أصنام اليمن تتساقط مع صرخات الموت لأميركا و«إسرائيل»
فهد المهدي
منذ انتهاء الحروب التي شنّها نظام الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح حتى الآن، وممارسة النظام البديل سياسة تحريضية متواصلة ضد « الحوثيين» وتجييش عناصر تكفيرية وإعلامية ضدهم ، تماشياً مع ما يتطلع إليه «الإخوان» وأصنامهم من آل الأحمر في الدولة لتدمير ركائز «الحوثيين» الذين أصبحوا يشكلون خطراً يهدّد معاقلهم ويفضح استهتارهم بمقدرات الشعب اليمني.
بات واضحاً، اليوم الدور الذي تضطلع به جماعة «الحوثي» التي ترفع شعار الموت لأميركا و»إسرائيل» كجماعة تنتمي إلى المذهب الزيدي، وقد ظهرت على مسرح الحوادث منذ الحرب الأولى بينها وبين الرئيس المخلوع التي فجّرها مؤسسها الأول السيد حسين بدر الدين الحوثي في حزيران 2004، وانتهت باستشهاده.
التقدم الحوثي الراهن سابقة تؤشّرُ إلى تبدّل شروط اللعبة، فالتطوّرات الدراماتيكية للعمليات العسكرية أدت إلى سيطرة «جماعة الحوثي» على معاقل آل الأحمر في منطقتي الخمري وحوث ومحافظة عمران، شمال اليمن، وإلى انتصارات حققها «أنصار الله» ضد الأصنام التكفيرية من «إخوان» اليمن في محافظات الجوف على الحدود مع السعودية وحجة على البحر الأحمر، إضافة إلى أرحب ومعقل الحوثيين في صعدة، ووصولهم إلى أبواب صنعاء المعقل الرئيسي لهذه الأصنام حيث ترتفع صافرات الإنذار في أوساطهم لتعلن نهاية وشيكة لدولتهم.
تدرك جماعة «الحوثي» جيداً أن لهذه الأصنام أيادي خفية تدير مؤامراتها ضمن مخطط مدروس يتحرك في صميم الوسط اليمني، وأن هناك قنابل موقوتة معدة للتفجير الواحدة تلو الأخرى لإرباك الساحة اليمنية، وربما برزت شهوة استثمار «التكفيريين» لدى اللواء علي محسن الأحمر لتوظيفهم في مقاتلة جماعة «الحوثي» بغية خلط الأوراق، فبعدما كانوا أعداء الأمس أصبحوا اليوم حليفاً مهماً لإيقاف توسع جماعة «الحوثي» وابتعادهم عن صنعاء لتشكيل تحدّ جدي وعمق صراعيّ خطير يهدد اليمن ويحوّله إلى دولة أزمات مفتوحة ودولة مشاكل متواصلة تغذيها عقيدة تكفيرية محرضة على العنف، وبذلك يستنزفزن قوة الحوثي.
يرى البعض أنّ الوقت فات على مثل هذا السيناريو، فالحوثي وجماعته باتوا يتمتعون بثقة السواد الأعظم من اليمنيين إذ وجدوا فيهم القدوة السياسة الصالحة لبعث الأمل من جديد في الروح السياسية والقيمية التي شوهها أصنام اليمن من سلطويين وتكفيريين. فالظروف مهيأة والوسائل والإمكانات متوافرة لدى «جماعة الحوثي»، ويعني ذلك التخلص من الأصنام المتمترسة في قلب العاصمة صنعاء التي تصنع باقي الأصنام في جميع الجبهات وتغذيها مادياً وفكرياً وعسكرياً، فسلوك هذه الأصنام ناتج من منهج مقلوب في مفهوم المنهجيات، تكّون خلال سنوات طويلة لحكمهم لهذا البلد، وتغذى عبر انجراحات وعقد، فأصبح أسلوب الحوار لديهم حوار سكاكين، فالبنادق والسموم والقتل بالحوادث وتعليقها على ذمة المجهول هي الغالبة لهذه الأصنام.
الصدمة خلفتها انتصارات «الحوثي» في جميع الجبهات والانهيارات البنيوية في السلطة ،إذ لا يمكن لأي صيغة أن توقف حجم هذه الانهيارات في داخلها. هذه الصدمة حساسة ومؤثرة على صعيد الديماغوجية السلطوية اليمنية التي سعت منذ خلع الصنم الأكبر علي صالح بمختلف الأساليب الإذلالية والإخضاعية لتأهيل نفسها من جديد ، مثلما كانت مؤثرة وصادمة للأطراف الغربية والعربية التي سعت منذ تسلم السلطة لأصنام «الإخوان» وآل الأحمر إلى إعادة إنتاج النظام وتأهيله ليتوافق مع رغباتها ومشاريعها التوسعية داخل اليمن .
لذا من الصعب الوثوق بهذه الأصنام إذ أصبحت أوراقهم وأوراق داعميهم مكشوفة ليس لجماعة «الحوثي» فحسب بل لمعظم فئات المجتمع اليمني.
سقوط عمران المعقل الرئيسي لبني الأحمر، بعد مقتل قائدهم العميد الركن حميد القشيبي، وضع المسلحين الحوثيين قاب قوسين أو أدنى من العاصمة صنعاء التي لا تبعد سوى خمسين كيلومتراً، بعدما انفتح الطريق أمامهم لشن هجوم عليها إن هم رغبوا في ذلك.
رغم تصريحات جماعة « الحوثي « بأنهم يقاتلون خصوماً موالين لحزب الإصلاح الإسلامي «إخوان اليمن «، وبأن لا نية لديهم لمهاجمة العاصمة اليمنية، إلا أن الواقع يؤكد أن الانفراج في العلاقة بين السلطة و»الحوثيين» بعيد لأسباب منها أيدلوجية لدى «الإخوان» التكفيريين وغياب صدقية السلطة التي تمارس لغة التحريض وتستخدمها في الاتجاه الذي يخدم سياستها الآنية والاستراتيجية .
لذا نجزم أن أي علاج ترقيعي من قبل أصنام اليمن السلطويين والتكفيريين لإعادة مدّ جسور مع «الحوثيين» وفق حسابات مصلحية وذرائعية جشعة لن يوفّر الاستقرار في اليمن بل سيزيد هذا البلد استبداداً على استبداد ويطيل زمن محنته، في حين بدأ الشعب يتنبه لوجوده ومستقبله وأمنه من خلال وعيه الحقيقي لدوره وإدراك مسؤولياته الوطنية في إنهاء فصول مأسآته من أصنام التبعية لأميركا و»إسرائيل» وأذانبهم العرب وفق اختيارهم بديلاً وطنياً يساهم في إخراج اليمن من محنته التي شكلتها هذه الأصنام.