بركة لـ«البناء» و«توب نيوز»: لا تزال المقاومة الفلسطينية ثابتة في الميدان وتحافظ على الصمود سياسياً وشعبياً
حاوره محمد حمية
«لا مبادرات الآن إلّا المصرية والأميركية، والقطري والتركي لن يتقدّما بأيّ مبادرة». هذا ما قاله ممثّل حركة حماس في لبنان علي بركة، في حوار أجرته معه «البناء» وتبثّه كاملاً اليوم قناة «توب نيوز»، واعتبر بركة أن المقاومة تفوّقت على صعيد الحرب الصاروخية، وأكّد رفض المقاومة أيّ تهدئة مجانية لا تتضمّن رفع الحصار البحري والبرّي عن قطاع غزّة، معلناً الاستعداد لأيّ تفاوض غير مباشر في القاهرة أو غيرها، لكن في ظلّ المعركة. وكاشفاً أنّ حركة حماس تبذل جهوداً لإعادة توحيد المحور المقاوم وتحصينه، مؤكداً أنّ حماس لم تخرج من محور المقاومة لتعود إليه.
وعن المعادلات العسكرية التي فرضتها المقاومة الفلسطينية في حرب غزّة قال بركة: «إن المقاومة تفوقت على صعيد الحرب الصاروخية المقاومة، وطائرات «أبابيل» حلقت فوق المغتصبات الصهيونية وفاجأت نتنياهو لأن دولاً عربية لا تملك طائرات من دون طيار، وهذه الطائرات تصنع الآن في غزّة التي تخضع لحصار منذ تموز 2012، إذ أغلقت حينذاك كلّ الانفاق بين غزّة ومصر، ولم يدخل أيّ سلاح أو معدّات إلى غزّة منذ سنة، لذلك ركّزت المقاومة على الصناعات المحلية، وبالتأكيد استفادت المقاومة من خبرات الحلفاء. لكن المقاومة نقلت التكنولوجيا إلى الداخل الفلسطيني لأنها تدرك أنّ الحصار سيشتدّ عليها مستقبلاً».
العجز الصهيوني
ويضيف بركة في قراءته المعادلات العسكرية التي فرضتها المقاومة في الميدان قائلاً: «إنّ المعادلة التي ترتسم الآن هي الحرب البرّية، فالمقاتل الفلسطيني أقوى من الجندي «الإسرائيلي»، والآن المقاومة تقتل جنوداً «إسرائيليين»، و«الإسرائيلي» يقتل المدنيين من الفلسطينيين، والآن المقاومة تتصدّى لجيش العدو «الإسرائيلي» الغازي الذي يحاول دخول غزّة ولم يستطع حتى الآن. وفي المقابل، نتنياهو لا يملك بنك أهداف عسكرية، بل يقصف المستشفيات، كمستشفى شهداء الأقصى والوفاء الأوروبي والجزائري وبيت حانون في الشمال، ويضرب مراكز إنسانية، وأيضاً قصف مدرسة لـ«الأونروا» للاجئين، وقتل موظفين من الأمم المتحدة، وهذا ما يضع حكومة العدو أمام المحاكمة الدولية».
وأضاف: «إنّ المعادلة تغيرت الآن، فسابقاً، كان الفلسطيني يُتهم بأنه يقتل المدنييين «الإسرائيليين»، أما الآن، فالمقاومة تقتل جنود الاحتلال. وإرادة المقاوم الفلسطيني أقوى من إرادة المقاتل «الإسرائيلي» الذي يخاف المواجهة كي لا يقع في الأسر، فيطلق النار على نفسه».
التهدئة
وعن موافقة المقاومة على التهدئة الانسانية، وإذا كانت مخرجاً للتوصل إلى اتفاق وقف النار، أشار بركة إلى أن المقاومة في غزّة حكيمة ورشيدة، «ونحن نشعر بوضع الشعب الفلسطيني، وحصلت مجازر عدّة، وهناك شهداء ما زالوا تحت الأنقاض، وهناك جرحى محاصرون، ونحن استجبنا لطلب الامم المتحدة بأن تكون هناك هدنة إنسانية، لكننا فوجئنا بعدّة مجازر اليوم». مؤكداً أن في الهدنة مصلحة للشعب الفلسطيني، ولا تعني انتهاء الحرب أو وقف إطلاق النار، إنّها مجرّد هدنة إنسانية لينتشل الشعب الفلسطيني شهداءه ويدفنهم ويعالج الجرحى ويُدخل المواد الغذائية والطبية.
الهدنة الإنسانية شيء ومبادرة وقف إطلاق النار التي تسعى إليها أميركا ومصر شيء آخر».
وأضاف: «نحن رفضنا هدنة الأيام السبعة التي دعا إليها الوزير جون كيري لأننا نعتبرها خدعة يُسمح فيها لجيش الاحتلال بالبقاء في المناطق التي دخلها على تخوم غزّة، ويُسمح له بتدمير الأنفاق الحدودية. ويجري توافق أثناء ذلك لوقف إطلاق نار وهدنة دائمة وهذا مرفوض». مشيراً إلى أنّ الكيان «الإسرائيلي» لا يلتزم إلا بالقوّة، وبعد 20 سنة من المفاوضات، لم يحقق المفاوض الفلسطيني أي حق للشعب الفلسطيني، التفاوض مع الاحتلال عقيم ولا نريد أن نكرّر ما حصل بين السلطة الفلسطينية والاحتلال. نحن لا نفاوض إلا تحت النار ومستعدون لأي تفاوض غير مباشر في القاهرة أو غير القاهرة، لكن في ظلّ المعركة، لأننا في ظلّ المعركة نستطيع أن نضغط على العدوّ ونؤلمه لأنه لا يستطيع أن يبقي خمسة ملايين صهيونياً في الملاجئ لمدّة أطول، وهذه نقطة قوّة للمقاومة، وسنستمر بالعمليات ضد قوات الاحتلال.
وقال: «لن نقبل بتهدئة مجانية، ولن نقبل بتهدئة لا تتضمّن رفع الحصار البحري والبرّي على قطاع غزّة، ونريد أن تقف الحرب لكننا لن نقدّم شروط استسلام للعدو، وخطة جون كيري تطرح تسليم سلاح المقاومة مقابل رفع الحصار وهذا لن نقبل به، ولن تبقى مقاومة من دون سلاح، فتتحول إلى حزب عادي. مسألة السلاح لدينا خط أحمر، والمبادرة المصرية بُحثت مع كيان العدو وأُعلنت في الإعلام ولم تُعرض على المقاومة، وهذا مرفوض، ونحن نربأ بمصر التي قدّمت آلاف الشهداء لأجل القضية الفلسطينية أن تطرح مبادرة لإنقاذ نتنياهو، ولكننا نفرّق بين الدور المصري والمبادرة المصرية، ولا بدّ لمصر أن تستمع إلى مطالب المقاومة وألا تكون منحازة لـ«إسرائيل»».
مصر وحماس
وعن تأثير الموقف المصري من حماس والاخوان المسلمين على مسار التفاوض قال بركة: «نتمنى أن يبقى الخلاف بين النظام في مصر والاخوان المسلمين في مصر خلافاً داخلياً، وألا يُدخلوا العامل الفلسطيني».
ورفض الاتهامات لحماس بأنها قاتلت ضد الجيش المصري مؤكداً أن حماس هي الجناح العسكري للاخوان المسلمين في فلسطين لا في مصر وهي حركة إسلامية.
وطالب بركة النظام المصري بالردّ على ما كشفته صحيفة «هاآرتس» الصهيونية بأنّ هناك تحالف بين السيسي ونتيناهو، مضيفاً: «إنّ النظام المصري ساهم في حصار حماس في غزّة عبر إغلاق معبر رفح أو عبر ما مارسه الاعلام االمصري الخاص أو الرسمي من تحريض على حماس والشعب الفلسطيني وشيطنة حماس». واعتبر أن الكيان الصهيوني استفاد من التحريض المصري على حماس، واستغلّ ذلك لضرب حماس والقضاء عليها، لكنّه فوجئ بحماس قوية وقادرة على المواجهة وإنزال الهزيمة به.
وعن الدورين القطري والتركي قال بركة: «الاميركي اتصل في بداية الحرب بالجانب المصري وطلب منه الدخول في وساطة لوقف إطلاق النار والتهدئة، والمصري اعتذر للاميركي وقال إنه لا يريد التدخل على أمل انتهاء الحرب في غضون أيام، عندئذٍ لجأ الأميركي إلى القطري والتركي للتدخل لدى حماس، وتحدّث القطري إلينا وأسمعناه وجهة نظر حماس. لكن حتى الآن، قطر وتركيا لم تقدّما أي مبادرة، وجون كيري اتصل من أفغانستان بوزير خارجية قطر وطلب منه التحدث مع حماس عن شروط للتهدئة، واتصل بخالد مشعل وجرى لقاء في الدوحة، وسلّمنا مواقفنا، والأميركي وعد القطري بأن يزور الدوحة، وهنا أدرك المصري أنّ هناك جهوداً للتهدئة من قطر وتركيا قد تسفر عن تهدئة، وفاجأنا بعد أسبوع من الحرب في طرح مبادرته في اجتماع وزراء الخارجية العرب، والتي رفضناها».
حماس وسورية
وعن تموضع حركة حماس الجديد بعد فشل مشروع الاخوان المسلمين في مصر وسورية أوضح بركة: «نسمع الكثير من الإعلاميين ومن بعض الأحزاب أنّ حماس خرجت من محور المقاومة، والبعض يقول إنّ حماس خرجت من المقاومة بخروجها من سورية، هذا أمر خاطئ، فحماس حركة مقاوِمة، ولن تتخلى عن المقاومة حتّى بعد خروج قيادتها من سورية في 2012. حماس خاضت حرباً كبيرة في نهاية عام 2012 عندما اغتالت «إسرائيل» القائد القسّامي الجعبري، وقصفت تل أبيب.
الخلاف مع سورية لن يكون خلافاً سياسياً، فلم نختلف في السياسة مع القيادة السورية حول فلسطين والعلاقة السياسية. نحن خرجنا من سورية لأننا لا نريد أن نكون طرفاً في النزاع السوري الداخلي. بذلنا جهوداً لم نوفق بها، ونحن حتى اليوم ما زلنا مع الحل السياسي في سورية».
«داعش»
وعن موقف حماس من «داعش» قال بركة: «هذه الدولة والتي سمّيت دولة الخلافة لا علاقة لها بالاسلام، وهي عمل أجهزة استخباراتية مخترقة، ونخن ضدّها، لا بل تكفّرنا وتتهمنا بأننا نهادن العدو «الإسرائيلي»، وتعتبر فلسطين جزءاً من دولتها، وتقول إنه حينما تنتهي من سورية والعراق ستأتي إلى فلسطين لتحرّرها».
وأضاف: «لا نريد أن ندخل في محاور عربية، إننا اليوم في معركة مع «إسرائيل» ولا نريد فتح جبهات لمصلحة هذا الفريق أو ذاك، ولا نريد أن ندخل في محاور عربية ضد محاور عربية أخرى. نحن الآن في معركة مع العدو الصهيوني، فلتتحد كلّ الجهود العربية لمصلحة هذه المعركة. وندعو إلى وقف كلّ المعارك المذهبية، والتحريض المذهبي، والمعارك العرقية لأنّ التجزئة مشروع أميركي صهيوني بامتياز».