قباني: جعجع رشح عون لإبعاد فرنجية عن الرئاسة لأسباب شمالية وكي يرث شعبية الجنرال
حاورته روزانا رمّال ـ تحرير محمد حميّة
أكد عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب محمد قباني أنّ «زيارة الرئيس سعد الحريري إلى موسكو هي ترجمة لصعود الدور الروسي في المنطقة بعد أن استطاع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعادة الدور الروسي الفاعل في مختلف أنحاء العالم من بينها منطقة الشرق الأوسط».
وشدّد قباني في حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز» على «أنّ الصعود الروسي في سورية سيؤثر إيجاباً على دور سورية في لبنان وسيؤثر على إيران التي تملك نفوذاً أساسياً في سورية وفي لبنان من خلال حزب الله وبالتالي تستطيع روسيا أن تمارس دوراً في إقناع إيران وحزب الله للإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية».
وإذ اعتبر أنّ روسيا وإيران وحزب الله لا يريدون رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون رئيساً، رأى قباني أنّ «رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية هو الحليف الثابت لقوى 8 آذار»، مضيفاً: «نحتاج إلى رئيس قوي لجميع اللبنانيين وليس فقط للمسيحيين، يجمع ولا يفرق. رئيس قوي بانفتاحه وحكمته وعروبته وليس رئيساً يلعب على الغرائز الطائفية».
وأوضح قباني أنّ رئيس «القوات» سمير جعجع دعم ترشيح العماد عون لكي يتخلص من الوزير فرنجية لأسباب شمالية وليس لأي سبب آخر ولكي يرث شعبية عون يوماً ما»، واستبعد قباني استمرار الفراغ إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، معرباً عن اعتقاده بأنه «عندما يتبلور الحل السياسي في سورية تفرج في لبنان ويتم انتخاب الرئيس»، محذراً من أنّ «لبنان في حالة احتضار والطبيب المداوي هو انتخاب رئيس للجمهورية والابتعاد عن الطائفية والمذهبية».
وإذ أقرّ بزعامة وشعبية وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي في طرابلس والشمال عموماً، جزم قباني بأنّ ريفي «لا يقبل أن يطرح نفسه منافساً وخصماً لتيار المستقبل وللحريري، كما لن يخرج عن الخط الأساسي للرئيس الشهيد رفيق الحريري».
وفي ما يلي نصّ الحوار كاملاً
ما هو تأثير زيارة الرئيس سعد الحريري إلى موسكو على المشهد الرئاسي في لبنان، وهل أظهرت اهتمام روسيا بالشأن اللبناني؟
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليس رئيساً عادياً نتيجة صلاحياته الواسعة وحزمه في إدارة شؤون البلاد، واستقباله الرئيس الحريري، رغم أنه ليس في السلطة حالياً، هو نوع من ترجمة للمكانة الدولية التي يتمتع بها الحريري والتي هي استمرار للمكانة التي كان يشغلها والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري. لذلك يعكس استقبال بوتين للحريري حجم تأثير الحريري في لبنان بمعزل عن وجوده في السلطة مباشرة أو خارجها. هناك هموم مشتركة بين الحريري والقيادة الروسية تشمل لبنان وسورية، وروسيا مهتمّة جداً بالموضوع السوري كونها أصبحت اللاعب الأول في الساحة السورية ولها الرأي الأكثر فعالية في الحلّ السياسي، وفي المقابل الحريري معني بالمواضيع المتعلقة بالمنطقة وسورية في الطليعة، لكنه معني أيضاً بالوضع السياسي في لبنان الذي يعاني الكثير من المشاكل والأمراض أهمها الفراغ الرئاسي منذ عامين، من هنا أعطى الحريري الأولوية لانتخاب الرئيس لأنّ غياب الرئيس أثر سلباً على الصعيد الداخلي وعلى فعالية المؤسسات التي تعاني شللاً من المجلس النيابي وعدم قدرته على التشريع لأنّ عدداً من القوى السياسية ترفض حتى تشريع الضرورة في ظلّ غياب رئيس الجمهورية، ونحن نشهد شللاً في العمل الحكومي لأنّ رئيس الحكومة لا يستطيع وحده أن يحسم الجدل الذي يأخذ منحى طائفياً ومذهبياً. الرئيس تمام سلام يعالج الأمور بالصبر والحكمة، لكنّ الأمور بدأت تخرج عن النطاق المقبول لا سيما في موضوع أمن الدولة وصلاحية المدير ونائبه الذي بات صراعاً طائفياً مكشوفاً.
تقول إنّ استقبال بوتين للحريري هو اعتراف بمكانة الأخير الدولية، هل يقابل ذلك اعتراف من قبل الحريري بدور روسيا في لبنان والمنطقة، في حين أنّ واشنطن لطالما شكلت وجهة فريق 14 آذار السياسية وليس روسيا؟ وهل الحريري مستعد للتعاون مع حلفاء روسيا في لبنان وعلى رأسهم حزب الله خصوصاً في الملف الرئاسي؟
زيارة الحريري إلى موسكو هي ترجمة لصعود الدور الروسي في المنطقة، بعد أن استطاع بوتين استعادة الدور الروسي الفاعل في مختلف أنحاء العالم من بينها منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية التي لها تاريخ حافل في العلاقة الإيجابية مع موسكو، لا سيما تلك التي كانت تربط مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالاتحاد السوفياتي. اليوم يعود بوتين ليقول إننا قوة كبرى وبالتالي إلى جانب أميركا نعالج مختلف المشاكل في المنطقة. روسيا لها اهتمام خاص بالمنطقة، خاصة في سورية، ليس كموقع نفوذ لها في المنطقة فقط، بل إنّ سورية تمثل باب روسيا على المتوسط، وكلّ صعود في الدور الروسي في سورية ليس بعيداً عن لبنان لأنّه يتأثر بالوضع السوري بمعزل عمّن يحكم سورية. صعود النفوذ الروسي في سورية سيؤثر إيجاباً على دور سورية في لبنان وروسيا باتت تؤثر على إيران التي تملك نفوذاً أساسياً في سورية وفي لبنان من خلال حزب الله، وبالتالي تستطيع روسيا أن تمارس دوراً في إقناع إيران وحزب الله بالنسبة إلى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية. من المبكر أن نلمس نتائج زيارة الحريري إلى موسكو في الموضوع الرئاسي،
وتيار المستقبل يحاور حزب الله اليوم رغم وجود خلافات متعدّدة لم تُحلّ حتى الآن، لكنّ الهدف من هذا الحوار هو محاولة إبعاد التوتر الطائفي والمذهبي عن الشارع، قدر الإمكان، وهذا الأمر نجح ويمكن للحوار أن يتطور إيجاباً فقط في انتخاب رئيس للجمهورية.
هل تعتقد أنّ روسيا تهتم بانتخاب رئيس يمثل الأكثرية المسيحية في لبنان؟ وهل طلبت موسكو من الحريري انتخاب العماد ميشال عون الذي يشكل ضمانة للمسيحيين؟ وإلى أي مدى سيظهر الحريري ليونة على هذا الصعيد؟
أنا أجزم، بحسب ما أملكه من معطيات، بأن لا إيران ولا روسيا ولا حزب الله يريدون عون رئيساً لأنه متقلب في سياساته وهو الذي روج للقرار 1559 الذي يعتبره حزب الله مدخلاً للقضاء عليه لكنّ الوزير سليمان فرنجية هو الحليف الثابت لقوى 8 آذار وليس عون. إذا كان هناك فرصة لفرنجية للرئاسة فلا أجد فرصة لعون الذي هو المسؤول عن مشاكل المسيحيين على مدى ثلاث عقود وهو الخطر الذي يهدّد المسيحيين.
لكنّ رئيس «القوات» سمير جعجع أيضاً شارك في الحرب الأهلية؟
لا أريد أن أدافع عن جعجع، نحتاج إلى رئيس قوي لجميع اللبنانيين وليس فقط للمسيحيين. رئيس يجمع ولا يفرق. رئيس قوي بانفتاحه وحكمته وعروبته وليس رئيساً مزايداً ولاعباً على الغرائز الطائفية. إذا انتُخب عون رئيساً فإنّ الرئيس الفعلي سيكون الوزير جبران باسيل الذي يؤثر على عون، وليس العكس، ورأينا ماذا فعل باسيل في أكثر من مكان، لا سيما في وزارة الاتصالات.
باسيل ما زال المسؤول عن وزارة الطاقة ويديرها بكلّ تفاصيلها، وهو خرب علاقات لبنان العربية ومع دول الخليج وافتعل مشكلة كبيرة مع العالم الغربي بعد تصرفه خلال زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
إذا كان عون يشكل خطراً على المسيحيين، كما تقول، لماذا دعم جعجع ترشيحه للرئاسة إذن؟
جعجع فعل ذلك لكي يتخلص من الوزير فرنجية لأسباب شمالية وليس لأي سبب آخر ولكي يرث شعبية العماد عون يوماً ماً. «القوات» تريد عون فقط لإبعاد فرنجية ولا مانع لديها من وصول أي شخص غير فرنجية. حزب الله لا يريد عون بل حليفه الثابت والأكيد هو فرنجية، لكنه لا يريد خسارة عون لأنه لا يريد انتخاب رئيس اليوم وترشيحه لعون هدفه إبعاد انتخابات الرئاسة لأنها ورقة في يد إيران تريد أن تضعها على طاولة التفاوض على مستقبل المنطقة.
يقول فرنجية إننا نخشى أن ننتظر انتهاء الانتخابات الأميركية ونخسر فرصة انتخاب رئيس ونعود إلى الوسطية، فهل يمكن أن ننتظر كلّ هذه المدة؟
لا أعتقد ذلك، عندما يتبلور الحلّ السياسي في سورية تفرج في لبنان ويتم انتخاب الرئيس والأمر لن يتأخر كثيراً.
كيف تقيّم التموضع الجديد لوزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي؟
الوزير ريفي لا يخرج عن الخط الأساسي للرئيس الشهيد رفيق الحريري ولا يمكن أن يصل إلى حدّ الخصومة مع سعد الحريري.
هل تجدون في ريفي منافساً للمستقبل في الشمال؟ وهل ترون فيه زعيماً شمالياً؟
ريفي له شعبية في الأوساط الطرابلسية والشمالية عموماً لكنه لا يقبل أن يطرح نفسه منافساً وخصماً لـ«المستقبل» وللحريري.
ما رأيك بتكرار الإساءات السعودية للبنان؟
لبنان في السابق كان حريصاً على العلاقة مع السعودية لكنّ الموقفين الأخيرين لوزير الخارجية جبران باسيل في مصر والرياض استفزا المملكة. بالطبع لا نقبل بهذه الإساءات، لا سيما الكاريكاتور الذي نُشر في صحيفة الشرق الأوسط. نحن نميز بين العلم ولبنان وبين النظام السياسي، ونحن مع حرية الإعلام شرط أن تقف عند حدود الرموز الأساسية للبلاد.
ما هو تأثير التحالف بين عون وجعجع على تيار المستقبل في الانتخابات البلدية وسط الحديث عن تراجع شعبية المستقبل في عدد من المناطق؟
لا شك أنّ تيار المستقبل واجه بعض الصعوبات في السنوات الأخيرة لكنه ما زال قوياً بشكل واضح في المناطق ذات الأكثرية السنية، في بيروت وعكار وطرابلس والبقاع وهو القوة الأساسية ونتائج الانتخابات البلدية ستؤكد ذلك. أما بالنسبة إلى التحالف العوني القواتي فهو يمثل شريحة كبيرة من المواطينن الذين ينتمون إلى الطوائف المسيحية وسيترك أثره في عدد من البلديات في أكثر من منطقة.
هل تعتبر الفضائح التي تظهر تباعاً في لبنان هي تصفية حسابات قبل الانتخابات البلدية؟
البلد بدأ يتفتت نتيجة الإيغال بالطائفية والمذهبية بسبب غياب الرئيس وشلل المؤسسات وبدأ الفساد الذي ينخر البلاد يظهر للعلن. صحيح أنّ هناك من يريد توظيف بعض الفضائح لمصلحته لكنّ الفساد حقيقي وفي كلّ القطاعات والمجالات. هناك خلافات عنوانها الفساد ومضمونها الطائفية والمذهبية وبالتالي لبنان في حالة احتضار والطبيب المداوي هو انتخاب رئيس للجمهورية والابتعاد عن الطائفية والمذهبية.
هل يغير إقرار قانون انتخاب جديد هذا الواقع أم أننا نحتاج إلى دستور جديد؟
نعم قانون الانتخاب يغير، لكن في ظلّ هذا الواقع الطائفي والمذهبي لن نصل إليه، لأنّ كلّ حزب يشدّ بهذا القانون لمصلحته وليس سهلاً الوصول إلى قانون انتخاب مثالي وهناك أطراف تنادي بالنسبية وتريد قانوناً آخر. أنا مع الطائف الذي ينصّ على مجلس نيابي بلا طائفية ومجلس شيوخ طائفي يتعاطى فقط مع الملفات الأساسية.