الشبكة العنكبوتية في لجنة الاتصالات: من البحث في الجوهر إلى التسييس… وتجهيل الفاعل!
هتاف دهام
خرج النواب من اجتماع لجنة الإعلام والاتصالات أمس، بانطباع يشوبه القلق نتيجة المسار الذي اتخذته النقاشات بين وزارة الاتصالات ونواب تيار المستقبل من جهة، ونواب التيار الوطني الحرّ من ناحية أخرى نتيجة المسار الذي اتخذته السجالات والتي بدت في مآلها وكأنها تتجه إلى تسييس النقاش وتحميل المسؤوليات تبعاً للانقسامات المعهودة بين وزراء التيار الوطني الحر الذين تسلّموا وزارة الاتصالات وبين شركة أوجيرو. ولذلك انجرّ النقاش للبحث في مسؤولية وزارة الاتصالات في حين لم ينل الموضوع الجوهري الذي يرتبط بعمل الشركات وتجاوزها القانون وهدرها الأموال العامة ومدّها شبكات واسعة بما فيها الكابلات البحرية من دون أن ينتبه لها أحد عمداً أو سهواً. لذلك بات القلق يسود أوساط نيابية وسياسية عدّة أن تتجه المسألة إلى التمييع، خاصة أنّ وزير الاتصالات بطرس حرب شكا في الجلسة من بطء حركة القضاء في متابعة الموضوع، وما يزيد الأمر خطورة أنّ أصواتاً نيابية مستقبلية في الجلسة وخارجها بدأت تتحدّث عن عدم صحة المعلومات التي ذكرت أنّ موظفي أوجيرو تعرّضوا للتطويق والاعتقال والتحقيق من قبل مسلحين مدجّجين بأسلحتهم، علماً أنّ التحقيقات التي أجراها المدّعي العام المالي تؤكد حصول هذه الواقعة، كما أنّ عدداً من موظفي «أوجيرو» الذين تعرّضوا للاعتقال في الزعرور اتصلوا بعدد من النواب من أبرزهم النائب قاسم هاشم، تلوا الواقعة بكلّ تفاصيلها والتي باتت معروفة جيداً، مما يدعو إلى الاستغراب أنّ «أوجيرو» لم تزوّد القضاء لغاية الآن بالوثائق التي تتصل بهذا الموضوع، علماً أنّ المدّعي العام التمييزي راسل شركة عبد المنعم يوسف مطالباً تزويده بهذه الوثائق والمستندات.
وفي هذا السياق، يؤكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بحسب ما ينقل عنه زواره لـ«البناء» أنّ هذا الموضوع يجب أن يتابَع حتى النهاية ومن دون لفلفة. وهو موضوع خطير جداً وكبير وطنياً. ويُذكّر بري بحديث كان قد فتحه في أحد لقاءات الأربعاء النيابية في عام 2013 وجرى تداوله في وسائل الإعلام بوصفه تصريحاً رسمياً صادراً عنه حول أبراج التجسّس التي نشرها العدو «الإسرائيلي» على مدى الحدود اللبنانية من شبعا إلى الخيام إلى كلّ المناطق الأخرى، وتمارس عمليات تجسّس وتنصّت على مدار الساعة باتجاه المناطق المحرّرة ومختلف الأراضي اللبنانية، والتي دعا الرئيس بري إثرها وفق النص الذي وزّع وقتذاك، لجنة الاتصالات ورئيسها النائب حسن فضل الله إلى فتح هذا الملف ومتابعته. ويرى رئيس المجلس أنه لو أولت وزارة الاتصالات في عهد الوزير نقولا صحناوي الموضوع الأهمية اللازمة، وتابعته بالجدية المطلوبة، لما كنا وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم.
في حين جدّد النواب تساؤلهم كيف تسنّى لهذه الشركات إدخال وتركيب هذه المعدات العملاقة ومدّ آلاف الكيلومترات من خطوط الألياف الضوئية، وكابل بحري من نهر الكلب إلى جونية من دون أن تكتشف أمرها القوى الأمنية ووزارة الاتصالات. والشبكة العنكبوتية عمرها عشر سنوات عندما كان عضو اللقاء الديمقراطي النائب مروان حمادة وزيراً للاتصالات، وأنشئت في عهده في 8 تشرين الثاني عام 2005 محطة الباروك المشبوهة، وتمّ كشفها في عام 2009 في عهد الوزير جبران باسيل. والجدير بالذكر أنّ وزير المال علي حسن خليل شارك في جلسة لجنة الاتصالات أمس، ودخل على خط النقاش وطالب بأرقام تُبيّن معرفة أعداد المشتركين مع الشركات غير القانونية بهدف تقدير الخسائر التي تكبّدتها الدولة، علماً أنّ تقديراته الأولية تتحدّث عن خسارة 400 مليون دولار، رغم أنّ مصادر مسؤولة تصرّ على خسارة الدولة 600 مليون دولار.
وأعلن فضل الله في مؤتمر صحافي مشترك مع حرب عقب اجتماع اللجنة، أنّ اللجنة استمعت إلى التحقيقات التي تجريها وزارة الدفاع من قبل أجهزتها لتبيان حجم الخرق لشبكة الاتصالات، لافتاً إلى أنّ «ما ثبت هو وجود أربع محطات للإنترنت غير الشرعي في جرود الضنية وعيون السيمان وفقرا والزعرور»، ومشدّداً على أنّ مطلب اللجنة هو «الإسراع في التحقيق بشأن شبكة الإنترنت غير الشرعية والتشدّد في تطبيق القوانين».
وخلص فضل الله إلى أنّ «محضر جلسة اللجنة سيبقى مفتوحاً إلى جلسة يوم الثلاثاء»، داعياً القضاء لحضورها، ومشيراً إلى أنّ «هناك أسئلة تنتظر الإجابة عنها في الجلسة المقبلة»، كما أمل «ألا تدخل الحسابات السياسية والتحالفات الضيقة والموضوعية لتجهيل الفاعل وإغلاق باب مغارة شبكة الإنترنت غير الشرعية».