عمليات المقاومة النوعية والفشل في تحقيق إنجاز في الميدان يفجر الخلاف بين الجيش «الإسرائيلي» وحكومة نتنياهو
حسن حردان
دخلت حكومة العدو برئاسة بنيامين نتنياهو نفقاً مظلماً، بعد استمرار الإخفاق في تحقيق أي من أهداف عدوانها على قطاع غزة.
فبعد 23 يوماً من العدوان لم ينجح الجيش »الإسرائيلي« الذي يعتبر أقوى جيش في المنطقة، ويمتلك أحدث الأسلحة من الترسانة الأميركية في منع استمرار إطلاق صواريخ المقاومة من قطاع غزة باتجاه العمق الصهيوني، ولا في النيل من منظومة القيادة والسيطرة للمقاومة ولا في تدمير الأنفاق الهجومية، وما حصل حالياً أنه وفي ظل اشتداد القصف الصهيوني، استمرت المقاومة بإطلاق الصواريخ وبالوتيرة نفسها، من دون تراجع في حين واصلت هجماتها عبر الأنفاق خلف خطوط العدو، إذ تمكنت من اقتحام الموقع العسكري في مستوطنة ناحال عوز وقتل عشرة جنود صهاينة وعودة رجال المقاومة عبر النفق إلى قواعدهم بسلام.
على أن الذي أحدث صدمة كبيرة لدى قيادة جيش الاحتلال والحكومة »الإسرائيلية« عرض المقاومة شريطاً مصوراً لكيفية اقتحام الموقع العسكري »الإسرائيلي« المحصن. ما مثّل ضربة موجعة لمعنويات الجنود »الإسرائيليين«، وكشف عدم صحة مزاعم البيانات العسكرية »الإسرائيلية« عن النجاح في تدمير الأنفاق الهجومية. وما زاد من حجم الصدمة والذهول لدى قادة العدو خروج قائد كتائب القسام محمد ضيف وهو المطلوب رقم واحد لـ«إسرائيل« في شريط مسجل، معلناً انتصار المقاومة وأن الجيش »الإسرائيلي« الذي لم يتمكن من تحقيق أهداف عبر سلاح الجو، لن يتمكن من ذلك عبر قواته البرية. رافضاً أي مساومة على شروط المقاومة لوقف النار، وأهمها وقف العدوان وفك الحصار.
الهجوم النوعي للمقاومة وخطاب محمد ضيف، وجها صفعة قوية لقيادة العدو، وعكسا قدرة المقاومة العسكرية على شنّ حرب العصابات من ناحية، وموقفها القوي في رفض أي اتفاق لوقف النار يسعى إليه العدو لا يحقق مطالبها من ناحية ثانية.
هذه التطورات أدت إلى جملة نتائج سلبية على كيان العدو أبرزها:
1 ـ تفجر الخلاف بين الحكومة «الإسرائيلية» والجيش «الإسرائيلي« على خلفية الإخفاق في الميدان العسكري، وارتفاع خسائر الجيش في مواجهة المقاومة التي فاجأت العدو بنوعية هجماتها وقدراتها. وبرز هذا الخلاف عبر توجيه ضباط «إسرائيليين» كبار انتقادات للمستوى السياسي بالمسؤولية عن بقاء الجيش في حالة المراوحة في المكان مطالبين باتخاذ القرار الحاسم «إما الدخول إلى غزة أو الخروج منها».
في المقابل فإن نتنياهو بدأ يتعرض لانتقادات حادة من داخل حكومته، لتوسيع نطاق الحرب في وقت يواجه ضغوطاً دولية متصاعدة لوقف النار.
2 ـ احتدام الخلاف بين واشنطن و«تل أبيب»، بعد أن رفضت الأخيرة خطة وزير الخارجية جون كيري، وكشف الأخير عن طلب رئيس الحكومة «الإسرائيلية» منه أكثر من مرة السعي إلى وقف إطلاق النار ومسارعة نتنياهو إلى نفي ذلك.
ويعكس ذلك مستوى التوتر الحاصل في العلاقة الأميركية ـ »الإسرائيلية» بسبب الانتقادات المتزايدة التي وجهها نتنياهو للإدارة الأميركية وعدم الإنصات إلى رأيها.
3 ـ ازدياد حالة الغضب وسط جنود الاحتلال المنتشرين على طول الجبهة مع قطاع غزة بسبب غياب التعليمات وعدم توافر أماكن محصنة لهم تحميهم من التعرض لقذائف الهاون التي تطلقها المقاومة والتي أدت أول من أمس إلى مقتل ستة جنود في أشكول.
ويبدو من الواضح أن هذه التناقضات العائدة إلى ارتباك الحكومة وإخفاق الجيش في مهمته، يزيد منها تزايد النقمة الدولية ضد المجازر الصهيونية التي ازدادت وتيرتها أمس انتقاماً من عمليات المقاومة.
لهذا فإن حكومة نتنياهو باتت في وضع لا تحسد عليه إن كان داخلياً أو خارجياً.
«هآرتس» خلافات بين الحكومة والجيش على خلفية الإخفاق في غزة
برزت في الأيام الأخيرة خلافات على المستويين السياسي والعسكري في «إسرائيل» على خلفية العدوان على قطاع غزة، وتمحور أحد هذه الخلافات حول عدم تمكن الجيش من تحقيق هدف العدوان الذي حدده رئيس حكومة «إسرائيل» بنيامين نتنياهو، وهو تدمير الأنفاق في القطاع.
وكتب المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل أن «إطالة فترة العملية العسكرية وتراكم الخسائر تجلب معها، بشكل غير مفاجئ، مؤشرات لاحتكاك أولي بين المستويين السياسي والعسكري».
وأشار هارئيل إلى أن «نتنياهو ووزير الأم موشيه يعلون استاءا من أقوال أدلى بها ضابطان «إسرائيليان» كبيران، في اليومين الماضيين، وعكست الخلافات بين المستويين».
إذ قال ضابط «إسرائيلي» كبير إن نتنياهو تلقى تقريراً من الجيش والاستخبارات العسكرية حول الأنفاق، منذ شهر حزيران من العام الماضي.
وفي الحالة الثانية قال ضابط كبير آخر إن على حكومة «إسرائيل» أن تقرر إما توسيع العدوان على قطاع غزة أو الانسحاب منه وإنهاؤه».
وفيما حدد نتنياهو هدف العدوان على القطاع بتدمير الأنفاق، صدرت الصحف «الإسرائيلية» أمس بعنوان بارز يقتبس أقوال ضابط كبير بأنه «لم ننجح في الوصول إلى النفق أو فتحة النفق الأخيرة وإنما إلى معظمها».
ولفت هارئيل إلى أنه «على خلفية أقوال العسكريين، يتصاعد الصراع بين الحكومة والجيش على موازنة الأمن. ويقدر الجيش «الإسرائيلي» كلفة الحرب بحوالى خمسة مليارات شيكل، وعلى ما يبدو سيطالب الجيش بتعويضه بمبلغ كهذا، ويستخدم ناقلة الجند المدرعة القديمة التي استهدفتها المقاومة في بداية الاجتياح البري من أجل تحقيق هدفه بزيادة موازنته».
إلى جانب ذلك أشار هارئيل إلى «إخفاقات الجيش «الإسرائيلي» في حربه في قطاع غزة»، ورأى «أن ثمة حاجة لإعادة تنظيم الجيش كله، وانعدام جهوزية سلاح البرية وتأهيل القوات وتعديل العقيدة القتالية والخطط العسكرية». وقال: «إن هذه الإخفاقات تستوجب إجراء تحقيق شامل بعد انتهاء الحرب على غزة».
«يديعوت أحرونوت»: حماس انتقلت من الدفاع إلى الهجوم
قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» في موقعها على الشبكة الأنترنت: «إن حركة حماس انتقلت في الأيام الأخيرة من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم، وخصوصاً عن طريق الأنفاق الهجومية إلى المواقع التي تنتشر فيها قوات الجيش الإسرائيلي». وأشارت في هذا السياق إلى أن المقاومة الفلسطينية «قامت ليلة الأحد الاثنين بتفخيخ مبان بالمواد المتفجرة، بينما يراوح الجيش «الإسرائيلي» في مكانه بانتظار أي قرار من المستوى السياسي، في وقت لا تزال تنطلق صافرات الإنذار في مواقع عدة في الجنوب».
ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري «إسرائيلي» كبير، بعد يوم وصف بأنه «يوم صعب للجيش» حيث قتل فيه 10 جنود، إنه «على المستوى السياسي أن يقرر الآن إما الدخول إلى قطاع غزة أو الخروج منه». وقالت «يديعوت أحرونوت»: «إن المصدر العسكري ألمح بانتقادات بشأن عدم وصف المعركة بأنها حرب، وقال إنه من غير المهم كيف يصنف المستوى السياسي ماذا يحصل، فبالنسبة للجنود هذه حرب». واضاف: «إن مسؤولية قيادة الجيش هي توجيه المعركة إلى حيث يجب، وليس بحسب ما يشاء الجمهور».
وفي حديثه عن الأنفاق، قال المصدر العسكري: «لن يعثر الجيش على كل الأنفاق في نهاية الحملة العسكرية، بيد أنه يدمر إمكان استخدام الأنفاق» على حد قوله. وأضاف: «إن الجيش فوجئ بالعلاقة بين عملية إقامة الأنفاق وبين القيادة العسكرية العليا لحركة حماس».
وأشارت الصحيفة إلى أن «الجيش «الإسرائيلي» يركز الآن في البحث عن الأنفاق وتدميرها، إلى جانب استهداف منازل ناشطي المقاومة الفلسطينية ومرابض الصواريخ». لافتة إلى أن «الجيش استكمل قبل أيام الاستعدادات لتوسيع الهجوم البري، بيد أنه لم يحصل على مصادقة المجلس الوزاري المصغر بعد». وأضافت: «يحاول الجيش التحرك من مكان لآخر، إلاّ أن القتال لا يزال يتركز في المناطق الشرقية من قطاع غزة، والقريبة من السياج الحدودي، والتي وصفت بأنها المواقع الذي تظهر فيه قوة حركة حماس، والذي قتل فيه جنود «إسرائيليون» في غالبية المعارك التي جرت فيه».
وتابعت الصحيفة: «جرى إعداد إمكانات لدخول عمق قطاع غزة. ولا تزال قوات كبيرة قرب السياج الحدودي في انتظار الضوء الأخضر بالانضمام إلى القوات التي عبرت السياج الحدودي». وأشارت إلى «إمكان آخر، سبق أن قام به الجيش «الإسرائيلي»، يتمثل في تقسيم قطاع غزة في خط قريب من مدينة غزة».
«هآرتس»: نتنياهو يبحث عن مخرج في ظل انتقادات حادة
كتب يوسي فيرطر في صحيفة «هآرتس»: «إن رئيس الحكومة «الإسرائيلية» يبحث عن مخرج في ظل الانتقادات الحادة التي يواجهها من يمينه لتوسيع الحرب على قطاع غزة، أو سيضطر لوقف إطلاق النار في ظل الضغوط الدولية المتصاعدة بما يتيح لحركة حماس إعلان الانتصار». وأضاف: «من غير المبالغ فيه أن «الإسرائيليين» انتظروا تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن موشي يعالون ورئيس أركان الجيش بني غنتس. إلّا أن الحدث، الذي عُرف على أنه مؤتمر صحافي، كان الأشد حسماً منذ بداية الحرب، بيد أن تصريحات نتنياهو ويعالون وغنتيس القصيرة لم تأت بجديد، وكان الحديث عن الشعارات ذاتها التي تآكلت وتلك التصريحات العامة حول المناعة والتقارب، وعائلات قلقة وصامدة وأهداف الحملة العسكرية الضبابية نفسها التي يمكن تفسيرها على أكثر من وجه، والتعب المتراكم نفسه والأعين المنفوخة وتعابير الوجه الشاحبة نفسها لمن فشل مرة أخرى في إيجاد معادلة للخروج».
وتابع فيرطر: «من المؤكد سنعرف اليوم فقط أن المؤتمر الصحافي المنزوع الأهمية والأخبار والأسئلة، لم تكن سوى عملية تضليل كبيرة، أو أن القيادة ليس لديها ما تقوله، لذا اختارت ألّا هذا الحديث في أوج ساعات المشاهدة». وقال: «إن قادة المواجهات العسكرية مع حركة حماس نتنياهو ويعالون وغنتس لا يزالون متمسكين بالخط الأول لهم وهو «حملة عسكرية محدودة، ليست طموحة ولا مغامرة، وليس احتلالاً ولا استئصالا». وأن ذلك يأتي على خلفية الضجيج المتصاعد من الجهاز السياسي»، مشيراً إلى أن «الوزير غدعون ساعار طالب نتنياهو بوضع قضية وقف إطلاق النار على طاولة الحكومة»، معبراً «عن عدم ارتياحه لطريقة إدارة الأمور في المجلس الوزاري المصغر».
وأضاف الكاتب في صحيفة «هآرتس»: «أن الوزير سيلفان شالوم انضم إلى ساعار، وألمح إلى أن «إسرائيل» «استدعت الضغط الأميركي كذريعة لإنهاء القتال، بينما اتهم الوزير أوري أرئيل البيت اليهودي الولايات المتحدة وأوباما بأنها جلبت حماس، وسارع الوزير يائير شمير يسرائيل بيتينو إلى وصف الحملة العسكرية بأنها تفويت فرصة عسكرية».
وأشار الكاتب إلى أن «يوم الاثنين، كان أول يوم تقوم فيه وسائل الإعلام وكبار السياسيين والمسؤولين وحتى رؤساء سلطات محلية في الجنوب بتوجيه انتقادات لرئيس الحكومة الذي درس بجدية وقف إطلاق النار قبل التصعيد الذي حصل في ساعات بعد ظهر اليوم نفسه . وإن نتنياهو في وضع لا يحسد عليه حيث «يدير عملية عسكرية مركبة وطويلة، سقط فيها قتلى كثر 53 جندياً وثلاثة مدنيين ، وفي الوقت نفسه يتلقى انتقادات من داخل حزبه».
وخلص الكاتب إلى أن «نتنياهو يواجه إما المراوحة في المكان ومعالجة قضية الأنفاق، أو توسيع الحملة العسكرية ما يعني سقوط مزيد من القتلى في صفوف الجيش «الإسرائيلي»». وقال: «إن نتنياهو لا يريد أن يبدو كمن يعمل تحت الضغوط، ولا يريد أن يخسر عالمه السياسي، وإنما وفي الوضع الحالي حيث تتآكل الشرعية الدولية للحرب بسرعة، وتتصاعد الضغوط على «إسرائيل»، فإن أخطر ما تواجهه «إسرائيل» هو أن يضطر نتنياهو إلى إنهاء المعركة باتفاق وقف إطلاق النار غير لائق، بحيث تستطيع حركة حماس أن تعلن انتصاراً».
«فورين بوليسي»: واشنطن تخفض الدرع الدبلوماسية لـ«إسرائيل» في الأمم المتحدة
تحدثت صحيفة «فورين بوليسي» الأميركية عن استياء في وزارة الخارجية الأميركية بشأن رفض «إسرائيل» خطة كيري لوقف النار، وأشارت إلى «بيان مجلس الأمن الذي يطالب بوقف إطلاق نار فوري وغير مشروط بدعم أميركي كخطوة للرد على نتنياهو».
وعبرت الصحيفة عن غضب من الطريقة التي أسيء بها إلى كيري في «إسرائيل»، وقالت: «على رغم العلاقات المترنحة بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الحكومة «الإسرائيلية» بنيامين نتنياهو، كان يمكن الاعتماد على إدارة أوباما في حماية ظهر «إسرائيل» في مجلس الأمن. ذلك تغير حين أصدر مجلس الأمن بدعم من الولايات المتحدة بياناً رئاسياً رسمياً يطالب فيه بوقف إطلاق نار فوري وغير مشروط. الخطوة الأميركية تعكس استياءً في وزارة الخارجية الأميركية بشأن رفض «إسرائيل» خطة كيري لوقف النار».
وتابعت «فورين بوليسي»: «أحد الديبلوماسيين في الأمم المتحدة قال إن واشنطن هي على الأرجح غاضبة بشأن الطريقة التي أسيء بها علناً إلى كيري في «إسرائيل»». ورأى ديبلوماسي أوروبي أن خطوة واشنطن تمثل تعبيراً عن الاستياء، وإشارة إلى أن الولايات المتحدة قد تكون عازمة على الذهاب أبعد من السابق في اتخاذ إجراءات ضد «إسرائيل».
«يديعوت أحرونوت»: الغضب يصيب جنود الجيش «الإسرائيلي» بسبب قذائف الهاون
ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»: «أن الغضب بدأ يسيطر على الجنود «الإسرائيليين» المنتشرين على طول الجبهة مع قطاع غزة بسبب غياب التعليمات وعدم توفير أماكن محصنة لهم من قذائف الهاون الفلسطينية، وذلك بعد مقتل 6 جنود «إسرائيليين» في المجلس الاستيطاني أشكول».
ونقلت الصحيفة العبرية عن دافيد سولماني أحد جنود الاحتياط من سلاح الطب أنه «لا توجد تحصينات ولا تعليمات حول كيفية التحصن من القذائف الصاروخية، نحن ننبطح على الأرض فقط ونصلي حتى لا نصاب، وليس لدينا أي خيار آخر».
وأضاف الجندي «الإسرائيلي»: «إن الجنود الذين لاقوا حتفهم الاثنين الماضي، قتلوا أثناء مكوثهم في منطقة التجمع لقضاء فترة الراحة ولم يجدوا مكاناً للاختباء، لقد كان هذا الأمر متوقعاً ونحن لا نعلم أين هي أكثر الأماكن أمنا في الداخل أم الخارج».
«إندبندنت»: «إسرائيل» تستخدم أموال دافعي الضرائب الأميركيين لإفناء غزة
تناولت صحيفة «اندبندنت» الموقف الأميركي من «إسرائيل» وكيف «أن فقدان أميركا لقدرتها على التأثير في «إسرائيل» قد يغير من طبيعة الوضع في الشرق الأوسط»، واستندت الصحيفة في رأيها هذا إلى «الموقف الأميركي خلال الهجوم «الإسرائيلي» الحالي على غزة». وقالت:»على رغم أن المواطن الأميركي العادي لا يعنيه كثيراً ما يحدث في العالم ويتساءل عن جدوى موت الأميركيين في العراق أو أفغانستان، إلّا أن «إسرائيل» تستخدم أموال دافعي الضرائب الأميركيين لإفناء غزة، وفي الوقت نفسه تتهم «إسرائيل» واشنطن باتخاذ سياسات غير ودية تجاهها».
وأضافت الصحيفة البريطانية: «وعلى رغم أن حسن التعامل ليس أولوية «إسرائيل» الآن، إلا أن الطريقة المخزية التي تعاملت بها في إهمال وزير الخارجية الأميركي جون كيري كانت مذهلة». وتابعت «وتمت تنحية البيت الأبيض جانباً بشكل غير معقول. حتى أن مستشارة الأمن القومي الأميركية سوزان رايس قالت إنها شعرت بالانزعاج الشديد للطريقة التي جرى التعامل بها مع جون كيري».
وأردفت الصحيفة: «يتمنى كثير منا أن تعبر الولايات المتحدة عن نفاد صبرها مع «إسرائيل» أكثر مما تفعل الآن. ولماذا لم تفعل ذلك الأسبوع الماضي على سبيل المثال عندما خاطب السفير «الإسرائيلي» رون درمر في قمة مسيحيون من أجل «إسرائيل» في واشنطن بالقول إن جيش الدفاع «الإسرائيلي» يستحق جائزة نوبل للسلام لقتاله من دون أي قيود يمكن تخيلها؟».
«واشنطن بوست»: على واشنطن التعاون مع القوى المعتدلة في المنطقة وتهميش حماس
قالت صحيفة «واشنطن بوست: «بينما تدفع الولايات المتحدة حالياً باتجاه عقد هدنة لوقف إطلاق النار في غزة، فإنه ينبغي على مسؤوليها أن يمكنوا الفصائل الفلسطينية المعتدلة». وأكدت: «ينبغي على إدارة الرئيس باراك أوباما العمل مع مصر والسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس أبو مازن بالإضافة إلى «إسرائيل»، لإنهاء الصراع بطريقة تقوض من حماس بدلاً من أن تعزز سلطتها في غزة».
وأضافت الصحيفة الأميركية: «أن هذا الأمر ليس بغير الواقعي، فالاتفاق الأخير بين حركة فتح برئاسة عباس وحركة حماس لتشكيل حكومة وحدة للضفة الغربية وقطاع غزة، أعقبه انتخاب قادة جدد يمكنهم توفير آلية مناسبة». وأوضحت: «أن الرئيس عباس، الذي يعمل مع مصر بشكل وثيق، اقترح مراراً تولي القوات التابعة للسلطة الفلسطينية مسؤولية تأمين الحدود بين مصر وغزة، وبذلك يمكن تهميش حماس. وفي سعيها إلى وقف إراقة الدماء في غزة، فإنه يمكن لإدارة أوباما دعم هذه الحلول الإبداعية والبنّاءة».
ولفتت الصحيفة إلى «أن وزير الخارجية جون كيري راح يقدم وعوداً مبهمة بمعالجة القضايا الأمنية كافة، وعرض على حماس احتمال فتح الحدود وتمويلها لدفع رواتب موظفيها».
وقالت «واشنطن بوست»: «إن لجوء كيري لهذين البلدين كوسيطين كان أمر آخر يستدعي الشكوك، إذ أنهما يهدفان لتهميش الحكومات المعتدلة في مصر والضفة الغربية، حيث الرئيس عباس الذي يقف على الجانب الآخر من الانقسام في الشرق الأوسط بين القوات الموالية والمناهضة للإسلاميين».
«فورين أفيرز»: قطر لا يمكن أن تكون وسيطاً محايداً في المنطقة
قالت مجلة «فورين أفيرز» الأميركية: «إن قطر لا يمكن أن تعتبر وسيطاً أميناً أو محايداً في الشرق الأوسط». مشيرة إلى «جهودها منذ عام 2007 للعب دور بارز على صعيد قضايا المنطقة، إذ قامت بغزوات دبلوماسية ناجحة في اليمن ولبنان والسودان».
وأوضحت المجلة المقربة من دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة: «أن الدوحة مدفوعة باعتقاد راسخ لديها، أنه في أوقات تراجع نفوذ القوى التقليدية في المنطقة، مصر والسعودية قبل كل شيء، فإن بإمكانها كسب أرض أو حتى تجاوزها». وأضافت: «أن قطر كانت تهدف من وراء تأييد ورعاية صعود الإسلام السياسي، وخصوصاً جماعة الإخوان المسلمين والجماعات ذات الصلة بها، حيث كانت الدوحة تراها أكبر وأعمق قوى سياسية في المنطقة، وزيادة وتمكين نفوذها. واستراتيجيتها العامة في سبيل تحقيق هذا الهدف، وتقديم نفسها كوسيط في النزاعات التي لا تكون الأكثر إلحاحاً في المنطقة».
ولفتت المجلة إلى أنه «بينما يدرك تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر أن كلاً من السعودية والإمارات ومصر، تعتبر جماعة الإخوان تهديداً أمنياً وسياسياً كبيراً، فإنه راح يتخذ تدابير لضمان ألا تكون دولته الصغيرة معزولة دبلوماسياً. فذهب للشراكة مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وأبقى واشنطن على علم بخططه الدبلوماسية وعمل على استقرار العلاقات مع إيران وتحسينها مع عمان. فمثل والده، يعتقد تميم أن المكاسب المحتملة لسياسته الخارجية العدائية تفوق أخطار استعداء اللاعبين الرئيسيين في المنطقة».
وأوضحت «فورين أفيرز»: «بعدما استقر خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الدوحة، وبتوجيه من القيادة القطرية، واصل تنسيق النشاطات السياسية والعسكرية لجماعته في غزة، سعت قطر علناً إلى تولي دور مصر التقليدي كوسيط بين الفلسطينيين و»الإسرائيليين». وأشارت إلى أنه «من الصعب بالضبط معرفة ما حدث عندما التقى تميم بالعاهل السعودي الملك عبدالله يوم 22 من الشهر الجاري في جدة، لكنهما عندما التقيا منذ أشهر عدة في الرياض لم يكن الأمر سار بالنسبة إلى أمير قطر. ففي ذلك الاجتماع قام الملك بتوبيخ تميم وتوجيه تعليمات له بوقف مساعدة الإسلاميين المتطرفين في سورية وقطع العلاقات مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر وغيرها من بلدان المنطقة».
وبحسب المجلة الأميركية «فمنذ ذلك الوقت تراجع دور قطر في سورية مقارنة بالسعودية، لكن لم تتغير سياستها تجاه مصر ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين، بل ربما زاد. وفي وقت سابق من هذا الشهر، وردت تقارير عن قيام السلطات الإماراتية بمداهمة خلية استخبارية قطرية تحاول إعادة تجميع جماعة الإصلاح ذات الصلة بجماعة الإخوان المسلمين، والتي جرى حلها قبل عامين. وبحسب تسريبات من اللقاء الأخير بين الملك عبدالله وتميم، فإن اللقاء لم يكن ودياً على الإطلاق وقام العاهل السعودي وفريق الأمن القومي بإبلاغ الأمير القطري بأن عضوية بلاده داخل مجلس التعاون الخليجي من المرجح أن تُعلّق قبل القمة السنوية للمجلس، والمقرر أن تستضيفها الدوحة، ذلك على رغم أن هذه الإشاعات كانت موضع نقاش حام في لقاء خاص بين كبار المسؤولين الخليجيين».
وما هو واضح وفق المجلة «أن كلاً من الملك عبد الله وتميم ناقشا قضية غزة، إذ من غير المحتمل أن يتغير موقف السعودية التي لطالما أصرت وأكدت أن كل الطرق للوساطة في القطاع يجب أن تمر عبر القاهرة». وخلصت المجلة إلى القول: «إنه بينما تسعى قطر جاهدة إلى تقديم نفسها كوسيط نزيه في المنطقة، فإن قطر على عكس عمان، التي تسير على نمط غير متحيز ووساطتها لا تلفت الأنظار، إذ أن نظرة القوى الإقليمية للدوحة، قد تكون أي شيء، عدا أنها محايدة أو صانعة سلام».