واشنطن تمهّد للاعتراف بالرئاسة السورية مقابل التفاوض على رئاسة الحكومة كي مون يفشل في الأونروا… وجنبلاط يتّهم «القوات» و«المعلومات» بالإنترنت

كتب المحرر السياسي

بينما لا تزال أوروبا تحت وطأة ما يشبه حالة طوارئ شاملة، في مطاراتها ومحطات القطارات والمؤسسات الحساسة، وحملات المداهمات والمطاردات من شارع إلى شارع، في أكثر من عاصمة، ضرب تنظيم داعش معسكراً لتجميع ضباط وجنود دولة الإمارات في مدينة عدن عاصمة جنوب اليمن، حيث سقط العشرات بين قتلى وجرحى.

مواجهة الإرهاب التي تضغط على عواصم الغرب لتسريع الحلول السياسية في سوريا واليمن، لمنع تجذّر جماعات القاعدة بمتفرعاتها، بعدما تمكنت من التمتع لزمن طويل بالتغاضي العربي ونيل الدعم المالي والتسلّحي من السعودية وقطر ودول خليجية أخرى، تحدّث عنها المسؤولون الأميركيون علناً، وحظيت بالملاذ الآمن في دول كتركيا والأردن، شكلت العامل الحاضر في محادثات وزير الخارجية الأميركية جون كيري في موسكو، التي شملت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، والتي صرّح بعد نهايتها كيري عن تفاهمات تطال المرحلة المقبلة في سوريا، فيما كشفت مصادر إعلامية روسية تفاصيل جديدة عن هذه التفاهمات.

تقول المصادر الإعلامية الروسية إن كيري عرض للمسؤولين الروس تصوراً ينطلق من التسليم ببقاء الرئيس السوري، ويسحب المقترحات السابقة الخاصة بإرضاء السعوديين بإجراءات تستهدف حزب الله وتواجده في سوريا، ويتفهّم الموقف الروسي في المسألتين، وأن هذا التصوّر يقوم على تقاسم للسلطة بين الرئيس السوري ورئيس الحكومة والحكومة الموحّدة في مرحلة ما قبل الدستور الجديد وتكريس هذا التقاسم دستورياً في الدستور الجديد والعمل بموجبه فيما بعد ذلك.

صيغة كيري التي تسلّم بسورية علمانية موحّدة لا تخفي السعي للإيحاء بكون هذا التقسيم يحمل بعداً طائفياً، وفيما تتطلّع واشنطن لصيغة شبيهة بالتقاسم اللبناني يُضعف رئاسة الجمهورية، لا تبدي تمسكاً بهذه الصيغة وتقدّم المثال الفرنسي لرئيس جمهورية يتولى السياسات والمسؤوليات الدفاعية والخارجية، بينما تتولى الحكومة ورئيسها الشؤون الداخلية في البلاد، وإذا كانت الصيغة الفرنسية تنطلق من كون الرئيس منتخَباً من الشعب مباشرة والحكومة تمثل الأغلبية النيابية، فإن ما بعد الدستور الجديد إذا تمّ توافق السوريين على هذا التقاسم سيضمن عبر الانتخابات تحديد أغلبية نيابية تقاسم الرئيس المنتخب السلطة، لكن ما بعد المفاوضات التي ستنتج حكومة موحّدة فشخص رئيس الحكومة هو الضمانة لتوازن بين الرئيس ومعارضيه، وفقاً للطرح الأميركي الذي حمله كيري لمناقشته مع الحلفاء لكل من موسكو وواشنطن، قبل الدخول في الأسماء التي يبدو أن في جعبة الأميركيين ما هو جاهز منها للتداول.

جماعة الرياض التي لم تستوعب بعد صدمة مشاركة الأكراد تلقت الكلام المنسوب لكيري عن تأجيل البحث بمصير الرئاسة السورية كصفعة على الوجه، بعدما أمضت يومين تتحدّث عن تغير في التعاطي الدولي لمصلحة مشروع هيئة الحكم الانتقالي ليتحدث الناطق بلسان هيئة التفاوض منذر ماخوس عن مؤامرة أميركية روسية على المعارضة.

لبنانياً، ورغم عطلة أعياد الفصح عكّرت زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى لبنان على اللبنانيين التمتع بهدوء الطرقات الرئيسية بسبب الإجراءات المبالغ بها في إقفال الطرق وتحويل السير التي اتخذت بمواكبة تنقلاته.

الزيارة التي لم يستطع المسؤولون توصيف هدفها، بين مصير اللاجئين السوريين ووضع المخيمات الفلسطينية، وربط المساعدات المالية الدولية بانتخاب الرئيس العتيد، فشلت في ملف الأنروا فشلاً ذريعاً وواجه حملة غضب شعبي، لكونه لم يحمل أي حلول لشلل المؤسسة الحيوية في حياة الفلسطينيين، والتي يخفي تهميشها تورطاً أممياً في ملف التوطين، ويفتح شهية التساؤل عن مساعي بان كي مون للحصول على تسهيلات لإقامة اللاجئين السوريين بطلب أوروبي لتخفيف ضغط الهجرة عن أوروبا.

زيارة كي مون لم تسحب من الأضواء تداعيات فضيحة الإنترنت التي تناولها النائب وليد جنبلاط في تغريداته غامزاً من قناة مَن قال إنهم جهاز أمني وحزب لبناني فاعل ومحطة تلفزيونية تربطها علاقة خاصة بهذا الحزب، وقالت مصادر متابعة لمواقف جنبلاط إنه يتهم حزب القوات اللبنانية الذي له مكانة خاصة في محطة «أم تي في»، التي جرى توضيع هوائيات الشبكات المتورطة في مواقع الإرسال العائدة لها في الزعرور، والتي اندلع بسبب ما جرى فيها من منع للأجهزة المعنية بفك التجهيزات غير الشرعية وحراس المحطة، سجال تلفزيوني بين شاشة المحطة ومحطتي «أل بي سي» و«الجديد».

بان ينهي زيارته لبنان اليوم

تنتهي زيارة جسّ النبض في ملف النازحين السوريين التي قام بها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس البنك الدولي اليوم، بعدما زار والوفد المرافق أمس، مخيم نهر البارد، واطلع على أوضاع النازحين في حي التنك في الميناء في طرابلس، وجال على مخيمات النازحين السوريين العشوائية ضمن بلدة بحنين – المنية، ومخيم نوفل للنازحين السوريين في بلدة الدلهمية في تربل، وافتتح مركز الشؤون الاجتماعية في البقار في منطقة القبة بحضور وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس.

وأكد بان في مؤتمر صحافي في فندق فينيسيا «أن دعم الأمم المتحدة للقوات المسلحة اللبنانية ليس فقط دعماً للبنان بل للاستقرار الإقليمي»، لافتاً إلى «أنه من دون انتخاب رئيس للجمهورية سيبقى لبنان ضعيفاً ولن يقوى في علاقاته الخارجية والدولية». ولفت إلى أن لبنان «يستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم بالنسبة إلى الفرد الواحد»، معلناً أن المجتمع الدولي سوف يدعم «اللاجئين السوريين الذين يستضيفهم لبنان مؤقتاً، إلى حين يتمكنون من العودة بسلام وأمان إلى سورية».

الهدف من الزيارة?!

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أن زيارة كي مون للمخيمات هي للتغطية على السبب الرئيس للزيارة التي جاءت بهدف محدّد يتصل بالنازحين السوريين واستطراداً بالجيش اللبناني والملف الرئاسي، فهناك مشكلة حادة بين الفلسطينيين والأمم المتحدة»، مشيرة إلى «أن هذه الزيارة لم تقدّم شيئاً للفلسطينيين، فالأمين العام للأمم المتحدة أبدى تأثره بوضع الفلسطينيين من دون أن يلتزم بعمل أو تقديم وعد بمعالجة». وأشارت المصادر إلى أن الزيارة في اليوم الأول عندما خرج من وزارة الدفاع، وما حصل أمس من جولة في طرابلس وعلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ليست إلا نوعاً من السلوكيات الاستعراضية». وتحدّث مصدر وزاري لـ«البناء» عن محاولات الغرب إعطاء حرية العمل والإقامة للنازحين واستيعابهم بهدف إبعاد خطر النزوح السوري عن الدول الأوروبية»، لافتة إلى أن المساعدات التي أقرّت في مؤتمرات لندن والدوحة والكويت لا تتجاوز 25 ».

..والتقى البطريرك الراعي

وفي ظل الفراغ في الموقع الأول في الجمهورية، خصّ الأمين العام للأمم المتحدة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي بلقاء في مطرانية بيروت المارونية. وتناول اللقاء أبرز المواضيع المطروحة على الساحتين اللبنانية والإقليمية ودور المجتمع الدولي في المساهمة بحلّ أزمات المنطقة. وتطرّق البحث إلى موضوع رئاسة الجمهورية، وكان توافق على وجوب تعاون كل اللبنانيين من أجل تسهيل عملية الانتخاب لأن استمرار الفراغ يزيد من أزمات لبنان ويسير به إلى الوراء. وعرضا للمواضيع الشائكة الراهنة في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط مع اقتراحات لحلها.

وأكدت مصادر بكركي لـ«البناء» أن «البطريرك الراعي أبلغ كي مون الرفض المطلق لتوطين النازحين السوريين، وضرورة أن يسعى المجتمع الدولي بدلاً من تأمين العمل لهؤلاء في الدول المضيفة، العمل لإيجاد حل سياسي يوفر عودة هؤلاء إلى سورية».

وعلمت «البناء» أن الراعي «سلّم بان مذكرة تتضمن شرحاً تفصيلياً حول الملف الرئاسي ووضع المسيحيين». وكرّر أمام ضيفه إصراره على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، ودعاه إلى الضغط عبر اتصالات مع المعنيين من الدول المؤثرة للمساعدة في إنهاء الفراغ الذي من شأنه أن يعيد انتظام عمل المؤسسات». ولفتت المصادر لـ«البناء» إلى أن زيارة مطرانية بيروت للموارنة متفرعة عن الضغوط لإنجاز الملف الرئاسي وتعبّر عن دعم لما يقوم به البطريرك الراعي باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية».

وفي سياق متصل، أشارت مصادر مطلعة في 14 آذار لـ«البناء» إلى أن «أفق الانتخابات الرئاسية لا يزال مسدوداً محلياً وإقليمياً»، لافتة إلى «أن الرئيس سعد الحريري يتجه بناء على طلب الأميركيين إلى البحث عن اسم آخر غير رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية في ظل تعثر انتخابه وإقناع حزب الله بالنزول إلى المجلس النيابي لانتخابه».

بو صعب لـ«البناء»: الحكومة أبلغت بان رفضها التوطين

وأكد وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب لـ«البناء» أن «موقف رئيس الحكومة خلال لقائه الأمين العام للأمم المتحدة كان موقفاً أكثر من واضح وصارم في موضوعين أساسيين: الأول: أن فكرة توطينهم وإبقائهم في لبنان غير قابلة للنقاش مع الحكومة، والثاني أن عدونا «الإسرائيلي» لا زال يخرق سماءنا ويحتل جزءاً من أرضنا، ونطلب من الأمم المتحدة أن تساعد لبنان لوضع حد للاعتداءات «الإسرائيلية» في لبنان». ولفت بو صعب إلى لا أحد يرضى بأن يبقى النازحون السوريون في لبنان، مشدداً على أن الأمين العام للأمم المتحدة «لم يفرض شروطاً لتوفير المساعدات للبنان التي من وجهة نظرنا يجب أن تأتي بأسرع وقت ممكن».

جريج لـ«البناء»: التوطين مرفوض لبنانياً ودولياً

وقال وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء» أن «زيارة بان إلى لبنان عادية وضرورية لكونه المسؤول الدولي الأول، ويجب أن يطّلع على كل الأحداث في المناطق الساخنة وزيارته بحد ذاتها ومعه رئيسا البنك الدولي والبنك الإسلامي تفصح عن نيات جدية عن مساعدة لبنان سواء بموضوع النازحين أو بموضوع استتباب الأمن والوضع الأمني والإنساني في مخيمات النازحين السوريين والفلسطينيين».

وعن الموعد الزمني لتسليم المساعدات المالية إلى لبنان أوضح أنه «لم يتمّ الإفصاح عن كل الأمور والإجراءات التي تم الاتفاق عليها خلال الزيارة ولا تزال المحادثات مستمرة ويجب الانتظار حتى نهاية الزيارة لتتوضّح الآليات والجدول الزمني لتسليم المساعدات». وأشار جريج إلى أن عودة النازحين مرتبطة بتوافر الشروط الأمنية في سورية، ووجودهم في لبنان مؤقت فالتوطين مرفوض لبنانياً ودولياً»، متوقعاً أن «تبدأ عودة النازحين مع تقدّم المفاوضات في جنيف والتوصل إلى حل سياسي للأزمة».

وأوضح أن «كي مون لم يربط موضوع المساعدات المالية إلى لبنان بموضوع انتخاب رئيس للجمهورية بل هو تمنى وحث الجميع على ضرورة إنجاز هذا الاستحقاق وتفعيل عمل المؤسسات».

جنبلاط يسأل عن فضيحة «الإنترنت»؟

وفيما يحضر ملفا الانترنت وأمن الدولة اجتماع مجلس الوزراء الخميس برئاسة الرئيس تمام سلام، تستمر فضيحة شبكات تهريب الإنترنت غير الشرعية بالتفاعل في لبنان ويستمر معها تغريد النائب وليد جنبلاط بتفجير تفاصيل جديدة بتلميحه إلى تورط مصدر أمني، وحزب سياسي، ومحطة إعلامية، مشيراً إلى «أن مصدراً أمنياً حاول التقليل من أهمية الفضيحة لكون كل أجهزة الإرسال والتنصّت تمر من خلاله، وكيف لا وإحدى الشركات مقربة من الدائرة الشخصية والعائلية كما يُشاع». وأضاف «وكيف لا وشركة أخرى تعود إلى وسيلة إعلامية معروفة استباحة رجال الأمن، كما يُشاع. هذا الأمن الذي يزداد مواكب ومرافقات، لكنه يبقى الأمر بتفاصيله موجوداً لدى الوزارة المختصة التي بأركانها تعلم كل شيء وتغطي مع المرتكبين كل شيء، أما بقية الشركات المتورطة فيقال أيضاً إن أحزاباً أو حزباً يحميها، وفق الرواية». وتعقيباً على كلام رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، سأل مصدر أمني أمس، ماذا يجري بين النائب جنبلاط وقوى الأمن الداخلي؟ وتحديداً بينه وبين فرع المعلومات، وبينه بين الحزب الذي يرعى المحطة التلفزيونية ليوجه جنبلاط أصابع الاتهام إليهم مباشرة ومن دون أن يسمّيهم؟».

حزب الله: «داعش» وهمٌ كبيرٌ

رأى نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن «الوحش التكفيري لا معالجة له إلا بطريقين: الأولى: إيقاف المدّ الفكري الوهابي، الثانية: منع التمويل والدعم السياسي والعسكري والرعاية الدولية والإقليمية لهذه الجماعات». واعتبر «أن داعش وهم كبير، لم تكن لتحتل الموصل والرقة، ولم تكن لتقوم بتفجيرات في أماكن مختلفة في العالم منها بروكسل وفرنسا وغيرها، لولا أن هؤلاء رعوهم وساعدوهم تحت عنوان أن يقتلونا نحن وهم يكونون بمأمن، فتبيَّن أنهم يستفيدون من هذا الدعم ليقتلونا وثم يتجهون إليهم ليقتلوهم».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى