصالح الحكومات الغربية وليس عن مصالح الشعب العربي الذي يُفترض بجامعة الدول العربية أن تعبر عنها.

منذ مطلع سبعينات القرن الماضي، وعلى امتداد أكثر من أربعة عقود كانت الجامعة أداة في يد الاستراتيجية الأميركية، ولم يكن صوت الأنظمة الوطنية مسموعاً، وغالباً ما تكون أصوات الحكومات الوطنية أصواتاً اعتراضية ضدّ سياسات النظام العربي الرسمي والجامعة العربية، على غرار الاعتراض الذي سُجِّل في اجتماعات وزراء الخارجية العرب، سواء ما كان منها يتعلق بسورية أو ليبيا، أو الموقف من حزب الله، حيث اقتصر الاعتراض على حكومات لبنان والعراق والجزائر.

من كان يتوقع من الجامعة العربية، ومن النظام العربي الرسمي مواقف تختلف عن المواقف الحالية كان يخدع نفسه، فالجامعة العربية والنظام العربي الرسمي، ومنذ بدء سنوات «الربيع العربي» أصبحت جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية الولايات المتحدة وكلّ جهة لا ترضى عنها الولايات المتحدة لن ترضى عنها الجامعة العربية، ولا النظام العربي الرسمي.

من الخطأ الاعتقاد أنّ أي قرارات تصدر عن الجامعة العربية في ظلّ تركيبة النظام العربي الرسمي الحالي وارتباطاته تعبر عن إرادة الشعب العربي، الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج، وباستثناء فترة تزعَّم الرئيس عبد الناصر للنظام العربي، لم تعد تنظر إلى الجامعة العربية والنظام العربي الرسمي كتعبير عن إرادتها السياسية، بل هي على قناعة بأنّ الجامعة العربية معادية للمصالح العربية وظهير واضح للمصالح الغربية، وحتى متواطئة مع سياسة الاحتلال الصهيوني.

في ظلّ هذه التركيبة، فإنّ كلّ ما يصدر عن الجامعة العربية، وعن النظام العربي ومؤسساته المتفرعة مثل مؤسسة وزراء الداخلية، أو «عربسات»، يعبر عن مصالح الدول الغربية وليس عن المصالح العربية، وبهذا المعنى فإنّ ما يصدر عن الجامعة العربية ضدّ أي جماعة سياسية أو نظام عربي، هو إدانة إضافية للجامعة العربية وللنظام العربي الرسمي ولارتباطاته بالغرب، وتأكيد على وطنية الجهة المستهدفة من قراراتهما.

ينطبق هذا على قرارات وزراء الداخلية العربية وعلى قرارات مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية الذي صنف حزب الله كمنظمة إرهابية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى