من نزار قباني إلى السيّد نصر الله

رسالة الشاعر نزار قباني إلى سيد المقاومة ضدّ الظلم والافتراء والتبعية والخيانات، وقد مضى على إرسالها عشرون من السنين، وعُربان الخليج ما زالوا على طيشهم وغبائهم وفسقهم، حتى أنهم وصموا مقاومة الأعداء بالإرهاب. فبئساً لهم ولقراراتهم!

تقول القصيدة التي نَظَمها قباني بعد عملية «عناقيد الغضب» الصهيونية:

يا من يصلّي الفجر في حقلٍ من الألغام

لا تنتظر من عرب اليوم سوى الكلام

لا تنتظر منهم سوى رسائل الغرام

لا تلتفت إلى الوراء يا سيّدنا الإمام

فليس في الوراء غير الجهل والظلام

وليس في الوراء غير الطين والسخام

وليس في الوراء إلا مدن الطروح والقزام

حيث الغنيّ يأكل الفقير

حيث الكبير يأكل الصغير

حيث النظام يأكل النظام

يا أيها المسافر القديم فوق الشوك والآلام

ياأيها المضيء كالنجمة، والسّاطع كالحسام

لولاك ما زلنا على عبادة الأصنام

لولاك كنّا نتعاطى علناً

حشيشة الأحلام

اسمح لنا أن نبوس السيف في يديك

اسمح لنا أن نجمع الغبار عن نعليك

لو لم تجِئ يا سيدنا الإمام

كنّا أمام القائد العبريّ

مذبوحين كالأغنام

سيذكر التاريخ يوماً قرية صغيرةً

بين قرى الجنوب

تدعى معركة

قد دافعت بصدرها

عن شرف الأرض، وعن كرامة العروبة

وحولها قبائل جبانة

وأمة مفكّكة

من بحر صيدا يبدأ السؤال

من بحرها يخرج آل البيت كلّ ليلة

كأنهم أشجار برتقال

من بحر صور

يطلع الخنجر، والوردة، والموّال

ويطلع الأبطال

يا أيها السيف الذي يلمع بين التبغ والقصب

يا أيها المهر الذي يصهل في برية الغضب

إياك أن تقرأ حرفاً من كتابات العرب

فحربهم إشاعة

وسيفهم خشب

وعشقهم خيانة

ووعدهم كذب

إياك أن تسمع حرفاً من خطابات العرب

فكلّها نحو… وصرف وأدب

وكلها أضغاث أحلام، ووصلات طرب

يا سيّدي… يا سيّد الأحرار

لم يبقَ إلا أنت

في زمن السقوط والدمار

في زمن التراجع الثوريّ

والتراجع الفكريّ

والتراجع القوميّ

واللصوص والتجّار

في زمن الفرار

الكلمات أصبحت

للبيع والإيجار

لم يبقَ إلا أنت

تسير فوق الشوك والزجاج

والأخوة الكرام

نائمون فوق البيض كالدجاج

وفي زمان الحرب يهربون كالدجاج

يا سيّدي

في مدن الملح التي يسكنها الطاعون والغبار

في مدن الموت التي تخاف أن تزورها الأمطار

لم يبقَ إلا أنت

تزرع في حياتنا النخيل، والأعناب والأقمار

لم يبقَ إلا أنت

إلا أنت

إلا أنت

فافتح لنا بوابة النهار!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى