لماذا؟
ذهبتُ إلى «ضيعتي» التي انقطعت عنها سنةً من عمري البيولوجي، ومئة سنة من عمري الروحي. لكنّني صُدمت بلون الأرض الأصفر، وبالورود المجرّدة من اللون والرائحة، من الصخر الذي أصبح كالرمل يهتزّ عند نسمة الهواء الأولى، من الغيم الذي يقف بعيداً عن البحر وكأنه اعتزل السماء. كلّ شيء كان يبدو بغير هيئته الطبيعية.
وقفت لألتقط بعض الصور لكن عدسة الكاميرا أصيبت بنوبة غبار شديدة كأنها تنطق لتتفوّه بأن التصوير هنا معطَّل الآن!
لم يتوقف الأمر في «الضيعة» عند هذا الحدّ، فلقد وقفت تحت شجرة ثقيلة لها أوراق كثيرة من دون ظلال. كنت أقصد التخفّي لأسترق النظر إلى الجدران القديمة التي اعتدتُ تقبيلها كلّ يوم لأن فيها كلّ دموعي البالغة سنّ الرشد. وفجأةً، بدأت ذبذبات صوت ملَكيْن صغيريْن تهزّني وتعيق الرؤية. فتحت قلبي وبدأت بضخّ تلك الذبذبات بشغف، فكانت نبضات قلبي تزيد وصوتهما يرتفع من جديد، أغلقت باب قلبي لئلا تهرب تلك الذبذبات الجميلة، شعرت بهما، ورحلت ولست أدري إن كنت سأعود أو لن أعود!
توجّهت إلى المدينة لأمشي قليلاً، وبدأ المطر ينهمر بشدّة. واصلت المشي وأنا فرحة بأن المطر راق له وجودي في المكان. لكن ما استوقفني، أشكال الناس الهاربين من زخّات المطر. تساءلت: هل المطر يخيف الناس إلى هذا الحدّ، ولماذا تآلفتُ معه بعكس كل البشر؟!
لا أدري إن كنت أسير مع الطبيعة ضدّ البشر أو ضدّ المألوف!
لا أدري.
إيمان شويخ