ديكتاتورية أردوغان إلى متى؟
حميدي العبدالله
قامت حكومة حزب العدالة واالتنمية بالاستيلاء على صحيفة «زمان» التي يديرها أنصار الإسلامي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولين.
ليست صحيفة «زمان» الضحية الوحيدة من المنابر الإعلامية التي تعارض أردوغان وحكم حزب العدالة والتنمية، فقد تعرض صحافيون من الصحف العلمانية والليبرالية الأخرى للاعتقال والمضايقات المختلفة، كما تمّ إقفال عدد غير قليل من محطات التلفزة التركية.
جنوح حكم حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان إلى الديكتاتورية لا ينحصر في كمّ أفواه معارضيه في وسائل الإعلام المختلفة، بل إنه قبل التوجه إلى ضرب الوسائل الإعلامية المعارضة، قام بتطهير القضاء من كلّ القضاة الذين لا يُجارون حزب العدالة في أسلوب حكمه، كما شهدت الأجهزة العسكرية الجيش والشرطة والاستخبارات عمليات تطهير لكلّ من يشكّ بولائه لحكم حزب العدالة والتنمية.
ويتجه أردوغان وحكومته إلى إجراء تعديل للدستور لتثبيت الحكم الرئاسي الذي يمارس واقعياً من قبل أردوغان من دون مراعاة لمواد الدستور الحالي، ويبرّر ذلك بأنه رئيس منتخب من الشعب وليس من البرلمان. بمعنى آخر أنّ التعديلات الدستورية، سواء تمّت أم لم تتم، فنظام الحكم الرئاسي قائم وبأسلوب ديكتاتوري وليس على غرار الدول الديمقراطية التي تعتمد النظام الرئاسي. مثلاً الولايات المتحدة وفرنسا نظام الحكم فيهما نظام رئاسي، ولدى الرئيس صلاحيات واسعة حسب الدستور، ولكنه مقيد بقيود كثيرة حدّدها الدستور والقوانين ونادراً ما تمّ خرق أو تجاوز الدستور والقوانين والتصرف على قاعدة أنّ الرئيس منتخب مباشرةً من الشعب وبالتالي يحق لـه تجاوز الدستور.
إذاً نظام الحكم الرئاسي الديكتاتوري أصبح موجوداً في تركيا الآن، السؤال المطروح إلى متى يستمر حكم أردوغان؟
واضح أنّ الرهان على تغيير عبر الانتخابات، في ضوء القيود المفروضة على الإعلام المعارض، والمضايقات التي تتعرض لها أحزاب المعارضة، وتسخير قدرات الدولة لمصلحة حزب العدالة والتنمية، لم يعد أمراً وارداً على الإطلاق، على الأقلّ في المدى المنظور.
وواضح أيضاً أنّ الرهان على التغيير عن طريق الانقلاب العسكري بات احتمالاً ضعيفاً إذا لم يكن معدوماً بالمطلق، وذلك في ضوء عملية التطهير التي قام بها أردوغان وحكوماته المتعاقبة، أو في ضوء معارضة الغرب، بالمبدأ لنهج الانقلابات العسكرية.
إذا كان التغيير الديمقراطي عبر الانتخابات غير ممكن، والتغيير عن طريق الانقلابات العسكرية غير مطروح ودونه عقبات كثيرة، فإنّ ذلك يعني أنّ ديكتاتورية أردوغان مستمرة سنوات طويلة نهايتها هي أجل أردوغان باعتبار أنّ حزبه يتشكل الآن على قياس شخصه، ففي حال رحيله عن الدنيا لا يستطيع حزب العدالة الاحتفاظ بالحكم.
لكنّ بقاء ديكتاتورية أردوغان لا يعني الاستقرار والازدهار في تركيا، بل يعني الحرب الأهلية، وربما تفكك تركيا، على الأقلّ عبر الصراع بين تركيا والأكراد.