بروكسل وزمن الإرهاب في أوروبا
جهاد أيوب
بعد انفجارات بروكسل أصبح واضحاً أنّ أوروبا تعيش اليوم زمن الانفجارات الإرهابية المتنقلة والمستديمة، وهي عاجزة عن حماية نفسها، وانّ السياسات الأوروبية المدارة من اميركا التي تسيّر خططها الامنية لمكافحة الارهاب وتحدّد دورها متورّطة مع الارهاب حتى العمق، فهي التي شجّعت العناصر التكفيرية ان تتجمّع في عواصمها لتذهب إلى سورية، واول راية لـ«داعش» رفعت في عواصمها، خاصة في بروكسل المدينة الأهمّ في توليد وتدريب الدواعش، وإرسالهم إلى بلادنا، لذلك مع كلّ انفجار ستستنفر أوروبا ومن ثم تنتظر الانفجارات المقبلة دون حسم الوضع على أرضها!
وحتى لا يظلّ الكلام يحاوره الكلام لا بدّ للفرد والمجتمع الأوروبي أن يسأل لماذا تقع الانفجارات الإرهابية في بلاده؟ ولماذا اعتبر إعلامه انّ من يقاتل في سورية معارضة؟ ولماذا سياسة الأنظمة الأوروبية تغطي مشاريع «داعش»، وتتستّر على وجوده في بلادهم؟
من حق الشعوب الأوروبية المهمّشة والمسجونة في كذبة إعلامها الموجّه والمموّل والمملوك بغالبيته من قطر والسعودية أن تطرح الكثير من الاسئلة المشروعة، وأهمّها حول التدابير الأمنية التي اتخدت بعد انفجارات باريس، ولماذا فرنسا رفضت إعطاء بلجيكا بعض المعلومات عن الإرهابيين، وعدم حماس باريس للتعاون الأمني أوروبياً؟
كما أنّ الأمن الأوروبي لديه الدلائل القاطعة بأنّ هذا الارهاب يموّل من السعودية وتركيا وبعض الدول الأعرابية وبغطاء أميركي وبدعم «إسرائيلي»، ومع ذلك استمرت سياسة أوروبا بدعم سياسة هذه الدول، وتقديم المكافآت لها في جميع المحافل الدولية… إذاّ، كيف لأوروربا محاربة الارهاب وهي المتطرفة في دعمه؟
وعلى المجتمع الأوروبي ايضاً ان يحمّل الإعلام الأوروبي المسؤولية الأهمّ في تغاضيه عن استمرارية الأنظمة الأوروبية بدعم الإرهاب سياسياً واجتماعياً وعسكرياً.
إعلامهم أعور الطرح يستغبي أناسه، ويأخذهم إلى التطرف، فمنذ اندلاع الحرب في سورية وهو يزوّر الحقائق ويلمّع صور الإرهابيين ضدّ الدولة السورية، ويخترع القصص والروايات، ويغضّ النظر عن جرائم السعودية وتركيا والموالين لهما هناك، لا بل وصل التطرف في هذا الإعلام إلى اعتبار التفجيرات التي وقعت في عواصمهم وقعت بسبب غيرة الارهابيين من نمطية عيشهم والتسامح الذي يعيشونه دون الأخذ بالاعتبار أنّ للآخر طريقة حياة!
الإعلام الأوروبي بغالبيته هو جزء من التستر على حقيقة الإرهاب من خلال المساهمة في دعم الشخصيات السياسية الأعرابية والتركية الداعمة للجماعات الإرهابية، لا بل تكرّم في أوروبا دون أيّ انتقاد لسياسة التكريم!
الإعلام الأوروبي الذي ينساق خلف إعلام أميركا لا ينتقد هذه الاخيرة، ويتطرّف لسياستها في المنطقة، ويذوب فيها كما لو كان أجيراً لديها، رغم انّ القاصي والداني يدرك انّ أوروبا أصبحت متأمركة، وتدور في فلك العمّ سام، ولا قدرة لديها على أخذ القرار دون الرجوع إلى أميركا، ونظراً إلى هذا الواقع أوجدت وبسرعة في اوروبا الاحزاب المتطرفة على حساب كذبة اليمين الاوروبي، وهذا الاخير صورة منسوخة عن يسارها!
لم يعد في أوروبا اليوم مساحة لشعارات الماضي لا في إعلامها ولا في سياسيّيها وسياستها، ولم تعد تعير أيّ اهتمام للرأي العام، هي مسكونة بدكتاتورية سلطة المال، وهذه السلطة ستوصل إلى تصادم داخلي بين الرأي العام المهمّش ونظام حكم سلطة المال و«داعش» الأوروبي، أقصد بدأ الشارع الاوروبي يدرك أهمية تطرّفه، والتطرّف سيولد الإرهاب مما سيتقاطع مع إرهاب «داعش» وأخواتها على عكس ما يصوّره الإعلام الأوروبي، ولا عجب إذا انطلقت بعد فترة عمليات إرهابية من مواطنيين أوروبيين داخل أوروبا ضدّ جماعات وأحياء يسكنها عرب ومسلمون، وقد تصل إلى مراكز حكومية أوروبية تتبنّى حماية «داعش»، وسياستها تخضع لسلطة بيوت المال، وتسير في دعم السعودية وتركيا حيث منابع المال الارهابي والخطط الداعشية، والذوبان بالقرار الأميركي!!