العشاء الأخير!
عظمتان اثنتان تكفيان
لحساء العدس المجروش
القصّاب
ودفّه العظيم
وبرميل أزرق
يفيض بالعظام
يا ولدي… لا تخش الملام
وجئت
مزهوّاً… يا أمي
كقطّ نبيل
لثمت الباب
تنشّقت سعال الحالمين
قبّلت يد القصّاب
ونطرت خلف عشرات القطط
نطرت أن يلد السحاب
وحظيت بعد ساعتين
بضلع نظيفة
وعظمتين
من رقبة مصفوعة
عدت إليك… أمّاه
حاملاً صيدي
تقتلني ألف ألف آه
وفرحت رغم الدموع
ألقيت في حسائك عظمتي
وقلبك الموجوع
صوّرت لنا العظمتين كجزور
تقصّين الحكايات
ويداك ضارعتان
في القدر تدور
ثم عاد أبي
وعلى سفح الحساء
رتّل علينا
جدارية القناعة
وليل كانون
يحمد الله
فالعدس المجروش
في الليالي الباردات
مع زفرة العظم اللقيط
دافئ كتنّور
وكبرنا يا أمّ العظام
مات أبي
وهو لا يزال يمسك بالقدر ذي العظمتين
يسقينا القناعة في ليل كانون
ثم رحلتِ
تهزّين رأسك في سرور
فالمرأة الصالحة تهزّ رأسها بالقبول
لكلّ حرف يقوله زوجها يا أمّ العظام
وجاء العشاء الأخير
يا أمّاه
حساؤنا بارد بلا عظام
فالقصّاب مات
وبقي برميله الأزرق
وطابور طويل من القطط لدى الجدار
يحلم بالعدس المجروش
بنكهة الضلوع
ويتضرّع القناعة في رحاب الجوع
نائل عرنوس