صباحات
يجهد الباحثون عن الخلود لإيجاد صلة لهم بمعادلة «زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون»، أي أنهم يعملون من أجل أن تكون لهم يد في تواصل عيش الجنس البشري على هذه الأرض، وأن يكون عيشاً بظروف أفضل من التي عاشتها أجيال سبقت. هذا هو شأن الطبّ والهندسة والتقنيات الحديثة، وسعي كل القيّمين على تطويرها… وحدها الأمّ تنال هذا الوسام لمجرّد أنها تقوم بما يستدعيه كونها أمّاً… ولكلّ منّا فرصة أن يكرّم على الأقل أحد الخالدين في بناء الإنسانية واستمرارها ومنحها شروط الأنسنة بفطرية الحنان والحبّ والتطلع إلى الخير والجمال. وهي الأمّ التي أنجبته والأخت التي صارت أمّاً والزوجة التي أنجبت أولاده والإبنة التي ستصير، والحبيبة التي صارت أو ستصير، والزميلة والصديقة… فكم نحن محاطون بخالدين لا نقدّر أنهم الأشدّ مساهمةً في صناعة بشرية بشروط أفضل. وكلّ فرضيات العظمة وشروط الخلود في سواها تقبل النقاش، إلا سعيها وصدق هذا السعي بلا بحث عن أمجاد وتخليد وتكريم وأوسمة ولا انتظار جزاء ولا توقّع بردّ الجميل ولا أجر للتعب الذي لا يقدّر من لحظاته الأولى ببدل، ولا يمكن قبول ربطه بما يسميه بعض الأبناء في عقوقهم بصدفة المتعة العابرة التي قد تصحّ في كثيرين من الآباء، لكنها لا تصحّ في أمّ واحدة… للأمّ… الخالد الأبدي والمطلق في العظمة لصدق السعي لبشرية تحكمها قواعد إنسانية… الأمومة العمل الإنساني المطلق الذي لا يحتمل الالبتاس بصدقه وما يزرعه من قواعد الأنسنة في الأجيال الآتية قبل أن يفسد خيرها الآخرون… للأمّ تحية العيد… والقبلة المميزة للتراب الذي ترقد تحته أمّي… لها أحلى الصباحات ودمعة لا تخجل من نور الشمس.
إثنان واثقان من يومهم لغدهم، زارع شجرة ومربّي الأجيال… تحية في عيد المعلّم.
معادلة سيد المقاومة لـ«الإسرائيليين» كما فهمتها أنتم لتحابوننا تجلسون على برميل بارود، كلما زاد مخزونه وثقتم من طول عمر حروبكم، ووثقنا من شدّة هلاككم. وكلما قل مخزونه قصرت أعماركم وأعمار حرويكم… فمعنا عود الثقاب… أين المفر؟
مشكلة أوروبا في اللاديمقراطية التي تحياها مجتمعاتها والتي أنتجت بقوة الطرد العكسية ملايين المهمّشين بسبب دينهم ولون بشرتهم، وصاروا لقمة سائغة للتطرّف. ومشكلتها أخلاق الحكّام الذين باعوا شرفها بمال يقبضونه من حكّام الاستبداد وأنظمة أمنية غبية توهّمت أن ولاء الحاكم الخليجي لسياساتها يجعل تسليم المساجد لأئمة الوهابية مصدر أمن وأمان… أنظمة لاديمقراطية وحكّام بلا أخلاق وغباء أمني خلافاً لما تظنّون… صدقوا! لم يقل الصباح إن حالنا أفضل كي لا يذهب الكلام في غير معناه .
أفضل الاستثمارات في الحياة وأوثقها، ما تضعونه من حبّ وأخلاق وعلم ونمط حياة وسلوك وثقافة في أبنائكم، به تصنعون لأوطانكم وللبشرية، ولكم خير مستقبل.
طابخ السمّ آكله، وهذا ما طبخته أميركا في أفغانستان وأكلته بعد عشرين سنة، وما طبخته أوروبا في سورية قبل سنوات وتأكله اليوم.
رأيت أطفالاً يحملون كتب المطالعة ويقفون صفوفاً تنتظر القطار على محطات السفر، ويحملون سدنويشات الطعام البسيطة في أيديهم، فعلمت أن وراءهم آباء وأمهات يحسنون التربية. وهكذا، لمّا رأيت مثلهم أطفالاً يحجزون التذاكر لدخول المتاحف والمسارح وصالات الموسيقى والباليه، بينما حزنت لمشهد الأطفال الذين يبكون لأنّ أهاليهم سيرسلونهم إلى المدارس في الباصات يوم تعطّلت السيارة المنزلية، ويخصّصون لهم أيام العطل للذهاب إلى المطاعم والمقاهي كأنهم في آخر العمر. وحزنت أكثر لأطفال يسيرون مع مرافق وسيارة، وأكثر وأكثر لأطفال يفرض عليهم أهاليهم ترداد شعارات وهتافات وأزياء ولا يتسنّى لهم حق الاختيار بعقل راشد… الأمم الحرّة يدافع عنها أحرار، والأمم الحضارية تبني حضارتها الأجيال المثقفة، والأمم المبدعة تتقدّم بالتنشئة على حرّية الاختيار. وقيم الحرّية لا تنمو بثقافة العبودية. وسعادة الأطفال ليست بعادات الرفاهية الطائشة بل بالتنشئة على عادات استهلاك من نوع جديد، فيها العقل والروح لا المعدة صاحب العرض والطلب.