هل توصل مساعي التسوية إلى انتخاب مفتٍ جديد للجمهورية قبل 10 آب؟
محمد حمية
يشهد دار الإفتاء منذ سنتين حالة من عدم الاستقرار والانقسام بين رأس الطائفة السنية مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني وبين الطيف السياسي الأبرز فيها، أي «تيار المستقبل»، على خلفيات سياسية وتنظيمية تخصّ دار الإفتاء.
وبعد استقالة ستة من أعضاء المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى تكثفت الاتصالات والمشاورات في محاولة للوصول إلى تسوية في هذا الملف مع اقتراب موعد انتخاب مفتٍ جديد للجمهورية بناء على دعوة رئيس الحكومة تمام سلام في 10 آب المقبل.
فهل هذه الاستقالات مقدمة لتسوية تطبخ في الكواليس؟ ومن يقود هذه التسوية؟
تقول أوساط مطلعة على هذا الملف لـ»البناء» إنّ السفير المصري في بيروت أشرف حمدي يعمل على مبادرة بالتعاون مع السفراء العرب في بيروت من أجل انتخاب مفتٍ جديد للجمهورية وتوحيد الموقف داخل الطائفة السنية، بالتوازي مع مسعى تقوم به بعض القوى الوطنية.
وتضيف هذه الأوساط أنّ المفتي الجديد الذي سيُنتخب سيكون وسطياً ومعتدلاً وعلى مسافة واحدة من الجميع.
وفي السياق ذاته علمت «البناء» من مصادر مطلعة أنّ الزيارة التي قام بها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد على رأس وفد ضمّ عضو الكتلة النائب كامل الرفاعي والنائب السابق أمين شري إلى دار الفتوى، ولقاءه المفتي قباني، يندرجان ضمن الحرص الذي يبديه حزب الله على وحدة الصف الإسلامي من جهة، ووحدة الطائفة السنية من جهة أخرى، والحرص أيضاً على مقام دار الفتوى، وأن لا يكون هناك أي خلاف»، مؤكداً «أنّ حزب الله لا يتدخل في الشؤون الداخلية لدار الفتوى».
أما المصادر المقربة من المفتي قباني فرأت في زيارة رعد «أنها تندرج ضمن التواصل والتنسيق الدائم بين حزب الله والمفتي قباني الذي يفتح أبواب دار الفتوى لجميع القوى والأحزاب والتيارات السياسية»، مؤكدة: «أنّ التسوية في ملف دار الفتوى قائمة ضمن هدف واحد هو توحيد الطائفة السنية ومنع أي انشقاق داخلها، لا سيما الجهود التي تقوم بها مؤسسة الأزهر في مصر التي لها الباع الطويل في رعاية الشؤون الدينية والتنظيمية في دار الفتوى».
وأشارت المصادر إلى أنّ المفتي قباني أعلن في وقت سابق «ترك الأمور للتسوية والاستعداد للرحيل بعد الاتفاق على اسم المفتي الجديد في الانتخابات التي ستحصل في الـ 10 من آب المقبل»، لافتاًً إلى «أنّ التسوية الآن تجري على من هي الهيئة الناخبة التي ستنتخب المفتي الجديد».
من جهته، اعتبر النائب رعد بعد لقائه المفتي قباني «أنّ الحملة الصهيونية العدوانية على قطاع غزة تكشف صلف العالم الغربي وتواطؤه ودعم الاستكبار العالمي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية للكيان الصهيوني الذي يشكل خطراً متمادياً على الإنسانية بل على العالم».
وقال رعد: «أردنا أن نعبّر من خلال موقعنا المنفتح الذي يتضامن مع كلّ الإخوة في الساحة الإسلامية وفي الساحة الوطنية عموماً، لنعلن أنّ غزة لن تكون وحدها، وأننا سنكون إلى جانب شعبها وإلى جانب كلّ الشعب الفلسطيني وإلى جانب قضية فلسطين التي ستبقى دوماً القضية المركزية لأمتنا». وأضاف: «أنّ ما تشهده أمتنا من ظواهر تفسّخ وتردٍّ وضعف وتشتت وحركات موجهة من هنا وهناك، إنما هو نتيجة طبيعية لتغييب القضية المركزية عن كلّ أنظمة الحكم في منطقتنا، ويجب أن تستعيد هذه القضية المركزية توجهها من أجل أن نلمّ شمل الأمة ونجمع صفوفها ونقوّي وضعها حتى نتمكن من وقف تمادي العدوان «الإسرائيلي» وصولاً إلى إزالة الاستيطان كله».
وعن خطاب الرئيس سعد الحريري الأخير في إفطار تيار المستقبل رأى رعد «أنّ ما يجري في المنطقة هو متجاوز كثيراً لكلّ الخطابات الداخلية التي تتصل بالشأن اللبناني»، وتابع: «نحن بالأمس سمعنا موقفاً، والحمد لله الذي استفاق البعض، مفاده أنّ صمود وصلابة المقاومة في لبنان في 2006 هما اللذان حققا انتصاراً على «إسرائيل»، ويدعو الشعب الفلسطيني في غزة لتمثل هذا الصمود اللبناني في عام 2014». وشدّد على «أنّ المقاومة خيار فرض نفسه وصدقيته وبيّن أن جدواه أعظم من أن يناقشها أو أن يشكك فيها أحد»، وأردف: «انّ العودة إلى تبني خيار المقاومة سيفتح الطريق أمام الكثير من التعقيدات والأزمات المفتعلة التي شهدناها طوال أزمتنا اللبنانية منذ عام 2005 إلى الآن، ونحن إذا كنا نختلف مع الآخرين فإنما نختلف حول رؤيتهم الخاطئة لخيار المقاومة، واليوم هم يمدحون ويثنون على المقاومة في فلسطين وغزة، ويؤكدون أنّ صلابة المقاومة هي التي ستنهي الاعتداء «الإسرائيلي»، لماذا المقاومة هناك تنهي العدوان «الإسرائيلي»، والمقاومة هنا تسبّب كارثة للبلد؟ جوهر الخلاف بين اللبنانيين هو حول مشروعية المقاومة وصوابية خيارها، البعض راهن على التسويات، كلف الشعب الفلسطيني أثماناً باهظة جراء هذا الرهان الخاطئ».
ورداً على سؤال قال رعد: «ثقتنا كبيرة بمقاومة الشعب الفلسطيني وبأنّ هذه المقاومة هي خياره النهائي والوحيد من أجل تحقيق عزته وكرامته واسترداد أرضه، نحن نتابع بترقب وحذر كلّ المساعي والجهود التسووية من أجل إنهاء العدوان، والتي لا نريدها أن تحصل إلا وفق شروط المقاومة».
وعن التمديد للمجلس النيابي في حال استمرّ الشغور في سدة الرئاسة الأولى، أوضح رعد «أننا مع أن تأخذ المؤسسات الدستورية دورها الطبيعي وأن تجدّد لنفسها عبر آلية انتخاب طبيعية، وعندما يحصل تعثر مفجع نقول لكل حادث حديث، وسنتصرف في ضوء المصلحة الوطنية».
وعن العلاقة بين حزب الله وتيار المستقبل أشار إلى أنها «شبه مقطوعة منذ ما قبل خطاب النائب سعد الحريري الأخير».