جمهور النجمة… حيث لا يجرؤ الآخرون

ابراهيم موسى وزنه

وأخيراً فرض جمهور نادي النجمة نفسه رقماً صعباً في المعادلة الكروية اللبنانية، وهو أصلاً صاحب الأرقام القياسية في ساحات لعبتنا الشعبية لا بل المتميّز عن جماهير الأندية الأخرى إن لجهة العدد والمواكبة والفعالية أو التفاعل مع اللاعبين والإخلاص الزائد للفريق.

بصراحة، ومن دون أي انتقاص من جماهير باقي الفرق، فما قام به هؤلاء المخلصون لنجمتهم ما هو إلا إحراج زائد لحق بالمسؤولين الإداريين والأمنيين على حدّ سواء، وفي ضوء هذا الإنجاز الجماهيري يجب عدم إغفال الدور الإيجابي الذي لعبته صرخات مسؤولي الأندية ودعواتهم المتواصلة في سياق مطالبتهم الدؤوبة بعودة جماهيرهم

إلى المدرجات، والتأثير الإيجابي موصول لاتحاد اللعبة ولو بنسبة أقل.

وبالانتقال إلى الموقعة النجماوية في ملعب برج حمود، فقد كثرت التأويلات والتوصيفات وتشعّبت المعلومات الواردة من قلب الحدث، فيما المشهد واضح وضوح ذلك اليوم الآذاري، حيث الإصرار على رفع الغبن، المصحوب برفع الصوت، والمسبوق بالتلاقي والتواصل والتنسيق، مع التسلّح بإرادة واعية لمواجهة ردود الفعل بكافة أشكالها، كلّ تلك الأجواء والمقوّمات أسفرت نصراً يستحق التقدير والإشادة… ومواكبة رائعة من قلب المدرجات ليأتي الفوز بطعم التشجيع الحضاري، إنه شعب النجمة العظيم، فهل لكم أن تتعظوا يا أصحاب القرارات الارتجالية؟

وماذا بعد؟ فهل انتهى الكباش وعادت الأمور إلى نصابها؟ أم أن الجميع مدرك للمسؤوليات الملقاة على عاتقه بغية تثبيت هذا الواقع، فالجمهور هو نكهة المباريات، ومن دونه لا لون ولا طعم لأي فوز أو إنجاز، ومع ذلك يبقى الجمهور سلاحاً ذا حدين، فهو قد يشكّل عبئاً على فريقه أو ضغطاً على ناديه أو إرباكاً لبعض اللاعبين، وقد يؤثر سلباً على السلم الأهلي في وطن مهزوز بلا هزّ، وهنا تكمن حجّة الرافضين للمواكبة الجماهيرية في الملاعب. لذا، وحرصاً على عدم تقاطع المعطيات أو تفاقم الأمور، فليلتزم كلّ معني باللعبة وإدارتها بما عليه من واجبات وحقوق، فعلى القوى الأمنية تأمين المواكبة الفاعلة للمباريات بما يتوافق مع حساسيتها وللأسف نقصد الحساسية السياسية والطائفية ، وهذا يفرض رفع مستوى المراقبة والسرعة في معالجة الخلل قبل تفاقمه، والتوزّع الميداني بشكل مدروس وإخراج كلّ مخل بالأمن أو مغرّد خارج السرب.

فيما على الأندية التنسيق والتعاون مع روابط جماهيرها والعمل على مراقبة مشجعيها ومنع مشاغبيها من المواكبة أو العمل على ضبطهم بالتنسيق مع القوى الأمنية، ولا بأس من إصدار بطاقات خاصة لترتيب البيت الداخلي في كل نادٍ، وعلى الاتحاد احتضان اجتماعات دورية تضم المسؤولين الأمنيين وإداريي الأندية ومسؤولي روابط جماهيرها للوقوف على التنفيذ ومعالجة الثغرات…

أما الدور الأساسي في تذليل العقبات واستعادة الروح والعافية إلى المدرّجات، فهو يقع على عاتق المشجعين، فهم المسؤولون عن ديمومة مواكبتهم وذلك عبر التزامهم بالتشجيع الحضاري وعدم التعرّض لأعراض الآخرين والامتناع عن إطلاق أي هتاف سياسي أو التطاول على الرموز الدينية، البلد لا يحتمل مزيداً من التشرذم والانقسام…

عودة ميمونة يا عشّاق اللعبة الشعبية، فلا تخرجوا عن النصوص أو تحيدوا عن المنطق السليم، عليكم بالتزام التشجيع الحضاري لتضمنوا بقاءكم في قلب الملاعب وفي صلب المعادلة الكروية، ولتتعاملوا مع ما مرّ من سابق الأحداث ومحطّات الإبعاد… وكأنه مرحلة مرّت… مرّت، على أمل أن لا تتكرر والسلام عليكم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى