طوق الغرابة
قالت له: لماذا لا تخرج من دوائرك المحدودة الضيّقة، وتغلق أبواب الانكماش التي تقيّد روحك وتمنعك عن التمتّع بجمال الدنيا، فلا يبقى لك إلا قبحها؟
قال لها: وهل يستطيع المرء أن يغيّر القوانين التي تحكم طبيعته وطباعه؟
قالت له: عندما تثبت قدرتك على البقاء مخاطباً عقلك وقلبك، فطبيعة الوجود خليط مسكون بالألفة والحكمة. فكما الإحساس الشغوف يمكن أن يكون شعراً، فإنّ المشاعر المجهولة لغز يصعب فهمه.
قال لها: تميلين إلى بوح الحكم وأنا ما تعوّدت عليك إلّا امرأة قلقة محتارة. توشوش ذاتها. خجولة غامضة، أسحب الكلام منها عندما أرغب محاورتها، فأصير مثل مكّوك في فضائك أنتظر سحرك الأنثويّ المشبع ببريق روحك الماسيّ، يبهرني إلى أقصى حدود الثقة.
قالت له: ها أنت تعترف أنّني ذلك النبع الغامض والخليط الممزوج المتكامل.
قال لها: معك أنت يغيب صخب روحي وعنفواني. فقدرتي على التمييز تنعدم، وجبروتي ونفوذي يتحوّلان إلى غبار عابر في فضاء هشيم، وتبقى شهوتي للحياة ألعوبة حرّة تلامس شغاف قلبي لك صوتاً وصورة.
قالت له بضحكة خجولة: أعترف أنك في الحبّ أسطورة تغزو المستحيل، وترحّل الخيبات إلى غير رجعة، فيولد الأمل، وتتجدّد الأحلام، وتخضرّ الضفاف بعد يباس، فيصير الابتعاد عنك تهوّر ومغامرة!
قال لها متغزّلاً: وأنت إبداع الخالق المليء بالغرابة، فنّاً وجمالاً وحكمة وبراءة، أعجز عن قراءتك، كما أعجز عن كتابتك. فالتفرّد في وصفك جنون وخيال، اكسري طوق الغرابة، وطيري حولي مثل حمامة!