شروط استباقية لهادي تهدد محادثات السلام اليمنية

في وقت يستطيع كل من الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وحليفه الحوثي أن يخاطبا تظاهرات مليونية عبر شاشات محطات تلفزيونية تابعة لهما، غطت هذا الحدث غير المسبوق في تاريخ اليمن الحديث، بينما لا يجد الرئيس اليمني «الشرعي» عبد ربه منصور هادي شاشة واحدة لمخاطبة اليمنيين في الذكرى الاولى «لعاصفة الحزم» السعودية التي أطلقت العنان لطائراتها في غارات جوية، تحت عنوان رئيسي، هو إعادته الى قصره في صنعاء واخراج «القوات المحتلة» منها.

وفي وقت جرت فيه المفاوضات في السر بين مسؤولين سعوديين ونظرائهم الحوثيين في الرياض، ونجحت في تهدئة الجبهات الحدودية، وتبادل أسرى، ربما تكون الخطوات الأولى نحو طريق الخروج السعودي من هذه «العاصفة» وتوفير بعض فرص النجاح للمفاوضات المتوقعة بمشاركة اطراف النزاع، وتحت اشراف الامم المتحدة.

في هذا الوقت تستبق حكومة هادي محادثات السلام المرتقبة في الكويت بوضعها شروطاً متضاربة من شأنها إفشال هذه المحادثات المعوَّل عليها لإنهاء الحرب المدمرة.

الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي كتب مقالة في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، وفي موقف يعكس وضع العراقيل، اشترط بأن أي اتفاق سلام نهائي يتم التشاور حوله، لا بد أن يتضمن ضمانات وإجراءات فورية رادعة في حال مخالفته لتعزيز حالة الأمن والسلام بشكل كامل في اليمن. وهي أمور لم يتضمنها قرار مجلس الأمن، ولم تتطرق إليها المحادثات، التي أجراها المبعوث الدولي الخاص باليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد مع الأطراف المتحاربة.

وخلافاً لنبرة العراقيل لهادي، قال المتحدث الرسمي باسم جماعة «أنصار الله» محمد عبد السلام إنه لم تقدَّم بعد أجندة واضحة إلى الحركة بشأن جدول أعمال المفاوضات، ولا مشروع واضح المعالم لوقف إطلاق النار أيضاً. وأضاف أن مشاورات الكويت قد تلقى مصير مشاورات جنيف السابقة، إذا لم يكن هناك إرادة للسلام.

وحول حديث المبعوث الدولي والرئيس هادي عن قبول «أنصار الله» بالنقاط الخمس، التي طرحها ولد الشيخ أساساً لمحادثات السلام، ومن بينها: قرار مجلس الأمن الدولي، والانسحاب من المدن، نفى عبد السلام الاتفاق عليها مؤكدا أنها جاءت من طرف ولد الشيخ فقط. ورأى أن الحلّ في اليمن ليس بعودة أي طرف لكي يحكم، بل بالتوافق وإحياء الحوار الذي أوقفه ما سماه بالعدوان في إطار شراكة حقيقية «.

وجدد المتحدث الرسمي باسم «أنصار الله» التمسك بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية لإدارة المرحلة الانتقالية بنحو واضح. وأشار عبد السلام إلى أنه إذا لم يحصل ذلك، فهذا يعني سيادة الفوضى، مستنداً إلى عجز حكومة هادي عن إدارة البلاد في الجنوب طوال الفترة الماضية. وهو موقف يكشف الفجوة الكبيرة بين رؤية الطرفين لإحلال السلام في اليمن واستئناف العملية السياسية من جديد.

ميدانياً، وخلال عام من العدوان، حقق الجيش اليمني واللجان الشعبية إنجازات نوعية في خضم مواجهتهم للعدوان السعودي ومرتزقته. وبرزت القوة الصاروخية اليمنية باستهداف تجمعات القوات المعادية ومعسكراتها مكبدة اياها خسائر جسيمة في الارواح والعتاد.

وبرزت القوة الصاروخية للجيش اليمني خلال هذه الحرب وكانت لضرباتها النوعية على تجمعات الغزاة والمرتزقة في عدد من المحافظات سببآ كبيرا في قلب المعادلة واللجوء للبحث عن مفاوضات.

فعملية صافر في مأرب مطلع أيلول من العام الماضي كبدت العدو خسائر كبير حينما استهدف الجيش تجمعهم بصاروخ بالستي من نوع توشكا سقط خلاله مئات القتلى والجرحى بينهم جنود اماراتيون وسعوديون، ودمر أيضاً عددا من طائرات الاباتشي والاليات المدرعة واحرق مخازن أسلحة للعدو.

استهداف مركز قيادة عمليات الغزاة في باب المندب اواخر أيلول من العام الماضي من قبل القوة الصاروخية للجيش كان اشد وقعا على العدو الذي خسر اكثر من 150 غازيا بينهم سعوديون واماراتيون ومغاربة، ودمر صاروخ توشكا في هذه العملية طائرات اباتشي وعشرات الاليات العسكرية والعربات والمصفحات.

وبالمثل أيضاً سقط المئات من الغزاة والمرتزقة بقصف صاروخي للجيش اليمني استهدف به معسكر العند جنوب اليمن مطلع هذا العام أدى الى مصرع العشرات من الغزاة والمرتزقة وخسائر فادحة.

وفي سياق آخر، بدأ عناصر تابعون لتنظيم القاعدة، إخلاء مواقع كانوا سيطروا عليها بأوقات سابقة في مدينة زنجبار جنوبي اليمن، والتوجه إلى وجهة غير معروفة، بحسب سكان محليين.

وأفاد السكان في أحاديث منفصلة لـ «الأناضول»، أن عناصر تابعين للقاعدة في «زنجبار» عاصمة محافظة أبين غادروا بعد ظهر الثلاثاء بعض المقار والمباني الحكومية التي كانوا سيطروا عليها سابقاً، واتجهوا إلى وجهة غير معلومة.

وأضاف السكان في أحاديثهم بأن عناصر القاعدة شوهدوا وهم يضعون أمتعتهم على ظهر سيارات مكشوفة، بعد أن تركوا وأخلوا بعض المباني والمقرات الحكومية التي يسيطرون عليها في زنجبار كـ«مبنى المحافظة والأمن السياسي والمحكمة الجزائية» وغيرها، من دون تحديد الجهة التي ذهبوا إليها.

ويأتي الانسحاب عقب غارات جوية شنتها طائرات العدوان السعودي مساء السبت الماضي على مواقع لعناصر القاعدة، وسط زنجبار، وأدت إلى مقتل 4 من عناصر التنظيم، وإصابة 7 أخرين بجروح، وتهدّم منازل المواطنين القريبة من القصف.

وكانت القاعدة قد أعلنت سيطرتها الكاملة على عاصمة محافظة أبين، عقب مقتل زعيم تنظيم القاعدة في اليمن «جلال بلعيدي» المكنى بأبي حمزة الزنجباري في 4 شباط الماضي.

ويذكر أنه تم قتل 14 شخصاً من تنظيم القاعدة، الأحد الماضي، بغارات جوية مكثفة شنتها الولايات المتحدة ضد التنظيم في جنوب اليمن، حسب مصادر طبية وشهود.

ووقعت الغارات في وقت ظهرت فيه بوادر تراجع التوتر بين الحوثيين الذين يسيطرون على معظم المناطق الشمالية من البلاد، والقوى المناهضة لهم التي تتزعمها المملكة العربية السعودية، بعد عام من الحرب التي راح ضحيتها أكثر من 6200 شخص.

وقال سكان يمنيون إن طائرة حربية قصفت مبان يستخدمها تنظيم القاعدة في محافظة أبين الساحلية، ودمرت مقراً لقيادة الاستخبارات في مدينة زنجبار عاصمة المحافظة سبق للتنظيم الاستيلاء عليه لاستخدامها كقاعدة له. وقال أطباء إن الغارة خلفت 6 قتلى.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى