سيرة موجزة لسعاده ولمسيرة الحزب ٢/١

إعداد: لبيب ناصيف

كثيراً ما نطلّع على سِيَر متنوعة عن سعاده، بعضها متناقضة بالمعلومات،

وهذه نراها مطبوعة وموزعة، أو منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي.

في فترات سابقة نشرت ما كنت أعددته عن المراحل التالية:

سعاده من الطفولة حتى قبيل التأسيس

سعاده من التأسيس حتى مغادرة الوطن عام 1938

الحزب في الوطن بغياب سعاده

سعاده في المغترب القسري 1938 1947.

في وقت لاحق سأنشر عن مرحلة «الحزب في الوطن في مرحلة غياب سعاده 1938 1947»

هنا الجزء الأول من «السيرة الموجزة لسعاده ولمسيرة الحزب» أعممها آملاً من كل رفيق معني يملك ملاحظات، أو إضافات، أن يكتب إلى لجنة تاريخ الحزب .

ولد أنطون سعاده في بلدة الشوير المتن الشمالي في أول آذار 1904.

والده: الدكتور خليل أنطون سعاده، وكان طبيباً ولغوياً وصحافياً وأديباً وكاتباً، ومناضلاً وطنياً كبيراً. له

الكثير من المؤلفات ومن الكتب المترجمة.

والدته: نايفة داود نصير من الشوير أيضاً. ترعرعت في الولايات المتحدة ثم عادت إلى الوطن لتلتقي

الدكتور خليل وتقترن منه.

أشقاؤه: أرنست، آرثر، تشارلي، وهم الأكبر منه سناً ثم سليم، إدوار وغريس 1 .

طفولتـه

درس مبادئ القراءة والكتابة في مدرسة الشوير. ثم غادر عام 1913 إلى مصر مع أخوته الصغار كي يلتحقوا بوالديهما، إذ كان الدكتور خليل قد اضطر عام 1909 للمغادرة إلى مصر لأسباب سياسية وطنية. في مصر درس سعاده وأخوته الصغار في مدرسة الفرير.

عام 1913 توفيت والدته في مصر، أما والده فقد اضطر لمغادرتها إلى الأرجنتين، لأسباب سياسية أيضاً. ما جعل سعاده يعود وأخوته الصغار إلى لبنان ليعيش في كنف جدته لأبيه، ويلقى عناية من عمه داود. أما أخوته أرنست، آرثر وتشارلي، فقد غادروا إلى الولايات المتحدة ليكونوا في عهدة خالهم سليمان نصير.

أمضى العام الدراسي 1914 في مدرسة الأميركان في الشوير، وانتقل في السنة الدراسية التالية 1915-1916 إلى المدرسة الرسمية في البلدة نفسها.

عام 1915 توفيت جدته ثم ما لبث أن فارق عمه داود الحياة.

عرفت عنه في طفولته المزايا التالية:

توقد ذهنه وذكائه الحاد.

متانة جسمه، وحبه لممارسة مختلف أنواع الرياضة، فكان يفوز حتى على من يكبره سناً، في الركض والقفز ورمي كرة الحديد، كذلك كان اعتاد على السباحة شتاءً في نهر شتوي بين بلدتي عين السنديانة والشوير.

شعوره بالمسؤولية تجاه أخوته الصغار، خاصة بعد وفاة جدته وعمه، ونشوب الحرب العالمية الأولى وما رافق ذلك من مجاعة عمت البلاد وتعرض الكثيرين إلى الموت جوعاً.

يروى عنه أنه كان يحمل أخته غريس على ظهره عندما تصاب بالمرض ويصعد بها من الشوير إلى عيادة الدكتور حبيب همام الكائنة في الضهور.

أواخر العام 1916 انتقل سعاده وأخوته الصغار، وكثيرون غيرهم من أولاد الشوير والمنطقة، إلى مؤسسة في برمانا كانت تتعهدها سيدات راعهنّ انتشار الجوع في منطقتهن فرحن يقدمن المأوى والطعام لنساء حاملات، وللأطفال.

كان القائد التركي جمال باشا الملقب بالسفاح قد اختار برمانا منتجعاً له ولزوجته، فيما كان الجيش التركي يحتل مباني مدرسة «الفرندز» الإنكليزية معناها الأصدقاء . من جهة أخرى كان الدكتور دراي، وهو طبيب أسنان مشهور، قد نجح في معالجة حنك جمال باشا عندما تعرّض للرصاص، فبات وهو الإنكليزي – موضع صداقة للقائد التركي لا يرد له طلباً.

لذلك أمكن للدكتور دراي المشرف على مؤسسة «الفرندز» أن يقنع جمال باشا بالتعاون مع سيدة ألمانية تدعى Muller بأن يخلي مباني المدرسة من القوة التركية وتحويلها إلى مركز للمطعم، إذ أن عدد المستفيدين كان ارتفع إلى مئات، ولاحقاً أمكن إعطاء بعض الدروس للأطفال.

في هذا المكان أمضى سعاده وأخوته الصغار المدة المتبقية من سنوات الحرب التي انتهت عام 1918. فيها سجل سعاده المواقف التالية:

عندما قرر جمال باشا القيام بزيارة رسمية إلى المدرسة، فكّر المعلم وديع سعد وكان من الذين أحبوا سعاده، ورعوه، أن يمنحه «شرف» حمل العلم العثماني وأن يقف في مقدمة التلامذة عند الاستقبال. إلا أن سعاده رمى العلم وانسحب إلى غرفته. لحق به المعلم وديع مستفسراً. أجابه سعاده: إنسان هتك أساء، أذى أمتي، ما بقعد تحت بيرقو بيرقه: علمه .

عندما أوشكت الحرب على الانتهاء بدأت الجيوش التركية تنسحب من بعض مواقعها. إلا أن قوة مدفعية تركية بقيت في قلعة بيت مري، مما أحدث جواً من الرعب لدى أهالي البلدة خوفاً من أن تتعرض لقذائف بواخر الحلفاء، فيما لو ضربتهم مدفعية الجيش التركي. حاول أعيان من البلدة عبر اتصالاتهم أن تنسحب القوة التركية فلم ينجحوا. في هذا الجو المشحون قام سعاده بتسلق سارية المدرسة، الملساء، وأنزل العلم التركي عنها ومزقه إرباً.

– تصرفان آخران أكد فيهما سعاده بعد انتهاء الحرب على ما يتمتع به منذ طفولته، بحس وطني متقدم ومرهف:

الأول: كان سعاده في رحلة بحرية بين بيروت وحيفا عاملاً مع فريق من الجيش البريطاني لتأمين قوته وقوت أخوته الصغار. في حديث له على ظهر الباخرة مع ضابط إيطالي بادره هذا، وكان ينظر إلى البحر مشيراً إليه: هو بحرنا. فأجابه سعاده فوراً: لا، لا بحرنا نحن لا بحركم أنتم.

الثاني: صدف عندما كان في زيارة للدكتور دراي لأمر خاص، وقد بات عميد كلية طب الأسنان في الجامعة الأميركية، أن مجموعة من الرجال كانت تتبادل الحديث في من هي الدولة الأجنبية التي يرونها أفضل لحكم بلادنا، فرنسا أم بريطانيا أو غيرهما، ذلك أن البحث كان جارياً في أروقة الأمم التي انتصرت في الحرب، حول موضوع بلادنا التي كانت تحكمها تركيا المنهزمة. تشعبت الآراء فالتفت أحدهم نحو سعاده اليافع الذي لم يكن قد تجاوز الخامسة عشرة من عمره، يسأله: وأنت يا فتى، أية دولة تختار؟

أجاب الفتى أولئك الرجال المختلفين حول أية دولة تحكم بلادهم: أنتم على خطأ. لا نريد سوى أن نحكم أنفسنا.

الولايات المتحدة

عام 1919 غادر سعاده وأخوته الصغار إلى الولايات المتحدة ليلتحقوا بأخوتهم الكبار أرنست، آرثر وتشارلي الذين كانوا ما زالوا في عهدة خالهم سليمان نصير.

في هذا الوقت كان الدكتور خليل مقيماً في الأرجنتين يصدر فيها مجلة «المجلة». عام 1920 قرر الالتحاق بأولاده في الولايات المتحدة فغادر الأرجنتين، إلا أن الجالية السورية في البرازيل وقد استقبلته بحفاوة في مرفأ مدينة «السانطوس» المدينة المرفأ الساحلي لولاية سان باولو التي توقفت فيها الباخرة الآتية من الأرجنتين متوجهة إلى الولايات المتحدة ألحّت عليه للبقاء في البرازيل، فقرر البقاء فيها ليعمل في الصحافة، ويتابع رسالته الوطنية بين المغتربين، فأرسل بطلب أبنائه الصغار من الولايات المتحدة.

غادر سعاده وأخوته سليم، ادوار وغريس إلى البرازيل ليصلوا إليها في 7 شباط 1921.

البرازيل

عاون سعاده والده في إصداره لجريدة «الجريدة» فتعلّم مهنة تنضيد الحروف، وراح ينضّد الجريدة ويساهم في الإدارة والتحرير بادئاً بترجمة عدد من المقالات.

انكبّ سعاده على قراءة أعداد مجلة «المجلة» التي كان أصدرها والده في الأرجنتين، وما صدر من أعداد جريدة «الجريدة» قبل وصوله إلى البرازيل، كذلك راح يطالع الكثير من الكتب والمؤلفات مستفيداً من مكتبة والده الغنية، كما من مكتبات أخرى.

في 4 حزيران 1921 نشر سعاده أول مقال له يعالج فيه شؤون الوطن، ولم يكن تجاوز السابعة عشرة من عمره، ثم اتبعه بسلسلة من المقالات مثيراً دهشة القراء في الجالية الذين كانوا يتساءلون في البدء إذا كان أنطون، الفتى، هو كاتب تلك المقالات، أم والده.

وفي هذا الوقت كان سعاده يدرس على نفسه اللغات البورتغالية لغة البرازيل ، الإسبانية لغة باقي دول أميركا اللاتينية ، والإيطالية، بالإضافة إلى أنه كان يجيد العربية، الفرنسية والإنكليزية.

أمكن لسعاده أن يتقن لاحقاً اللغة الألمانية بفضل عائلة ألمانية صديقة، ثم اللغة الروسية التي درسها على زوجة الدكتور عبده جذرة، الروسية الأصل، وهذا مما جعله يطالع مختلف العلوم الإنسانية بواسطة لغات مختلفة.

كأحد الأمثلة على الاستشراف المبكر لسعاده لواقع بلاده ولمسؤوليته تجاهها نقرأ هذا المقطع من مقال نشره عام 1925، يقول:

«حتى الآن لم تقم حركة سورية منظمة تنظر في شؤون سورية الوطنية ومصير الأمة السورية، لذلك نرى أننا نواجه أعظم الحالات خطراً على وطننا ومجموعنا، فنحن أمام الطامعين والمعتدين في موقف تترتب عليه إحدى نتيجتين أساسيتين هما الحياة أو الموت، وأي نتيجة حصلت كنا نحن المسؤولين عن تبعتها «.

حاول سعاده في البرازيل أن يؤسس لعمل وطني يتمكن بواسطته أن يحقق ما يراه مفيداً لوطنه وهو قد استشرف باكراً الخطر الصهيوني عليها، فضلاً أنه كان يسأل نفسه كثيراً عندما كان يعاني وأبناء شعبه من مآسي الحرب العالمية الأولى، «ما الذي جلب على شعبي هذا الويل» . لذلك خاض سعاده التجارب التالية:

أسس جمعية وطنية سياسية أطلق عليها إسم «جمعية الشبيبة الفدائية السورية».

انخرط في المنظمة الماسونية العالمية، إلا أنه استقال منها بتاريخ 24 أيار 1926 موجهاً رسالة بهذا المعنى إلى

رئيس وأعضاء محفل «نجمة سورية»، ولاحقاً، في 10 أيار 1949، وجه بلاغاً إلى القوميين الاجتماعيين حذّرهم فيه من الماسونية، ودعا من كان منهم قد انضّم إليها قبل انتمائه إلى الحزب، أن ينسحب، إذ لا يجوز الجمع بين ولاءين، ولأن «انترناسيونية الماسونية لا تتفق مع القومية» كما قال في بلاغه، مضيفاً أن «الماسونية جمعية سرية انترناسيونية لها أهداف مستترة غامضة تحت شعار: حرية، أخاء، مساواة».

أسس حزب الأحرار السوريين، ومن مبادئه: سيادة الأمة السورية على نفسها، توحيد البلاد السورية ضمن حدودها الجغرافية، فصل الدين عن السياسة، مكافحة الطائفية، اعتماد القوة لنيل الأمة السورية حقوقها.

إلا أن تلك التجارب أوصلت سعاده إلى قناعة أكيدة أن لا رجاء من أي عمل في المغتربات، وأن في الوطن وحده يصنع مصير الوطن.

لذلك قرر العودة، وراح يقتصد في نفقاته، بالرغم أن الكثيرين من أصدقائه كانوا ينصحونه بالبقاء في البرازيل، إلا أن سعاده كان قد صمم على العودة .

العودة إلى الوطن

في تموز عام 1930 وصل سعاده إلى الوطن.

حاول، عبر انتقاله إلى دمشق والعمل في صحيفة الكتلة الوطنية «اليوم»، بعد أن درّس في كلية «الجامعة العلمية» لصاحبها سليمان سعد، أن يؤسس لما عاد إلى الوطن من أجله.

إلا أنه أصيب بالخيبة، فعاد إلى لبنان صيف العام 1931 ليمضي أشهر الصيف في ضهور الشوير، يلتقي أصدقاء له، ويمضي في العرزال الذي اتخذه مسكناً له، والمطلّ على أجمل المواقع، ساعات طويلة من التأمل والدرس، ومن التفكير العميق في أسس الحزب الذي عاد من أجل إنشائه.

كان سعاده يدرك، عبر تجاربه وتفكيره الطويل، أن الطلبة هم الوسط الصالح لتلقي بذور النهضة القومية الاجتماعية، لذا انتقل في تشرين أول 1931 إلى رأس بيروت وعمل على أن ينخرط في وسط الجامعة الأميركية مدرّساً اللغة الألمانية للراغبين من طلابها. ثم استأجر غرفة في منزل جريس حداد الذي كان يملك مطعماً تجاه الجامعة الأميركية يرتاده أساتذتها وطلابها.

تأسيس الحزب

في هذا الوسط بدأ سعاده خطواته التأسيسية الأولى من خمسة، أربعة منهم كانوا طلاباً في الجامعة الأميركية: جورج عبد المسيح، جميل عبدو صوايا، وديع تلحوق، وزهاء الدين حمود وهو أردني والخامس هو فؤاد حداد أبن صاحب المطعم.

إلا أنه تبين لسعاده زيف اثنين منهم، وديع تلحوق وزهاء الدين حمود، فقرر- لأن الحزب لم يكن له دستور في حينه أن يحلّ الحزب من أجل إقصاء العنصرين الفاسدين.

تابع سعاده العمل التأسيسي مع الرفقاء الثلاثة الباقين، وأخذ بدوره يبحث عن العناصر الصالحة للأخذ بمبادئ الحزب، بالرغم من كل الصعوبات، ومن جو الخوف المسيطر في ظل الانتداب الفرنسي واستخباراته وقوانينه.

راح الحزب ينتشر في لبنان، الشام وفلسطين، وتتكون له فروع، ويتعيّن عمد، ويوضع له دستور، وشعار هو الزوبعة، وبطاقة للعضوية وأخرى مالية، إلى أن وجد سعاده مفيداً أن يلتقي الأعضاء الذين كانوا ينتمون إفرادياً، بشكل سري، في اجتماع واحد. تمّ ذلك في أول حزيران 1935، وفيه ألقى سعاده خطابه المنهاجي الأول مراجعة المحاضرة الثانية من المحاضرات العشر وتلا عميد الإذاعة الرفيق عبد الله قبرصي الأمين لاحقاً تقريراً أعده عن أعمال العمدات وخططها.

فجر السادس عشر من تشرين الثاني 1935، وبعد أن كان الحزب قد انتشر كثيراً في لبنان، الشام وفلسطين وقيام سعاده بزيارات إلى مناطق متعددة في لبنان والشام، كان لا بدّ أن ينكشف أمر الحزب، فتّم اعتقال سعاده وعدد من معاونيه، كما طالت الاعتقالات أعضاء من الحزب.

إلا أن المحاكمة التي أرادها المستعمر سبيلاً للقضاء باكراً على حزب يريد تحقيق وحدة أمته ونهضتها، تحوّلت إلى محاكمة للمستعمر، وكان لوقفة سعاده ودفاعه، الأثر المعنوي الكبير، ليس في صفوف القوميين الاجتماعيين وحدهم – وكان عدد منهم جاء من أنحاء مختلفة من الوطن لحضور المحاكمة إنما في صفوف أبناء شعبنا في الوطن والاغتراب الذين لم يشهدوا وقفة كهذه، ولا واحداً من أبناء شعبهم يتحدى المستعمر بجرأة، وبإيمان مطلق بحق أمته في الحياة .

حكم على سعاده ستة أشهر في السجن، انصرف أثناء ذلك إلى إنهاء كتابه العلمي «نشوء الأمم»، كما وضع كلمات نشيد الحزب الرسمي، الذي قام لاحقاً الرفيق الموسيقار زكي ناصيف إلى وضع لحنه الذي ما زال معتمداً لتاريخه.

الاعتقال الثاني

– ما أن خرج سعاده من سجنه الأول حتى تعرّض بعد أقل من خمسين يوماً إلى الاعتقال فالسجن لمدة أربعة أشهر ونصف. في هذه الفترة كتب شروح التعاليم السورية القومية الاجتماعية .

أما سبب الاعتقال الثاني، فهو العثور على مرسوم الطوارئ الذي كان أصدره سعاده، وفيه ينظم الإجراءات التي يجب اعتمادها في حال تمّ اعتقال زعيم الحزب ومعاونيه. وبما أن السلطات قد أصدرت قرارها في 17/3/1937 باعتبار الحزب ممنوعاً، فقد اعتبرت هذا المرسوم دليلاً على ممارسة العمل الحزبي المحظور.

فلسطين والاسكندرون

شهد عام 1936 اندلاع الثورة الكبرى في فلسطين، التي استمرت حتى العام 1939. فيها سقط الكثير من أبناء شعبنا في مواجهة المستعمر البريطاني والعصابات اليهودية التي راحت تستوطن سورية الجنوبية في فلسطين.

وقد سقط للحزب شهداء أبرزهم الرفيق القائد سعيد العاص، والرفيق حسين البنا، وهو أول رفيق يسقط في العراك الحزبي المسلح ضد الصهاينة.

كذلك شهد العام 1936 بدء تحرك سعاده لمواجهة مؤامرة سلخ لواء الاسكندرون عن الوطن السوري بعد أن كانت سلخت كيليكيا عنه. كان عليه أن ينظر إلى جنوب الوطن حيث تتعرض فلسطين لأبشع مؤامرة تحاك ضد أي دولة من دول العالم، وفي الوقت نفسه ينظر إلى شماله حيث تحاك مؤامرة سلخ الاسكندرون.

من بين الكثير من التحرك الذي قام به سعاده لمواجهة مؤامرة سلخ الاسكندرون، المذكرة التي وجهها في 14 كانون أول 1936 إلى عصبة الأمم، ثم اعتباره هذا اليوم «ذكرى الحدود الشمالية» كما أنه انتدب وفداً إلى اللواء من أجل الاطلاع ميدانياً على الوضع فيه، وأبدى استعداد القوميين للتطوع في سبيل الذود عن الاسكندرون.

إلا أن أبلغ كلمة لسعاده يدلل فيها على نظرته إلى الخطرين التركي واليهودي قوله في محاضرة له في افتتاح النادي الفلسطيني في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1933:

« إني أخشى أن تكون سوريانا آخذة في الانزلاق من أيدينا المتفرقة. ففي الجنوب تتراجع الخطوط السورية أمام الحدود اليهودية، وفي الشمال تتقلص الحدود السورية أمام الحدود التركية».

هذا الكلام قيل قبل سنوات من سلخ لواء الاسكندرون، وسنوات أكثر قبل نكبة فلسطين عام 1948.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى