فلسطين هي القضيّة لا حماس
نور الدين الجمال
عندما احتضنت سورية المقاومة، لم تحتضن حماس فحسب، بل كل فلسطين وقضيتها المحقة في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة، وهذا ما أشار إليه الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم إذ قال: «رغم كل الجراح فإن سورية مع فلسطين، لأن المعركة الأساسية والحقيقية هي في فلسطين وسورية كانت وستبقى مع المقاومة في كل أرض عربية وكما كانت مع المقاومة اللبنانية فإنها مع المقاومة في فلسطين والعراق ولبنان لأنها تعتبر المعركة واحدة». وما سبق أن أعلنه الرئيس الأسد في هذا الصدد كرّره رمضان شلّح في إحدى مقابلاته التلفزيونية عن دور سورية في دعم جميع الفصائل الفلسطينية المقاومة واحتضانها لكونها تقاوم العدو الصهيوني.
ترى مصادر سياسية أن معركة غزة التي تخوضها المقاومة الفلسطينية في وجه العدو الصهيوني عليها تمثّل محور المقاومة والممانعة في المنطقة وليست منفصلة على الإطلاق عمّا ترتكبه المجموعات الإرهابية والتكفيرية في سورية وفي العراق ولا عن محاولات تطويق حزب الله في لبنان.
تضيف المصادر السياسية أن في أجواء ما تشهده غزة من حرب تدميرية تستهدف المقاومة وسلاحها، فإن للمواقف العربية المخزية مما يحصل في غزة تفسيراً واحداً هو أن هناك قوى سياسية عربية وإقليمية هي في الظاهر مع الشعب الفلسطيني وقضيته لكنها في الباطن مع المشروع «الإسرائيلي» ـ الأميركي، ولذلك فإن انتصار المقاومة في غزة يجب أن يجيّر إلى محور المقاومة وفلسطين ولا لتقويم وضع تنظيم «الإخوان المسلمين»، خاصة أن فريقاً سياسياً داخل حركة «حماس» يميل إلى هذا الاتجاه، في حين أن فريقاً سياسياً هو مع أن يكون الانتصار لقضية الشعب الفلسطين وللقوى المقاومة الممتدة من طهران إلى دمشق فبيروت.
من هنا فتحت إيران وسورية أبوابهما للمقاومة الفلسطينية بجميع فصائلها لكي يجيّر الانتصار إلى هذا المحور المقاوم، وعلى القيادة المصرية أن تنظر إلى هذا الأمر بالمنظار نفسه السوري والإيراني وليس من منظار أن «حماس» وعلاقتها مع القاهرة سيئة جداً نتيجة مواقفها السلبية من الدولة المصرية من خلال دعمها لـ«الإخوان المسلمين» في مصر في وجه الحكم المصري. في معنى آخر، إذا كانت الإدارة المصرية وغيرها من الدول تعتبر أن هزيمة المقاومة في غزة تعني هزيمة «الإخوان» فهذا يعني أيضاً أن هؤلاء هم حلفاء للعدو الصهيوني بصورة أو بأخرى، وإظهار الموضوع وكأن «حماس» هي الجهة المقاومة في غزة وليس موضوع فلسطين كقضية شعب ودولة مستقلة. وإذا كانت نوايا تلك الجهات تصب في هذه الخانة فهذا يدل على تبرير موقفها مع العدو «الإسرائيلي»، وحصل شيء من هذا القبيل عندما شنّت «إسرائيل» الحرب على المقاومة في لبنان عام 2006، فمثل هذه المواقف المصرية المرتبكة والحائرة بين موقفها من الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية والمساعدات المالية المرتقبة من دول الخليج ودور مصر في منطقة موجودة على حدودها هي قطاع غزة التي يعتبر موقعاً وعمقاً استراتيجياً لها، يدلّ على التردد والتأزم في الموقف المصري والخطاب الأخير للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي لم يكن حاسماً ولم يعلن موقفاً واضحاً من موضوع غزة. والأمر نفسه ينسحب كما تقول المصادر السياسية على الموقف الأميركي المأزوم حيال مصر والمملكة العربية السعودية و«إسرائيل» المدعومة أميركياً على الصعد والمستويات كافة، ولذلك فإن الإدارة الأميركية التي تمارس ضغوطاً على الحكومة المصرية بعدم تعديل مبادرتها في شأن وقف القتال في غزة تسعى إلى إحياء اتفاق 2012 الذي أبرم في القاهرة بين المقاومة الفلسطينية وكيان العدو الصهيوني، أي هدنة مقابل هدنة، وهذا ما ترفضه الفصائل الفلسطينية كلّها وليس «حماس» وحدها، فالمطلوب قبل وقف إطلاق النار أو أي هدنة رفع الحصار عن قطاع غزة وفتح المعابر، وهنا تكمن العقدة الأساسية بين ما تتضمنه المبادرة المصرية وما تطالب به فصائل المقاومة التي تفرض وجودها ميدانياً وتحقق انتصارات مهمة على الجيش «الإسرائيلي» لكي تترجم إلى نتائج سياسية تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني.