«فينوس» إلهة الجمال…
«فينوس» إلهة الجمال…
إبداع «مستمرّ» على مسرح مونو
ريما يوسف
بلا كلل أو ملل، وقف الثنائي بديع أبو شقرا وريتا حايك على مدى ساعتين، على خشبة مسرح «مونو»، مجسّدين، وللسنة الثانية، قصة معرّبة عن رواية سادية مازوشية ألمانية خلطت بين الكوميديا والتراجيديا.
«فينوس»، مسرحية وُصفت بالجريئة، وهي جريئة في بعض مشاهدها على رغم نفي أسرتها ذلك، وهي تتحدّث عن عُقد الطفولة بأسلوب جديد ومسلّ ومضحك في بعض الأحيان، حتى بدت ريتا حايك وكأنها شخصيتان في شخصية واحدة. أما بديع أبو شقرا فجسّد شخصية بديع بأسلوب واقعيّ يشدّك إلى المسرح طوال الوقت.
واللافت، غياب الميكروفونات في المسرح من دون أن يؤثر على جهورية صوت الممثلين، إضافة إلى حضور لافت من المتعطشين للمسرح الواقعي.
القصة تدور حول الكاتب والمخرج بديع الذي فقد الأمل في العثور على ممثلة تؤديّ دور «فاندا»، البطلة في مسرحيته المقتبسة عن الرواية السادية المازوشية الألمانية الصادرة عام 1870. فبعد يوم طويل ومضنٍ اختبر فيه عدداً من الممثلين، تدخل إلى المسرح ممثلة بلباس مبتذل إلى حدّ ما، ويائسة ريتا حايك ، غريبة بما يكفي كي تدعى «فاندا» أيضاً. وعلى رغم التعقيدات، قرّر بديع منحها فرصة للاختبار الذي تحوّل بفعل قراءة السيناريو إلى مسرحية مليئة بالإغواء، إذ تخطّى الإثنان الخيط الفاصل بين المسرحية والواقع، ودخلا على نحو تصاعديّ في لعبة خضوع وسيطرة، على أحدهما الفوز فيها، في النهاية.
واعتبر أبو شقرا أنّ الموسم الماضي انتهى وطُلب من القيمين على المسرحية إعادة عرضها في الموسم الحالي، فاتفق على عرضها لمدة أربعة أيام فقط، إلا أن كثافة الطلب على إعادة عرضها دفعنا إلى تمديدها حتى نهاية آذار الحالي.
وأضاف: أما بالنسبة إلى الممثل، فالدور ليس مهماً بقدر النتيجة، فالمهم المراحل في الدور للمسرحية، و«فينوس» هي المسرحية الأولى التي ألعبها على طريقة المسرح الواقعي الذي يعتمد على النصّ، لأن غالبية المسرحيات التي عملت عليها كانت تعتمد على طريقة أخرى، وكانت تجربة جديدة وذكرتني بأيام الجامعة أي النصّ محصور في شخصية واضحة المعالم بطريقة أكاديمية. كنت بحاجة إلى مسرح كهذا.
وعن جرأة المسرحية قال أبو شقرا: ليست جريئة، فالجرأة ليست هنا، وهي ليست كما يصفونها في الشرق، فإذا خلعت الممثلة جزءاً من ملابسها أو تلفظت بكلام نابٍ يقولون «أدوار جريئة»! الجرأة تأتي بطرح الموضوع من أساسه والتعاطي معه بشكل جيد، وهناك تخلّف في مجتمعنا، إذ يعتبرون هذا جرأة مع العلم أنهم يؤدّون ما هو أسوأ في الحياة الواقعية. فعلى الإنسان أن يلاحظ الباقي من وجهة نظر المقدّم.
وأكد أبو شقرا أنه ضدّ الرسالة في الفن، ويقول: أنا مع الفنّ للفن، وعندما تكون رسالة تلقينية فلنذهب إلى المعاهد. الفن الهادف فنّ ساقط والفنّ هو تعبير بغضّ النظر عن التعبير.
من ناحيتها، اعتبرت الممثلة ريتا حايك أنّ هذه المسرحية نقطة فاصلة في حياتها. و«كلما تكلمت عنها الكلام لن يعطيها حقها. فمنذ سنة لعبناها والسنة أيضاً لسبب نجهله. كأن دورنا ودور المسرحية لا ينتهيان، وكلّما شاهدنا المسرحية نرى فيها أمراً جديداً ويخرج المشاهد من المسرحية طارحاً أسئلة عدّة متعطشاً لحضورها مرّة أخرى عله يجد الجواب. والآن ألعب دوري، وله طعم آخر، وهناك مقاطع كنت ألعبها بشكل عاديّ أما الآن فأرتعش عندما ألعبها، وفيها أعماق عدّة تأخذنا إلى النهاية».
وأضافت: هناك سيدة لا نعرفها شاهدت المسرحية تسع مرات، وبالتالي هناك سحر لا ندركه، تعذّبت كثيراً في التحضير، وقمنا أنا وبديع وجاك بقراءات قبل أربعة أشهر من عرضها، واشتغلنا على النصّ كثيراً، وقمنا بدراسات عدّة واشتغلنا على جسدينا وصوتينا.
واعتبر المخرج جاك مارون أن إعلان المسرحية ليس جريئاً، بل هو تعبير واضح عن فحواها ومعبّر عنها وليس مجرد جريء. وما يدفع الطلب إلى حضور المسرحية قصتها. فالجمهور أعجب بالعمل وجرّ جمهوراً آخر، ولهذا مدّدنا العمل إلى أواخر شباط، لكن الطلب على شباك التذاكر دفعنا إلى التمديد حتى أواخر آذار الحالي، وقد شجّعني بديع وريتا إذ كنت متردّداً.
وعن اختيار ريتا وبديع قال: هما مناسبان للدور مئة في المئة. وريتا، وبعد «كعب عالي»، شعرت أنها تصلح جدّاً لدورها في المسرحية، وأنا لا أخدم الممثلة بانتقائها الدور بل أخدم الدور بانتقاء أيّ ممثلة. والممثلة الفنانة الجيدة تقول لي إذا كانت تصلح للدور أم لا.
وختم: الموضوع عالمي، قرأت المسرحية وأعجبتني جدّاً. وموضوع العُقد التي اكتسبناها في الصغر ونعيشها في الكبر موضوع حساس، وهو ليس بالضرورة تحرّش جنسيّ أو ما يشبه ذلك. الأمن العام منع المسرحية لمن هم دون سن 18 سنة، ولم يتم تغيير الحوار.
زميلة في «الوكالة الوطنية للإعلام»