انتخاب الجبوري… هل اقتربت نهاية الأزمة الحكومية في العراق؟
حميدي العبدالله
انتخب سليم الجبوري النائب في تكتل «متحدون» رئيساً للبرلمان العراقي، في خطوة شهدت اكتمال النصاب لجلسة الانتخاب، على عكس ما كانت عليه الحال في ثلاث جلسات سابقة. وأثار انتخاب الجبوري شيئاً من التفاؤل بحصول تفاهمات عراقية وإقليمية ودولية قد تسرّع في خروج العراق من الأزمة الحكومية التي تصاعدت بعد تمدد «داعش»، وبعد اعتراض البارزاني وتكتل «متحدون» علناً على عودة المالكي رئيساً للحكومة الجديدة، فهل يستند هذا التفاؤل إلى شيء من الوقائع أم أنه مبنيّ على سراب؟
لم يكن ثمة خلاف أساساً على اسم الشخص الذي سيترأس البرلمان العراقي، إذا كان هذا الشخص بديلاً من أسامة النجيفي الذي تحمّله قوى عديدة هو وشقيقه آثيل النجيفي محافظ الموصل مسؤولية سقوط محافظة نينوى تحت سيطرة «داعش». وكان متوقعاً حدوث تغيير في شخص رئيس مجلس النواب لسببين أساسيين، الأول مناورة سياسية من قبل تكتل «متحدون» وبعض الأكراد للقول إن «متحدون» سمّت شخصاً غير النجيفي، وعلى تكتل «دولة القانون» ترشيح اسم آخر غير المالكي أسوة بما فعل تكتل «متحدون». والسبب الثاني أنه كان صعباً تسويق النجيفي في ظل دوره الملتبس وشقيقه بما حصل في الموصل وصلاح الدين، وبالتالي فإن عدم تقديم مرشح بديل يعزز مواقف نوري المالكي وحججه للترشح لرئاسة الحكومة الجديدة.
كذلك، ليس ثمة خلاف على المرشح لمنصب رئاسة الجمهورية، فهذا المنصب محجوز للأكراد، وتحديداً لمرشح من حزب جلال الطالباني الذي لم يتورط في الدعوة إلى انفصال الأكراد واتخاذ مواقف تصعيدية مثلما فعل مسعود البارزاني.
الخلاف أساساً هو على نوري المالكي، إذ تعترض كل من السعودية وقطر وتركيا على عودته إلى رئاسة الحكومة، كما أن الولايات المتحدة تضع شروطاً للموافقة على عودته، ومن هذه الشروط إعادة قبول الوصاية الأميركية على العراق على غرار ما كانت عليه الحال إبان الاحتلال الأميركي، كما أن حلفاء المالكي في التحالف الوطني، وبخاصة «الصدريين» يعارضون عودة المالكي بشكل مطلق إلى رئاسة الحكومة.
هذه الاعتراضات هي أساس الأزمة الحكومية القائمة في العراق، وبالتالي لم يطرأ على هذه الأزمة والعوامل المسببة لها أي تغيير، فما برحت مواقف الأطراف المعارضة لعودة المالكي على حالها، وبالتالي لم يؤدّ انتخاب الجبوري رئيساً للبرلمان العراقي إلى اقتراب موعد نهاية هذه الأزمة، والأرجح أنها سوف تطول، ولن يحسم الأمر قبل حصول تطورات ميدانية كبرى تغيّر التوازنات القائمة الآن في العراق، وتسمح بالتالي إما بإبعاد المالكي أو بإعادة تأكيد ترشيحه، وهذا أمر يصعب من الآن حسمه.