هكذا تحرّرت مدينة تدمر…
كنان اليوسف
مدينة تدمر أو عروس البادية، كما يحلو للكثيرين تسميتها، تبعد عن مركز مدينة حمص حوالي الـ160 كم شرقاً وتبعد قرابة الـ200 كم عن العاصمة السورية دمشق. أسبوعان من العمليات العسكرية المتواصلة كانت كافية لدحر تنظيم داعش منها وفرار مقاتليه بعد مقتل المئات منهم.
تحرير تدمر بدأ بقيام الجيش السوري مع القوات الرديفة له بحشد مكثف للقوات العسكرية البرية، إضافة إلى زيادة حضور المدرعات وسلاح المدفعية الثقيل، فيما كان الحضور الأكبر لسلاح الجو لا سيما المروحية المقاتلة «جازيل»، والتي شكلت عاملاً مهماً في حسم المعركة لمصلحة الجيش السوري وحلفائه.
أولى العمليات العسكرية كانت خلال الأيام الأولى من شهر آذار الحالي من 7 محاور رئيسية هي البيارات وجبل الطار وتل مطر والدوة والمقالع، إضافة إلى مثلث تدمر وجبل الهيال وصولاً إلى قلعة تدمر الأثرية.
وقبيل الوصول إلى القلعة كان الجيش السوري فرض سيطرة مباغتة على تلة السيرياتيل القريبة لتضاف هذه التلة إلى مساحة 105 كلم مربعة حرّرها الجيش السوري خلال عمليته العسكرية بين تلال وسلسلة جبال الهايل المعروفة بالهيال، ومساحات سهلية وصولاً إلى المدينة الأثرية. ومنها أصبح الطريق سالكاً لقوات الجيش نحو القلعة الأثرية.
الوصول للقلعة كان المحطة الفاصلة في حسم المعركة لمصلحة الجيش السوري وحلفائه ومنها اعتبرت مدينة تدمر بشقيها الأثري والسكني بحكم الساقطة نارياً وعسكرياً.
يقول أحد مقاتلي الجيش السوري «أكثر من 40 كم قطعتها قوات المشاة سيراً على الأقدام بين التلال والجبال الوعرة عدا عن طبيعة المناخ الصحراوي لغاية الوصول والتمركز في القلعة المتوضعة على رأس تلة مرتفعة وحاكمة»، لتصبح القلعة مقراً لعناصر الرصد في الجيش السوري التي قامت بدورها بإرسال إحداثيات دقيقة عن مراكز تجمع مسلحي داعش داخل المدينة إلى مرابط المدفعية المتمركزة هي الأخرى على التلال المحيطة، وعليه تمّت عمليات الاستهداف المركز والدقيق. والدليل على دقة الاستهداف هو حجم الدمار الضئيل في المدينة السكنية من تدمر. ما اعتبر دليلاً آخر على أن عناصر تنظيم داعش لم يقاوموا كثيراً وإنما اقتصرت عملياتهم على المشاغلة ومحاولات تأخير تقدم الجيش السوري وحلفائه أكبر وقت ممكن لغاية سحب عائلات مقاتلي التنظيم وعتاده نحو ثاني أكبر مدن البادية بعد تدمر، أي نحو مدينة السخنة. وهذا ما حصل بالفعل.
ومع وصول طلائع القوات إلى مشارف المدينة بدأ الزحف البري نحوها تحت غطاء المدفعية وسلاح الجو لتتم السيطرة أولاً على أحياء العامرية والمتقاعدين والجمعيات الغربية في مدينة تدمر، بعد معارك عنيفة خاضها الجيش السوري والقوات الرديفة ضد إرهابيي داعش، الذي زرع العبوات الناسفة في هذه الأحياء وانكفأ بالتراجع.
الداخل إلى مدينة تدمر السكنية بعد تحريرها يرى جيداً أنها خالية من أي وجود للسكان المدنيين ويلاحظ أيضاً حجم التفخيخ والعبوات الناسفة التي زرعها عناصر تنظيم داعش، قبيل انسحابهم وهي عمليات تفخيخ تحتاج ربما إلى أكثر من أسبوعين. وهي مدة العمليات العسكرية قبيل اقتحام المدينة من قبل الجيش السوري، ما يدفع للقــول إن تنظيم داعش أدرك جيداً منذ بدء العملية العسكريــة نحو تدمــر أن قــراراً عسكرياً لا رجعة عنه اتخذ باستعادة مدينة تدمر فمــا كان من مقاتليه إلا اتباع استراتيجية الإشغال وتأخير التقدم والتفخيخ قبيل الانسحاب والفرار.