أووربا المثيرة للاشمئزاز
علي جانبين
لم يخف العديد من الصحف الأوروبية امتعاضها من الانبطاح الأوروبي أمام حكومة أردوغان للتخلص من قضية اللاجئين التي تكاد تقسم الاتحاد بين من يريد فتح الأبواب أمام اللاجئين مثل انجيلا ميركل، ومنهم من يرفض بالمطلق استقبال أحد.
ومن جهتها، وضعت صحيفة الغارديان البريطانية أن تعلق القادة الأوروبيين بأردوغان كأمل بوقف تدفق اللاجئين لليونان كان مثيراً للاشمئزاز، كما أن منح وسام الشرف الفرنسي لولي عهد نظام آل سعود محمد بن نايف هو أيضاً مثير للاشمئزاز أيضاً، وهو يصبّ في الخانة نفسها، وأن كذب ونفاق الأوروبيين، حينما يتحدّثون عن الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان في سوريا ويخضعون السوريين لبازار مهين مع النظام الفاشي في تركيا الذي يقمع الأتراك وحرياتهم وإعلامهم ويتظاهر على أنه حريص كل الحرص على السوريين وحياتهم ومستقبلهم.
فهل هناك ما يدعو للاشمئزاز أكثر من ذلك؟
يشير بعض المقالات الأوروبية إلى أن البازار الأوروبي هو واقع فرضه أردوغان عندما سرّب تصريحات للصحافة هدد فيها قادة الاتحاد الأوروبي أنه لن يوقف تدفق المهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي إذا لم تتم تلبية مطالب تركيا وهو الأمر الذي أعلنت عنه ميركل خلال زيارتها إلى تركيا في 18-10-2015 والتوصل إلى نقاط أربع في لقاء صحافي مشترك والذي يقضي:
١- صندوق بـ 3 مليارات يورو يقدّم إلى تركيا من أجل دعم اللاجئين وقف تدفقهم.
٢- منح المواطنين الأتراك حرية السفر إلى أوروبا.
٣- إعادة تفعيل موضوع عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي من خلال فتح فصول جديدة للتفاوض.
٤- دعم الحكومة التركية لحضور القمم الأوروبية باعتبارها بلداً مرشحاً للعضوية.
كيف يمكن أن يصدق القول بالجمع الأوروبي المستحيل بين التغني في بازار يقيمه دعاة الحريات وحقوق الإنسان وبين مبادئهم التي بدت أنها مجرد حبر على ورق؟
الأوروبيون هم الذين استقبلوا داوود أوغلو بعد أن هاجم صحيفة بخراطيم المياه والغاز، وهو من يقمع حرية الإعلام صباح مساء ويعرف الأوروبيون قبل غيرهم أن التهريب لحساب داعش من تركيا كان يتم بإشراف حكومة أردوغان، ومن يتاجر بالنفط مع داعش ويعرف كيف يسرق معامل السوريين ومحاصيلهم وكيف يمول الإرهاب وها هو يظهر أنه مع جماعته لديهم ما يكفي من الخبرة في ابتزاز الأوروبيين لتعويض خسارتهم في الميدان السوري.
أما منظمة العفو الدولية فقد أدانت الاتفاق التركي – الأوروبي، واعتبرته ضربة قاضية لحق طلب اللجوء ، ورأت في هذه الخطة بمثابة موقف غير إنساني تجاه هذه الأزمة، وانتهاك لكرامة الناس . وأشارت إلى أن فكرة الاتفاق القائمة على مقايضة لاجئين بلاجئين ليست – فقط مهينة للكرامة البشرية بشكل خطر، لكنها أيضاً لا تقدم أي حل دائم للأزمة الإنسانية …
إن الأوروبيين الذين يظهرون في هذه الصفقة وضاعتهم وإهانتهم للكرامة البشرية، حسب منظمة العفو الدولية، لا بد لهم قبل أن يتحفونا بالخطابات عن إنسانيتهم أن يعملوا على إعادة الأمن والاستقرار لسورية، ويوقفوا دعمهم للإرهاب، ويرفعوا العقوبات الظالمة عن شعبها، كما قال نائب رئيس البرلمان البلغاري، وبذلك فإنهم يخلصون أنفسهم، والسوريين من ابتزاز الفاشي رجب طيب أردوغان، وبازار حكومته العثمانية.