بوتين يقطع الشك باليقين: جاهزون للعودة بساعات إذا اقتضت الضرورة الحريري يفكر بقهوجي… وتشاور يطال تفاهم عون وفرنجية على روكز
كتب المحرّر السياسي
في ظل الجدل الذي أطلقه الإعلان من الرميلان شرق سوريا حول فرضيات التقسيم ومخاطره، وكثرة التكهنات حول الموقف الدولي، وسيناريوهات تقاسم وتراضٍ على خرائط للتقسيم، قطع فرص البحث فيها أن الفريق الكردي الذي يشكل محور هذه التكهنات يحسب تارة حصة روسية ولا يجد المحتسبون سبباً للتقسيم عندها طالما أن الدولة السورية وفقاً لهؤلاء حصة روسية أيضاً، فيستدركون أنه حصة أميركية ولا يجدون جواباً على سؤالين، لماذا يرفض جماعة الرياض شراكة هؤلاء الأكراد «المتأمركين» في جنيف، ولماذا لم يكن البشمركة ومسعود البرزاني الذي يرضي ويهدئ مخاوف الأتراك هو العنوان، وجرى اعتماد فريق قدّماه في سوريا وعيناه على تركيا؟
الجواب الدولي الروسي والأميركي، ومعهما الموقف السوري الرسمي والدول الإقليمية المعنية على تضارب مصالحها مواقفها، يقترب من التحول إلى جواب سعى الروس إليه من اليوم الأول، وهو دعوة هذا المكون الكردي إلى جنيف ومقايضة الفدرالية الأحادية بمقعد تفاوضي، وما يمنح هذا الجواب قوة الحضور هو الضعف التكويني للمنطقة المفترضة للولاية الفدرالية المسماة ولاية الشمال، دون وجود سند لها متصلاً بجغرافيتها من خارج الحدود، يستحيل بوضعها السياسي أن يكون تركياً أو عراقياً أو كردياً.
مع التجاذب حول الشراكة الكردية في جنيف والتصادم حول السقف السياسي للتفاوض أطل الرئيس الروسي فلاديمير لمساعدة خصومه على فهم خطوته بالإعلان عن الانسحاب كخطوة داعمة لشريكه الرئيس السوري بشار الأسد، بوضع الخطوة في إطار تحميل الأطراف مسؤولياتها لمنع فشل المفاوضات، وما يعنيه من ربط للانسحاب بالتحذير من عودة المواجهات الضارية في سورية دون القدرة على إمساك روسيا من اليد التي توجعها، وهي تصوير وجودها غرقاً في مستنقع، أو تورطاً في أفغانستان جديدة، أو مأزق يحتاج تسهيل الآخرين وتقديم التنازلات لهم لتفاديه، فروسيا خرجت، لكن الأهم أنها جاهزة وقادرة على العودة خلال ساعات، كما قال الرئيس بوتين.
لبنانياً، ورغم الحضور الإعلامي الطاغي لملفي النفايات والاتصالات الفضائحيين، بدا أن التداول في الصالونات السياسية يستمر ببحث طبخات رئاسية، برزت منها اثنتان ستحظيان باهتمام ومتابعة، في الأيام المقبلة داخلياً وإقليمياً ودولياً، بالتناسب مع تقدم مؤشرات تقارب بين عواصم القرار الإقليمية والدولية، خصوصاً موسكو وواشنطن وطهران والرياض.
الطبخة الأولى المتداولة ما رشح عن نية الرئيس سعد الحريري من البحث جدياً، بالتحضير في توقيت مناسب لمكاشفة النائب سليمان فرنجية بعدم جدوى التمسك بترشيحه، أمام تشدّد حزب الله في ترشيح العماد ميشال عون، والبحث العملي بتقديم مرشح من خارج الأقطاب، وهنا تلفت مصادر متابعة لفرضية يشتغل عليها الحريري منذ مدة، وهي ترشيح قائد الجيش العماد جان قهوجي بينما كشفت المصادر نفسها عن فرضية موازية يشتغل عليها أصدقاء مشتركون للعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، للمصالحة بينهما وتتويجها بتفاهم على ترشيح العميد شامل روكز لرئاسة الجمهورية، جمعاً لصفات عديدة تتناسب مع مواصفات كونه عسكرياً وموضع ثقة وترفع على الفساد، ومناقبية ووطنية، عدا عن قربه من عون وفرنجية بدرجة تجعله موضع ثقتهما معاً.
خطة النفايات للتنفيذ وحوافر لبرج حمود
يبدأ تنفيذ خطة النفايات خلال يومين بعدما حُلّت كل العقد لا سيما عقدتي مطمرَيْ الكوستبرافا وبرج حمود. وعلمت «البناء» أن وفداً من اللجنة المركزية في حزب الطاشناق برئاسة الأمين العام النائب هاغوب بقرادونيان زار قبيل جلسة مجلس الوزراء أمس رئيس الحكومة تمام سلام وسلّمه لائحة بالملاحظات والإيضاحات التي طرحها رئيس الحكومة في الجلسة وحصلت على موافقة مجلس الوزراء مجتمعاً. وتتضمّن الملاحظات:
1 – إزالة جبل النفايات.
2 – ألا يتعدى الحل المرحلي مدة أربع سنوات، يجري خلالها وضع خطة للحل المستدام وتطبيقها.
3 – يُطمر في مطمر برج حمود ما ينتج عن فرز 1200 طن من النفايات.
4 – إقامة مركز مؤقت للطمر الصحي في برج حمود ومركزين مؤقتين للمعالجة والطمر في مصب نهر الغدير.
5 – إنشاء وتطوير معامل لمعالجة الفرز والمطامر الصحية وفقاً للقواعد العلمية والبيئية، بالتنسيق مع البلديات المعنية، لا سيما لجنة مراقبة كميات العوادم وتأمين التيار الكهربائي بشكل مستمر.
6 – تخصيص 8 ملايين دولار لبلدية برج حمود قابلة للتمديد.
7 – تخصيص مبلغ 25 مليون دولار لمشاريع إنمائية في نطاق بلدية برج حمود.
8 – تخصيص مبلغ 25 مليون دولار لمشروع طريق المتن الشمالي لحل أزمة السير.
9 – تكليف وزير الداخلية نهاد المشنوق تشكيل هيئات من المجتمع المدني والـ undp لتنفيذ الخطة، بالإضافة إلى ممثل عن كل بلدية يقع في نطاقها مركز المعالجة أو المركز المؤقت للطمر.
10 – عدم إنشاء معامل للمعالجة أو الطمر في نطاق بلديتي الجديدة برج حمود.
11 – الموافقة على طلب بلدية برج حمود استثمار الأراضي التي ستنتج عن ردم النفايات في نطاقها 98 ألف متر مربع .
مجلس قيادة لأمن الدولة
وفيما انفرجت على صعيد حل أزمة النفايات، انفجرت على صعيد ملف أمن الدولة الذي شهد سجالاً حاداً ومشادات وخناقات وزارية كادت أن تطيح بالجلسة وبالحكومة، بعدما طرح وزير السياحة ميشال فرعون الملف، معتبراً أن لا مبرر لعدم النقاش فيه وأيّده وزير الصناعة ألان حكيم، مشيراً إلى أن هناك ملفات حساسة يجب أن نتحدث بها، ومن ثم تلويحهما بالانسحاب من الجلسة إذا لم يطرح هذا الملف، ما دفع رئيس الحكومة إلى رفع الصوت عالياً في وجه الوزير حكيم، مشيراً إلى أن الأجواء محتقنة إلى حد كبير والوضع في البلد لا أحد يعلم إلى أين يتّجه والحكومة نحو الانهيار تارة بسبب النفايات وتارة أخرى بسبب القمح وتارة ثالثة بسبب الانترنت غير الشرعي، وإذا بقي الوضع على ما هو عليه فالأفضل أن نستقيل وينتهي الأمر».
وأكدت مصادر وزارية لـ«البناء» أن سجالاً حصل بين الرئيس سلام ووزير الخارجية جبران باسيل أيضاً حول تهميش دور جهاز امن الدولة، ولفت باسيل إلى أن المراكز المسيحية في الدولة تتعرّض إلى نوع من المظلومية وعدم التوازن، ويجب تصحيح هذا الوضع فلا يجوز الاستمرار في عملية التهميش، ومن الآن وصاعداً لن يكون الحديث فقط عن الفئة الأولى في الإدارات الرسمية، بل وصولاً إلى الفئة الرابعة»، لماذا عندما يتعلق الأمر بحقوق المسيحيين يمنع النقاش». ولفتت المصادر إلى «أن رئيس الحكومة الذي أبدى انزعاجه مما حصل، ورفض أن يُطرح هذا الموضوع من خارج جدول الأعمال ولوّح برفع الجلسة، وعد بمناقشته بنداً أول على جدول أعمال الجلسة المقبلة». وحصل سجال آخر بين باسيل ووزير المال علي حسن خليل الذي توجّه إلى باسيل بالقول «أنت تتحدث بمنطق الذمية السياسية»، فرد عليه وزير الخارجية انه «إذا تكلمنا بالذمية السياسية فأنتم تمارسونها».
ولفتت مصادر وزارية أخرى لـ«البناء» إلى «أن عدم تمثيل مديرية امن الدولة في الاجتماع الأمني الذي ترأسه الرئيس سلام الأسبوع الماضي، وعدم دعوة مديره اللواء جورج قرعة إلى الاجتماعات يعود إلى الخلافات الدائرة داخل هذه المديرية بين اللواء قرعة ونائب العميد محمد الطفيلي. وإذ لفتت إلى أن هذا الجهاز تابع لرئاسة الحكومة لفتت إلى تسوية الخلاف التي يعمل عليها تتمثل بتشكيل مجلس قيادة من ستة عمداء للمديرية.
وأشار وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» إلى «أن الإقصاء الذي يتعرّض له مدير جهاز أمن الدولة مرفوض»، لافتاً إلى أن التهميش، بغض النظر عن بعض المعطيات المتعلقة بأسباب الخلاف الحاصل داخل المديرية، يفسر أنه تهميش لهذا الجهاز وإهمال واستخفاف بمكون أساسي في البلد». وشدّد على «أننا نطالب بتشكيل مجلس قيادة فلا يجوز أن تتساوى صلاحيات نائب الرئيس بصلاحيات الرئيس».
وأكد وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب لـ«البناء» «أن التشنج في الخارج بات يترجم في داخل مجلس الوزراء، والدليل ما شهدته الجلسة أمس، من مشادات استمرت مدة ساعة قبل أن نبدأ بجدول الأعمال»، لافتاً إلى «أن مجلس الوزراء لا يستطيع أن يكمل عمله بهذه الطريقة»، ومشيراً إلى «أن السجالات التي حصلت عكست أجواء أن الحكومة تسير على شفير الهاوية».
وفي مسلسل التلاعب بمصير اللبنانيين وصحتهم، شهدت الجلسة أخذاً ورداً بين وزير الصحة وائل ابو فاعور والوزير حكيم حول صحة ما قاله الوزير ابو فاعور عن القمح المسرطن الموجود في المخازن. وأكد حكيم عدم صحة هذا الكلام، انطلاقاً من نتائج الفحوص التي أجريت في المختبرات التابعة لوزارة الاقتصاد التي أكدت أن القمح الموجود كله صالح وأن نتائج التحاليل أثبتت ذلك، داعياً إلى إبعاد السياسة عن قضية القمح وصحة الناس، فيما بقي وزير الصحة على موقفه أن نتائج العينات التي أخذت من القمح في مرفأ بيروت أظهرت أن القمح مسرطن».
الحريري وقهوجي!
في غضون ذلك، عاد رئيس تيار المستقبل سعد الحريري إلى بيروت بعد رحلته إلى فرنسا. وأكدت مصادر قيادية في تيار المستقبل لـ«البناء» أن رئاسة الجمهورية لم تعد محصورة بمرشحي 8 آذار العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية»، مشيرة إلى «اتصالات تجري حول مرشح ثالث لم يطرح اسمه علناً بعد». وإذ لفتت إلى أن موعد جلسة الثالث والعشرين من آذار لم يعُد بعيداً، والعدّ العكسي يبدأ في نيسان لفتت إلى أن المشاورات مع بعض الدوائر الدبلوماسية تدور حول اسم قائد الجيش العماد جان قهوجي.
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن لو ثبتت صحة هذا الكلام، يكون الحريري قد خاض في ترشيح الوزير فرنجية مناورة تهدف إلى إحراقه، كما حاول أن يفعل مع العماد عون وفشل لأن الأخير لا يزال يحظى بدعم من حزب الله وتأييد من القوات اللبنانية»»، مشيرة إلى «أن حزب الله لن يلاقي الحريري في مبتغاه، وما حصل في الدوحة وفي التحالف الرباعي لن يتكرّر»، لافتة إلى أن الحريري يحاول من خلال السياسة التي ينتهجها الضغط على حزب الله للإسراع في إنجاز الاستحقاق الرئاسي كما يشاء».
«الوفاء للمقاومة»: تشكيل لجنة تحقيق في القرصنة «الإسرائيلية»
إلى ذلك، تابعت كتلة الوفاء للمقاومة حجم القرصنة والاختراق «الاسرائيلي» للإنترنت المستخدم في لبنان ودققت في أبعاد الغفلة أو التغافل الحكومي عن وجود محطات عملاقة لشبكات اتصال متوغلة في العديد من المرافق دون أي ترخيص وبمعزل عن أي رقابة من الدولة، مؤكدة بعد اجتماعها برئاسة النائب محمد رعد وجوب أن تبادر الحكومة إلى تشكيل لجنة تحقيق في قضية شبكة الانترنت غير الشرعية ليتسنى للبنانيين الوقوف على هذا الاختراق الفضيحة وإحالة المرتكبين إلى القضاء. ورأت الكتلة أن المدخل الضروري لإعادة الأمور إلى نصابها هو التوافق الوطني على اعتماد قانون انتخابي جديد على قاعدة النسبية يحقق تمثيلاً صحيحاً وفاعلاً للبنانيين.