السعودية ترسل الحريري إلى موسكو لإعلان قبول روسيا وسيطاً في سورية بوتين يطلب قراراً حكومياً لبنانياً بطلب الإسناد الجوي الروسي في القلمون

كتب المحرّر السياسي

لم يكد اجتماع موسكو الذي جمع وزير الخارجية الأميركي جون كيري بنظيره الروسي سيرغي لافروف الذي توّج بعد التفاهمات التي تمّ التوصل إليها بلقائهما معاً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حتى وجدت موسكو أنها مضطرة للتذكير بالموجبات الأميركية، فوجود الرئيس التركي رجب أردوغان في واشنطن فرصة للتذكير بالاتفاق على تعهّد أميركي بحسم أمر إقفال الحدود التركية مع سورية، وتسريبات جريدة «الحياة» عن لسان مسؤولين وهميّين في مجلس الأمن عن تفاهم روسي أميركي يتضمّن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد مناسبة للتذكير بأنّ سقف المتفق عليه هو ما أعلنه الرئيس الأسد نفسه بالاستعداد لتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، وما قالته «الحياة» السعودية ليس إلا علامة الرخاوة الأميركية مع الحلفاء ومواصلة لعبة الدلال والدلع التي أطاحت فرص نجاح جنيف مرتين، ومن غير الممكن بعد التفاهمات تركها تطيحه للمرة الثالثة.

في المقابل كانت مناسبة وجود الرئيس سعد الحريري في موسكو حاملاً رسالة من الملك السعودي لاستكشاف مناخات التسويات والتفاهمات الأميركية الروسية، لإرسال جواب حمله الحريري وأبلغه للرياض عن دعوة روسية للتعاون في صناعة التسوية في سورية بداية من الاقتناع بأنّ ما تفعله روسيا يضع الحرب على الإرهاب أولوية ويفتح الآفاق لحلّ سياسي يقوم على ما قدّمه الرئيس الأسد من مبادرة للدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، يمكن للسعودية اعتبارها قبولاً للتنحّي وإعادة الترشح، وهذا حلّ لا يمكن رفضه أو الوقوف بوجهه لأنّ البقاء خارجه سيعني البقاء خارج قطار الحلول، فكان الجواب السعودي باعتبار روسيا وسيطاً نزيهاً في الحلّ السياسي وتثبيت الهدنة، وهو ما أسّس لترتيب لقاء الحريري بالرئيس الروسي، رغم عدم وجود موعد مسبق، لترجمة إعلان الحريري بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن السعودية تأييد المساعي الروسية للحلّ السياسي في سورية، بعدما كان خطاب الحريري كما الخطاب السعودي، يتعاملان مع الدور الروسي في سورية بصفته عدواناً واحتلالاً. فعرض الرئيس بوتين، وفقاً لمصادر إعلامية روسية، أن يترجم التعاون السعودي الروسي في لبنان حيث الحرب على الإرهاب ترتبط عضوياً بالحرب في سورية، وحيث يستحيل الحصول على دعم جوي غربي في أجواء متداخلة مع سورية، وروسيا مستعدة لتقديم هذا الدعم إذا حصلت على طلب رسمي من الحكومة اللبنانية، التي يملك الرئيس الحريري والسعودية حق الفيتو على اتخاذها قراراً كهذا، سبق أن عطلوا مثله من التنسيق العسكري السوري اللبناني مراراً، وكانت الحصيلة إعلان الحريري أهمية التعاون العسكري الروسي اللبناني في الحرب على الإرهاب.

الحريري التقى بوتين

في إطار زيارته لموسكو التقى الرئيس سعد الحريري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، وتم خلال اللقاء البحث في أوضاع لبنان وعرض الجهود التي يقوم بها الحريري لإنهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية. كما تم التطرق بحسب المكتب الإعلامي للحريري إلى التطورات في المنطقة وخصوصاً في سورية والجهود التي تبذلها روسيا لإيجاد حل للأزمة السورية.

وقال عضو كتلة المستقبل النائب خالد زهرمان لـ«البناء» إن «الملف الرئاسي كان العنوان الأبرز لزيارة الحريري إلى موسكو والذي تناوله مع الرئيس بوتين في إطار تحصين الساحة اللبنانية وإحداث خرق في جدار الأزمة الرئاسية، حيث طلب الحريري دعماً عسكرياً من روسيا للجيش اللبناني لتحصين الاستقرار الداخلي».

وشدد زهرمان على أن «لروسيا دوراً فاعلاً في ملفات المنطقة إلى جانب الولايات المتحدة والدول الإقليمية وأن الحريري لم يقطع تواصله مع المسؤولين الروس يوماً، ولكن جاءت هذه الزيارة بعد وصول مبادرته الرئاسية بترشيح الوزير سليمان فرنجية إلى طريق مسدود نتيجة التعطيل الذي يمارسه الطرف الآخر ويحاول الحريري تسخير كل الإمكانات وعلاقاته الدولية في سبيل خرق ما في الملف الرئاسي».

فصل الرئاسة عن ملفات المنطقة

ودعت مصادر نيابية في تيار المستقبل إلى انتظار نتائج هذه الزيارة على الساحة الداخلية لا سيما رئاسياً، مضيفة أن «الحريري يعمل لفصل الملف الرئاسي عن ملفات المنطقة، لذلك يحاول الضغط في كل الاتجاهات ولدى القوى الفاعلة كي يفك الملف الرئاسي عن الموضوع السوري تحديداً».

ونفت المصادر لـ«البناء» علمها بما سمعه الحريري من بوتين، إلا أنها أكدت أن «أجواء اللقاء كانت إيجابية وهناك تجاوب من المسؤولين الروس تجاه ما طلبه الحريري». كما نفت المصادر أي قرار لدى تيار المستقبل بسحب ترشيح الوزير فرنجية للرئاسة في حال لم يحضر إلى المجلس النيابي في الجلسة المقبلة، وشددت على أن «المستقبل مستمر بترشيح فرنجية ويدعوه للنزول إلى المجلس، لكنه يتفهّم ظروفه والمعطيات التي تحتم عليه عدم النزول إلى المجلس».

وجهان للزيارة…

وفي تعليقها على زيارة الحريري إلى موسكو قالت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ«البناء»: «إن زيارة الحريري إلى موسكو ولقائه الرئيس بوتين في هذا التوقيت بالذات الذي يمثل فيه بوتين حالة مركزية في أحداث المنطقة لها وجهان: الأول إيجابي هو أن بوتين استقبل الحريري وفريق عمله وجهاً لوجه، أما الوجه السلبي فهو سعي الحريري بكل جهده للقاء بوتين الذي يوجّه ضربات قاسية وقاصمة إلى حلفاء الحريري والسعودية من المعارضة السورية المعتدلة وإلى تنظيمي النصرة وداعش وغيرهما، وهو بوتين نفسه الذي يعلن وزير خارجيته سيرغي لافروف منذ أيام أن مصير الرئيس بشار الأسد يقرره الشعب السوري في انتخابات حرة وهذا ضد منطق الحريري والسعودية تجاه سورية والرئيس الأسد».

وأشارت المصادر إلى أن «أقصى طموحات الحريري من لقائه بوتين هو أن يستطيع أخذ معلومة ما أو رسالة من بوتين وينقلها إلى الأمير محمد بن سلمان ولكي تشكل له مبرراً للقاء بن سلمان»، مضيفة: «أما إذا كان الحريري يراهن من خلال زيارته إلى روسيا أن تسير القيادة الروسية بوجهة نظره رئاسياً، فيكون قد طرق الباب الخطأ».

وأوضحت المصادر أن «الحريري يحاول أن يلتف على حقيقة الأزمة الرئاسية التي ظهر أنها أزمة داخلية لبنانية وليست خارجية، وتتمثل بتجاوز المرشح الأكثر شعبية على الصعيدين المسيحي والوطني، وهذا ما يدل عن أن فريق الحريري السياسي مازال يضيع البوصلة».

هولاند ألغى زيارته للبنان

وعلمت «البناء» من مصادر معنية أن «زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى لبنان والتي كانت مقررة منتصف الشهر المقبل ألغيت لأسباب تتعلق بتعقيدات الملف الرئاسي»، وأشارت المصادر إلى أن «الروس رفضوا منذ البداية أن يتورطوا في الموضوع الرئاسي وتعقيداته الداخلية»، وشدّدت على أن «لا أفق للفراغ الرئاسي في المدى المنظور».

لجنة لمواكبة التحقيقات في الإنترنت

على صعيد ملف شبكة الإنترنت غير الشرعية ومواكبة للتحقيقات الجارية، أعلن وزير الاتصالات بطرس حرب تشكيل لجنة فنية لمتابعة ومساندة ومواكبة التحقيقات التي تجريها المراجع القضائية في الملف وتقديم التوضيحات والإجابات. وأبلغ القرار إلى كل من النيابة العامة التمييزية، النيابة العامة المالية، ومفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر.

وعملت «البناء» من مصادر وزارية أن «شبه اتفاق حصل بين القوى السياسية على ترك الملف إلى القضاء بعيداً عن التدخلات السياسية ليتسنى له متابعة التحقيقات ليحال المتورطون إلى العدالة»، واستغربت المصادر وجود هذا العدد من المحطات غير الشرعية في عدد من المناطق»، وكشفت عن «تورط بعض عناصر وضباط في جهاز الجمارك وبعض القوى الأمنية الأخرى بإدخال المعدات إلى لبنان المستخدمة في بناء الشبكات غير الشرعية».

جلسة حكومية الخميس المقبل

على صعيد آخر، يعود مجلس الوزراء إلى الانعقاد الخميس المقبل، على أن يتم توجيه الدعوة مطلع الأسبوع المقبل لمناقشة بنود جدول الأعمال، وعلى رأسها مشروع مرسوم تشكيل مجلس قيادة المديرية العامة لأمن الدولة الذي لم تتوصل الاتصالات بشأنه بعد إلى حل.

وأمن الدولة أولاً

وأكد وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء» أن «رئيس الحكومة تمام سلام سيدعو مطلع الأسبوع إلى جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل على أن يوضع جدول أعمال جديد يتضمن بنوداً عادية تتعلق بقبول هبات واعتمادات وتعيينات وتصريف شؤون بعض الإدارات، كما سيكون موضوع أمن الدولة بنداً أولاً على جدول الأعمال، كما وعدنا رئيس الحكومة».

وأشار جريج إلى أنه سيصار خلال الجلسة البحث في عدد من الاقتراحات لحل أزمة جهاز أمن الدولة من ضمنها توسيع مجلس القيادة، لكن تبين أن هذا الاقتراح دونه عقبات تشريعية إذ لا يجوز لمجلس النواب أن يبدل في الهيكلية الإدارية لأي مديرية من دون مشروع قانون مرسل من مجلس الوزراء إلى المجلس النيابي».

وأضاف جريج: «ومن ضمن الاقتراحات تحديد مَن المخطئ مِن بين المدير ونائبه والاستغناء عنه أو الاستغناء عن الاثنين، إذا كانا مخطئين وتعيين مكانهما»، مؤكداً أن «الوزيرين ألان حكيم وميشال فرعون سيعرضان وجهة نظرهما للحل في الجلسة والتي تنسجم مع القوانين وتحصين هذا الجهاز وصلاحيات مديره».

الخلاف سيستمرّ

واستبعدت مصادر عسكرية لـ«البناء» التوصل إلى حل في هذا الملف في الجلسة المقبلة، بسبب استمرار الخلاف السياسي حوله»، وتوقعت استمرار الأزمة حتى انتهاء مدة ولاية نائب المدير العام في حزيران المقبل على أن يُصار حينها إلى تعيين ضابط مكانه»، موضحة أن «جهاز أمن الدول في الأساس يتبع إلى مجلس الوزراء وليس إلى وزارة الداخلية أو غيرها، وبحسب القانون أنشئ ليكون جهازاً ضابطاً لكل أجهزة المخابرات الأخرى وانتقاله من الطائفة الشيعية إلى الكاثوليكية وتسييس وتطييف الأجهزة أدى إلى هذه الأزمة».

الجميل لـ«البناء»: «بعد بكّير» للحديث عن التحالفات

لم تكن زيارة رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل لزحلة في هذا التوقيت «بالأمر العادي، خاصة وأن عروس البقاع تشهد مداً وجزراً في «معركة استحقاق بلدي» غير المعارك السابقة من حيث الاصطفافات والتبدّلات في التحالفات. وفيما حصر الجميل زيارته بمطرانية زحلة للموارنة في كسارة ورئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش، شكلت الانتخابات البلدية محور تصريحاته، حيث شدّد على أن «هذه الانتخابات شأن محلي وإنمائي وندعو إلى التوافق وتوحيد الجهود»، مكتفياً بالقول لـ«البناء» «بعد بكّير الحديث عن التحالفات». وتؤكد مصادر كتائبية لـ«البناء»، «أن زيارة الجميل جاءت كرسالة لحلفاء الأمس وخصوم اليوم أننا موجودون ولا يمكن تجاهلنا مهما كانت استثناءاتك».

وجدد الجميل في تصريح سابق، وقوفه إلى «جانب رئيس جهاز أمن الدولة اللواء جورج قرعة»، مشيراً خلال جولته في مدينة زحلة إلى أنه و«كأي مدير لمؤسسة وطنية كبرى يفترض أن يتم التعاطي معه على هذا الأساس»، ومشدداً على أننا لن نقبل بأن يتم التعاطي معه بأقل من أنه مدير هذا الجهاز».

شبكة إرهابية في قبضة الأمن العام

أمنياً، إنجاز أمني جديد سجله الأمن العام تمثل بتوقيف شبكة تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي. وأعلنت المديرية العامة للأمن العام في بيان، عن توقيف عدد من الأشخاص و«نتيجة التحقيق معهم اعترفوا بانتمائهم إلى تنظيم «داعش» الإرهابي وأنهم ناشطون في مجال تجنيد الأشخاص، لا سيما القاصرين تمهيداً لتكليفهم بتنفيذ أعمال تفجير ضد الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية».

وقالت مصادر أمنية لـ«البناء» إنه «وبعد سقوط تدمر انسحبت مجموعات إرهابية إلى منطقة القلمون الشرقي ومنها إلى القلمون الغربي قبل قطع طريق القريتين أدّت إلى الصراع الذي حصل في منطقة القلمون الغربي بين تنظيمَي النصرة وداعش على حكم البقعة التي يتواجدون عليها، وإثر المواجهات بينهما هربت بعض المجموعات من الجرود إلى الداخل اللبناني وانضمّت إلى الخلايا النائمة التي تتحرّك في الداخل للتحضير لتنفيذ عمليات أمنية. وهذه الشبكة التي تم اكتشافها أمس من ضمن هذه المجموعات». وحذرت المصادر من «أن تنظيم داعش لديه مشروع في لبنان ولم ينته بعد، وهو يضع لبنان بديلاً عن المناطق التي يخسرها في سورية والعراق، لذلك من المنطقي أن يرسل خلاياه الإرهابية للتمهيد لهجمات تطال بعض المناطق الحدودية ومراكز عسكرية».

شبكة جونية – التحقيقات مستمرة…

أمنياً أيضاً، لا تزال التحقيقات مستمرة في شبكة الاتجار بالأشخاص التي اكتشفتها قوى الأمن الداخلي في جونية، فقد أكدت مديرية قوى الأمن الداخلي في بيان أنها «تمكنت من معرفة هوية الطبيب الذي كان يقوم بإجراء إجهاض للفتيات ويُدعى: ر.ع. والممرضة التي كانت تعاونه وهي: ج.أ. وبالتحقيق معهما اعترف الطبيب بإجرائه حوالي 200 عملية إجهاض».

أين تكمن الخطورة الأمنية؟

وأشارت مصادر أمنية لـ«البناء» أن «هذه العصابة وغيرها استغلّت غياب الرقابة على بعض الفنادق والمقاهي والنوادي في جونية وغيرها من المناطق السياحية لاستخدام بعض النازحين السوريين نتيجة الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي يعانون منها لتشغيلهم في أعمال منافية للأخلاق والآداب العامة وممارسة أساليب العنف بحقهم للحصول على الأموال».

وأوضحت أن «شبكات الدعارة هذه كغيرها من شبكات المخدرات والتهريب والتزوير التي تنشط في غياب الرقابة واستغلال الحروب والنزوح من دول مجاورة». وحذرت المصادر من أن الخطورة الأمنية في هذا الموضوع تكمن في استثمار شبكات الدعارة هذه من خلال تكليفهم بجمع معلومات أمنية لمصلحة تنظيمات إرهابية عبر اختلاطهم في المجتمع اللبناني».

قتيل وجريحان في عين الحلوة

وفي ملف أمني آخر تجدّدت أمس التوترات في مخيم عين الحلوة، وأفاد موقع «ملحق» ليلاً عن مقتل المدعو ح.ع. وسقوط جريحين آخرين في الإشكال الذي حصل في المخيم، بعد اعتداء متبادل من شبان من حيّ الصفصاف وآخرين من الباراكسات، تطوّر إلى إطلاق نار متبادل.

كما أفاد موقع «النشرة» نقلاً عن مراسله في صيدا أنّ القوى الفلسطينية وخاصة «الفتحاوية الإسلامية» أجرت اتصالات لتطويق ذيول الاشتباك، في وقت باشرت القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة انتشاراً على مفرق شارع البستان حي الصفصاف وسط مروحة الاتصالات على الصعد كافة لتهدئة الوضع.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى