جعجع يشترط انسحاب عون واستبعاد آخرين… والجميّل واثق من أن حظوظه كبيرة!
حسن سلامه
يسود لغط كثير وتباين داخل فريق 14 آذار في ما يتعلّق بالاستحقاق الرئاسي، تحديداً ما يسمّى بـ«خطة ب» التي تفترض الانتقال من تبنّي ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى فتح التواصل داخل هذا الفريق أولاً، ومع القوى الأخرى ثانياً، للوصول إلى ما يسمّى بـ«المرشح التوافقي»، بحسب مصادر واسعة الاطلاع في هذا الفريق ترى أنّ مردّ هذا التباين يعود إلى الاختلاف في طريقة مقاربة «الخطة بـ«بين «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، وبين الطرفين وحزب الكتائب، إذ لكل من هذه الأطراف الثلاثة رؤيته إلى هذه الخطة. فتيار «المستقبل» يرى أن الانتقال إلى «الخطة بـ« يفترض من رئيس «القوات» إبداء استعداده مسبقاً، في الحد الأدنى، لسحب ترشحه، على أن يكون «المستقبل» هو الطرف المحرّك والمفاوض مع الأطراف الأخرى للوصول إلى مرشح من خارج الأقطاب الموارنة الأربعة. ويرى «المستقبل» أيضاً أنه أعطى جعجع الفرصة الكافية في الترشح للانتخابات، إذ يعتقد «التيّار الأزرق» أنه الأقدر على مفاوضة الفريق الشيعي، بعدما أعطى الأطراف المسيحية فرصة الاتفاق على مرشح معين للسير به، ولم يتحقق ذلك. كما يعتقد «المستقبل» أن تبني ترشيح رئيس حزب الكتائب أمين الجميل قد يؤدي إلى مزيد من تقطيع لوقت طالما أن العماد عون وقوى 8 آذار ليسوا في وارد السير بهذا الترشيح أو القبول به كـ«مرشح توافق».
أما رئيس «القوات» سمير جعجع، فما زال يصرّ على التمسك بترشيح نفسه، ويطرح مجموعة شروط على حلفائه للقبول بمبدأ التخلي عن ترشيحه، وأوّل تلك الشروط أن يُعطى حق التفاوض باسم مسيحيي 14 آذار مع الأطراف الأخرى في حال فتح باب التواصل حول مرشح ثالث، وثاني الشروط أن يكون المرشح التوافقي غير مستفز له، وثالثها «فيتوات» على أكثر من مرشّح لا يمانع «المستقبل» بالسير به، وأول هؤلاء المرشحين، بالإضافة إلى العماد عون، قائد الجيش العماد جان قهوجي إذ يعترض عليه رئيس «القوات» بصورة حاسمة.
حول الانتقال إلى «الخطة بـ«التي يريدها رئيس حزب الكتائب، تقول المصادر إن جعجع غير متحمس لهذه الخطة، ولم يُبد أي مبادرة في اتجاه الجميل يمكن أن تدعم إعلان ترشّحه للرئاسة في مقابل انسحاب جعجع من السباق، بل يبدو معترضاً ضمنياً على ترشيح الجميل، وإن كان لا يزال يناور في الاتصالات التي أجرتها الكتائب معه.
أما الجميل فبات مقتنعاً بضرورة الانتقال إلى «الخطة بـ« بعدما استنفد ترشيح سمير جعجع وبات معروفاً لدى الجميع أن لا إمكان لوصول رئيس «القوات» إلى قصر بعبدا، ويعتقد الجميل بحسب المصادر أن الانتقال إلى «الخطة بـ« يفترض من حلفائه في 14 آذار تبنّي ترشيحه كـ«مرشح توافقي»! وأبلغ القيادات المعنية في هذا الفريق أن عدم السير بهذه الخطة يعني إقفال الأبواب أمام إمكان حصول توافق عليه كـ«مرشّح توافقي»، وقال أيضاً لحلفائه إنه سمع كلاماً مشجعاً من بعض الأطراف في الطرف الآخر، بما في ذلك من النائب وليد جنبلاط. ولذا تقول المصادر إن رئيس الكتائب يرى أن ثمة إمكاناً للسير به كـ«مرشّح توافقي»، بل يعتقد أن أسهمه ارتفعت في الفترة الأخيرة، وأن العقبة الوحيدة أمامه في حال تبنّي 14 آذار ترشّحه تبقى في موقف العماد ميشال عون وحزب الله.
في أيّ حال، تعتقد المصادر أن الجميل لن يغامر في الإعلان عن ترشّحه ما لم يحصل على ضوء أخضر من حلفائه، فهو مدرك أن إعلان هذا الترشيح من دون موافقة الفريق الذي ينتمي إليه لن يقدم ولن يؤخّر فتغطية ترشيحه من قِبل حلفائه، إذا حصلت، ستؤدي إلى مزيد من الانقسامات داخل 14 آذار، خاصة أن جعجع سيعتبر ذلك إضعافاً لدوره وموقعه.
توضح المصادر أن كلاً من «المستقبل» و«القوات» يؤكد ضمناً أن لا إمكان لحصول إجماع على الجميل كـ«مرشح توافقي»، وأن ما يسمعه من قبل بعض القيادات من خارج 14 آذار هو نوع من المجاملة، علماً أن لا أحد أبلغه استعداده للسير به «مرشحاً توافقياً»، بل يقول له «إن شخصية أخرى قد تسير به إذا دعمه فريقه».
انطلاقاً من ذلك، تعترف المصادر بأن هذا الحِراك الداخلي في الموضوع الرئاسي لن يوصل إلى حل أزمة الرئاسة فالوضع الإقليمي بات في مرحلة ضبابية لا تساعد في حلحلة هذا الاستحقاق، وبالتالي فإنّ حِراك داخلي لن يوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية قبل نضوج المعطيات الإقليمية التي لا يبدو أنها ستساعد في حصول اتفاق حول مرشح توافقي في المدى المنظور.