«المنار»
التحقت القريتين بتدمر في سجل المناطق الاستراتيجية المحررة من الإرهاب في ريف حمص الشرقي، أخطر معاقل «داعش» المتبقيّة في تلك المنطقة. فكّك الجيش السوري وحلفاؤه عقدتها وقطعوا ذراع جديدة من أذرع الإرهاب المتمدّدة إلى عمق البادية السورية فالعراق شرقاً وغرباً نحو الساحل السوري والبقاع اللبناني.
انتهت عملية القريتين بإنجاز استراتيجي كبير، والجيش السوري يشدّ الآن الرِّحال إلى السخنة شمالي تدمر لتكون السيطرة عليها استكمالاً لعميلة ربط القواعد التي تنطلق منها مستقبلاً عمليات تحرير دير الزور وبعدها الرقة.
في المنطقة اشتعال التوتر العسكري بين أرمينيا وأذربيحان دونه الكثير من الأسئلة عن التوقيت والأسباب، ربما لا داعي لبذل الجهد لمعرفة درجة التبنّي التركي لذلك بعد إعلان أردوغان الوقوف صراحة إلى جانب باكو حتى النهاية، الرجل يبعث رسائل إلى اللاعبين الدوليين متسلّحاً بقضية تشدّ العصب التركي قُبيل ساعات من خضوع بلاده لاختبار الوفاء بالوعود المدفوعة الأجر أوروبياً لإعادة آلاف النازحين من اليونان إلى تركيا.
في لبنان، توطين النازحين السوريين هاجس مستمر يحتاج إلى يقظة عالية، والمخاوف تكمن في محاولة البعض سحب هذا الملف من الواجهة للتحكّم به تحت الطاولة، وفوق الطاولة يتمادى البعض باحتضان إساءة صحيفة «الشرق الأوسط» للعلم اللبناني ويتغاضون عن مسّها بسيادة وكرامة لبنان، بل يذهبون أبعد من ذلك، إلى حدّ التبرير للصحيفة فِعْلتها وتبرئتها ممّا ارتكبته.
«أن بي أن»
يقترب الشغور الرئاسي من طيّ عامه الثاني ليدخل سنة جديدة في الخامس والعشرين من أيار لا أفق لها ولا إشارات توحي بخرق يؤدّي إلى انتخاب رئيس، إلّا التضرّع إلى الله والصلاة أن تسكن الرحمة في قلوب المسؤولين كما أمل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بعد نفاذ كل جهوده ومساعيه، وهي ستسكمل غداً اليوم على طاولة القيادات الروحية المسيحية في بكركي، فهل يحمل يوم البشارة البشرى للبنان لبدء فكفكة عقد أزماته؟
عقد الانتخابات اكتمل، وقطارها انطلق مع دعوة وزير الداخلية نهاد المشنوق الهيئات الناخبة في كل من محافظات الجنوب والنبطية والشمال وعكار، ليكون يوم الثامن من أيار هو يوم الانطلاقة في بيروت والبقاع وبعلبك الهرمل، أمّا الحديث عن التأجيل فلم يعدْ له قيمة بعد التأكيد المتواصل لكل القوى السياسية بأنّ الانتخابات حاصلة في موعدها وآخرها للرئيس سعد الحريري الذي نفى ما نُقل عنه أنّه طلب التأجيل. هذا بالكلام، أمّا بالفعل فالماكينات انطلقت والتحضيرات على قدم وساق.
الهدوء السياسي الذي طبع نهاية الأسبوع لن ينسحب على ما يبدو إلى المقبل، ملفّات صاخبة أمام جلسة الحكومة يوم الخميس من جهاز أمن الدولة إلى تجهيزات المطار إلى الملف الذي لا يستكين، ملف النازحين، كل هذه المواضيع المؤجلة ستُطرح على الطاولة. مصادر وزارية قالت للـ»أن بي أن» إنّ الكلام عن إعطاء الأولوية لتأمين اعتمادات مستلزمات المطار لا يعني غياب النقاش حول العقود بالتّراضي، وهناك فرق بين تأمين الأموال والموافقة على العقود.
أمّا بما خص جهاز أمن الدولة، فاستغربت المصادر هذه المعركة الكبيرة المُثارة حوله، فيما لا يحتاج الأمر سوى احترام القانون، وهناك اقتراح بتعديل هيكليّة القيادة لا يتمّ إلّا وفق الأصول القانونية في المجلس النيابي.
وإلى الأصول في الميدان السوري، تعود الأراضي السورية المغتصبة من «داعش» تدريجياً، فبعد تدمر القريتين في قبضة الجيش السوري خلال ساعات من معارك أثبتت مرة جديدة وهن «داعش» الذي فرّ من بلدة انقضّ عليها منذ آب الماضي، كنقطة ربط رئيسية له مع القلمون الشرقية.
«او تي في»
ثمّة وقائع ترتسم حقائق على الأرض دولياً وإقليمياً ومحليّاً. دولياً، أسقطت واشنطن الحرم عن كوبا، وأزالت حقول الألغام من أمام علاقتها مع إيران، وأطاحت بالخطوط الحمر التي وضعتها أزمة أوكرانيا في وجه العلاقة مع روسيا وأعادت الحرارة وبشكل مرتفع إلى الخط الأحمر المباشر بينها وبين موسكو. كسر أوباما القاعدة التي تقول إنّ الرئيس الأميركي في نهاية ولايته الثانية كالبطة العرجاء، فإذا به حصان جامح رابح في سباق القطب الأوحد. دولياً أيضاً، وفي تداعٍ واضح للحرب السورية، أوردت «لوموند» الفرنسية ما يشبه النبوءة – الإنذار: سيكتب المؤرّخون أنّ عامي 2015 2016 بداية تفكّك أوروبا، وأنّ أوروبا الجميلة انتهت بفعل ما كشفته أزمة اللاجئين والعجز الأوروبي عن مواجهة تسونامي التكفيريين الذين عاشوا وتربّوا وتعلّموا بيننا وانقلبوا علينا، تقول الصحيفة. إقليمياً، تتصدر إيران السباق بفارق كبير عن أقرب منافسيها. تركيا تُعيد النظر بنظرية صفر مشاكل لمترنيخ القرن الحادي والعشرين النابغة الطوراني أحمد داوود أوغلو، والذي بفضله تكاد تصبح صفر استقرار وازدهار. أمّا الرياض فمنكبّة على إيجاد تبرير مقبول لحديث أوباما إلى مجلة «أتلانتيك»، وفيه دعا السعودية إلى الاعتياد على فكرة التعايش والعيش مع إيران في المنطقة. إقليمياً أيضاً، تحوّلت سورية من لاعب إقليمي إلى ملعب دولي في لعبة الأمم. للمرة الأولى في تدمر، ومنذ وقت طويل يحقق الجيش السوري نصراً على «داعش» التي منيت بثاني هزائمها الكبيرة بعد كوباني أو عين العرب. الجيش السوري يدخل مناطق «داعش» وفي الوقت عينه يخرج مصير الرئيس بشار من دائرة التفاوض والشروط، في حين يلتقي النظام والمعارضة وللمرة الأولى على قاسم مشترك وهو رفض الفدرالية في سورية. أمّا في لبنان، فما من مفردة أو مصطلح يُغني عن الإسهاب في سرد المنجزات – المعجزات التي تعجز أي طبقة عن الإتيان بمثله في أي بلد آخر. فساد في طول البلاد وإفساد في عرضها. فلتان أخلاقي ومخدرات في الجامعات والمدارس للمراهقين والقاصرين. تفلّت أمني رغم الجهود المشكورة لبعض الأجهزة. رقيق أبيض للدعارة، ودقيق يرافق النفايات في الشاحنة، وتجارة بكل شيء وبكل ما ملكت الأيادي السّود والغرف السوداء التي تخترق أماننا وأمننا القومي.