ورد وشوك
جلسَتْ أمام شاشة التلفاز مقطّبة الجبين، تراقب محاولات إنقاذ مهاجرين، لا تدري هل هم يصارعون الموت أم الحياة؟ أناس من لحم ودم، ومن مختلف الأعمار، تركوا خلفهم الوطن بعدما فقدوا فيه كلّ مقوّمات الحياة، وراح جنى العمر تحت ركام حرب حرّكها حقد دفين .
ركبوا أمواج بحر بعدما تركوا على اليابسة أحلاماً وردية جعلوا معظمها واقعاً بكدّ وجهد عظيمين، وبغمضة عين ضاع تعب السنين، وكأنّ شيئاً لم يكن.
عادوا إلى نقطة الصفر من جديد، ولم يعد العمر ليسعفهم ولا المال ولا البنون. لم يبق أمامهم سوى زوارق النجاة علّها توصلهم إلى شاطئ الحياة من جديد.
جال خاطرها وهي في حضرة الصراع بين الحياة والموت بيتها كيف تركته. ذاك البيت المتواضع المريح، انتقت أثاثه ببساطة وهي اليوم تحنّ إلى ذلك الركن الهادئ اللطيف، لغرفة صغيرتها وقد غطّت حيطانها بمجسّمات «آليس في بلاد العجائب». تقضي معها ساعات، تمضي وكأنها حلم جميل. في الزاوية صندوق ألعابها، وعلى المكتبة ألبومات صور تروي حكايات عمر جميل. في البهو صورة الغروب، كم تجادلت مع زوجها عند اقتنائها، كان يفضّل منظر الشروق!
ما عاد مهماً اليوم إن كان الوقت شروقاً أم غروباً. غريب أمرنا نحن البشر لا نعرف قيمة ما لدينا إلا عند فقده!
تنبّهت لنفسها والدمع يغسل وجهها، تلفّتت حولها، «الحمدالله، ما زلت مع عائلتي بخير بين أهلي وعلى أرض وطني، نرضى بقليله، فهو حافظ للكرامة»، وهذا عندها أكثر من الكثير.
رشا مارديني