الفراغ مستمر حتى تشرين الثاني والتمديد لمجلس النواب ينتظر «إخراجاً» ما
حسن سلامه
الموقف الإيجابي الذي طرحه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي حيال ما كان تقدم به رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، من دعوة إلى تقديم انتخاب الرئيس على سواه من الاستحقاقات، وأرفقه برسائل تدعو إلى التشاور حول مرشح من الصف الثاني أو الثالث، هل هو ناتج من قناعة لدى البطريرك الراعي؟ أم أن هناك من يحاول بـ»الوشوشات» وغيرها إقناعه بما سمّي «خريطة طريق للحريري»؟
بحسب أوساط سياسية مارونية، تلتقي طروحات البطريرك الراعي بطريقة أو بأخرى اقتراح الحريري. لكن بعد كلمة رئيس تيار المستقبل حصلت اتصالات مع بكركي، خاصة مع «سيدها»، من جانب بعض الأطراف في «14 آذار» ومن بعض الشخصيات التي تعتبر نفسها «وسطية» أو التي كانت تعمل لتسويق هذا الاسم أو ذاك لرئاسة الجمهورية. وتقول المصادر إن حركة الاتصالات المفتعلة هذه طرحت مخاوف كثيرة أمام الراعي من استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية، وأوحت أنه يجب العمل بجميع الأساليب لانتخاب رئيس «كيفما كان»، وبالتالي من مصلحة المسيحيين، بحسب القائمين بهذه الحركة، التلاقي مع مبادرة الحريري. وتشير المصادر إلى أن بين الذين عملوا على ذلك الرئيس السابق ميشال سليمان والنائب ميشال المر وآخرون. وتوضح أن هذه الحركة نحو بكركي استغلت المخاوف من الوضع الأمني في البلاد وما حصل مع المسيحيين في الموصل، داعية البطريرك الراعي إلى ممارسة الضغوط على العماد ميشال عون للسير في انتخاب رئيس للجمهورية من الأسماء التي يقال إنها مدرجة على لائحة بكركي الذهبية من الصف الثاني، أو اللائحة الأخرى التي تضم ثلاثة مرشحين ودار الكلام حولها قبل فترة، لذا لا تستبعد المصادر أن يكون موقف البطريرك الراعي أول من أمس انعكاساً لقناعته المعروفة وللاتصالات التي حصلت معه أخيراً.
توضح المصادر في المقابل أن العماد عون رد سريعاً وقبل أن يصدر موقف عن الراعي، من خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده الجنرال بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح الثلاثاء الفائت والذي ردّ فيه وإن على نحو غير مباشر على ما وصف بـ»خريطة الطريق» الحريري، معيداً التأكيد على دعوته إلى إجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، أو انتخاب الرئيس من الشعب، واضعاً مبادرة الحريري في سياق محاولات الالتفاف على ما كان طرحه عون، رغم اللغة الدبلوماسية التي اعتمدها في هذا الرد.
ماذا إذن على صعيد الاستحقاق الرئاسي؟ وما هي الخيارات المطروحة؟
بحسب مصادر قيادية عليمة فإن إخراج الملف الرئاسي من «عنق الزجاجة» لم يعد فصله ممكناً عن سياقين أساسيين، داخلي وخارجي:
ـ على الصعيد الداخلي تجزم المصادر بأن الاتفاق على اسم الرئيس الجديد ـ بغض النظر عن كيفية مقاربة اختيار هذا الإسم ـ هو رهن بالاتفاق على صفقة كاملة، من الرئيس الجديد إلى قانون الانتخابات النيابية فالحكومة الجديدة. وتلاحظ المصادر أن «خريطة طريق» الحريري تلمح إلى مثل هذه الصفقة إذ تتحدث عن صعوبة انتخاب رئيس مجلس النواب إذا حصلت الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، وعن شكل الحكومة الجديدة التي ستشكل بعد انتخاب الرئيس.
ـ أما على الصعيد الخارجي فترى المصادر أن انتخاب الرئيس الجديد ومعه الصفقة الكاملة التي تشمل مجلسي النواب والحكومة رهن أيضاً بتطورات المنطقة خلال الأشهر القليلة المقبلة، معتبراً أن ما يحصل على الصعيد الإقليمي من تمديد مهلة الحوار بين إيران والدول الكبرى حول الملف النووي الإيراني، إلى الوضعين في العراق وسورية، وصولاً إلى انسداد الأفق أمام عودة الحرارة للعلاقة الإيرانية ـ السعودية والعدوان «الإسرائيلي» على غزة… كلّها مسائل أدخلت الاستحقاقات اللبنانية في فترة جديدة من الانتظار إلى حين تبلور الوضع الإقليمي، وإن تكن المصادر ترى أنه إذا أفضت التطورات في العراق إلى الاتفاق على حكومة وحدة وطنية فإن من شأن ذلك أن يفيد لبنان لناحية فتح أفق الحوار وإخراج هذه الاستحقاقات من «عنق الزجاجة».
غير أن المصادر لا ترى أي إمكان لحل أزمة الرئاسية قبل تشرين الثاني المقبل في الحد الأدنى، لذا تعتقد أن الهرب من انسحاب الفراغ في رئاسة الجمهورية على مجلس النواب سيؤدي إلى التمديد للمجلس لسنة ونصف سنة أو سنتين، والأسباب الموجبة للتمديد باتت جاهزة، وأبرزها التذرع بالوضع الأمني.