سلمان يستعدّ لإتمام صفقة أنقرة بعد القاهرة استعداداً للتفاوض مع طهران الحريري يطلب ضمّ مصير السلاح إلى السلة المتكاملة… ويدعو جعجع للتوبة

كتب المحرر السياسي

تبدو السعودية القطب الذي يُعيد تجميع أوراق حلفائه بين يديه بقوة المال الذي تتفوّق به على حلفائها، ودرجة تعطشهم لهذا المال، ولو على حساب ما يصفه خصومهم السياسيون في بلادهم بمصالحهم وكرامتهم الوطنية، فقد نجح الملك سلمان بهذه القوة السحرية للمال من الحصول على قبول مصري بالمصالحة مع تركيا، والتنازل عن جزيرتَيْ تيران وصنافير، رغم المخاوف من استعمالهما لإنشاء بديل برّي لقناة السويس يربط الخليج بالبحر المتوسط ولمدّ خط أنابيب نفطية يمنح «إسرائيل» وظيفة اقتصادية دولية على ضفاف أوروبا، ورغم الصراخ الداخلي في مصر لانتفاضة الكرامة الوطنية التي منحت السعودية مكانة متقدّمة في السياسة والدور الإقليمي على حساب مصر خلافاً لوقائع التاريخ والجغرافيا وحقائقهما.

ما فعله الملك السعودي في مصر يتجه لتكراره في تركيا، التي ترمي بثقلها للحفاظ على الجيب الجغرافي الذي تحتله في سورية، وتسعى لربط أجزائه بعضها ببعض، تحت مظلة جماعة الرياض المعارضة مرة و«جبهة النصرة» مرات، وهي تعتمد على «النصرة» عملياً رغم رفعها رايات «الجيش الحر» تفادياً للوقوف خارج أحكام الهدنة، وفيما تتوقع أنقرة فشل مساعيها السورية، وتنتظر هزيمة مدوية بسبب الإصرار الروسي والإيراني على دعم مساعي دمشق بوضعها خارج الحدود السورية كطريق وحيد لفتح باب جنيف نحو المسار السياسي، يأتي الملك سلمان بأمواله التي يحبّها حكام أنقرة كثيراً لدرجة باعوا بمثلها لأوروبا مشروعهم لإقامة ما أسموه بالمنطقة الآمنة تحت ذريعة حماية اللاجئين، وصارت المنطقة الآمنة منطقة المليارات الثلاثة، ولا مانع أن يصير بديل الجيب الجغرافي السوري لتركيا، جيب الرئيس التركي رجب أردوغان ورئيس حكومته داود أوغلو إذا أرادت السعودية هذا الجيب للمفاوضة ضمن عملية تجميع أوراقها للتفاوض مع إيران، عبر تسهيل المسار اليمني الذي فشلت فيه فشلاً ذريعاً وصارت التسوية فيه حبل نجاتها، بينما تستطيع حيث لا تدفع هي فاتورة التصعيد أن تذهب لرفع السقوف كما تدفع بجماعتها في سورية ليفعلوا ولو كانت النتيجة انتحارهم، السياسي والعسكري، أمام نفاد الوقت لصناعة التسويات بينما الجيش السوري يستعدّ لكبرى معاركه في حلب، وكذلك تفعل السعودية بجماعتها في لبنان، فيركب رئيس تيار المستقبل سعد الحريري قطار التصعيد، ويدعو إلى ضمّ مستقبل سلاح المقاومة إلى أيّ سلة تفاهمات يدعو إليها حزب الله من ضمن التوافق الرئاسي.

الرئيس الحريري بذهابه إلى التصعيد يؤكد أنّ الزمن الرئاسي لا يزال بعيداً، وأنّ التوظيف البلدي للتصعيد هو المتاح الآن، طالما هو فاتورة تفيد في الرياض، ففي البلديات يمكن ضبط الشارع الذي يقوده رموز التطرف برفع السقوف التصعيدية، كما يمكن الرهان على تفادي مخاطر الموقف المسيحي الموحّد انتخابياً بتفاهم التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية بالضغط على القوات بقوة الخيار السياسي الواحد لترك موقعها، تحت شعار التوبة السياسية، طالما يقول قائدها إنّ تجربته بترشيح العماد عون أكدت له أنّ المشكلة مع حزب الله، الذي يتهمه بأنه لا يريد الرئاسة فيقول له الحريري، إذا كنت تريد أن تحشر حزب الله، فعليك الخروج من خيار عون والتموضع عند خيار ترشيح النائب سليمان فرنجية والتسبّب بالمزيد من الإحراج مسيحياً ولبنانياً لحزب الله.

المطار يتقدّم على «أمن الدولة»

يعقد مجلس الوزراء اليوم، جلسة عادية لاستكمال بنود جدول الأعمال وعلى رأسه ملف تجهيزات المطار الذي سيتقدّم على ملف جهاز أمن الدولة الذي لم تصل الاتصالات حوله إلى أي نتيجة حتى الساعة، بعد رفع جلسة الخميس الماضي، لعدم وضع بند تمويله على جدول الأعمال.

وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ»البناء» إن ملفي أمن المطار وأمن الدولة سيكونان محور جلسة مجلس الوزراء اليوم، متحدثاً عن «اتصالات بين المعنيين لمحاولة حلحلة بعض الملفات الخلافية لا سيما أمن الدولة والمطار»، لافتاً إلى أن هناك «من يخترع المشاكل في أي ملف أو قضية»، وأضاف درباس: «كما تمّ اختلاق مشكلة النفايات وما تخللها من مشادات وخلافات سياسية وإشكالات في الشارع وكوارث بيئية، إلا أننا عدنا إلى الحل والخطة نفسها بعد عام أي إلى خطة المطامر، والآن يتم اختراع مشكلة أمن الدولة الذي هو صراع شخصي بين المدير العام ونائبه الذي تمّ تحويره وتحويله إلى خلاف طائفي وذمّية دينية وسياسية في وقت البلد بأمس الحاجة إلى الابتعاد عن الأوبئة والخلافات والتفكير بملفات أكبر وأخطر تتهدّد البلاد».

فرعون: وقف تمويل الجهاز يعني تعطيله

وشدّد وزير السياحة ميشال فرعون خلال مؤتمر صحافي على أن «اتخاذ قرار بوقف تمويل مؤسسة أمن الدولة يعني اتخاذ قرار بتعطيلها»، لافتاً إلى أن «مَن يدخل في تفاصيل هذا الملف يكتشف الكثير من التجاوزات، إلا أن مَن يبدي امتعاضه من إثارته يحوّله قضية طائفية بهدف التهويل»، جازماً بأننا «لن نتراجع إلى حين إيجاد حل وإقفال الملف».

سلام سيطرح توسيع مجلس القيادة

ونفت مصادر وزارية لـ»لبناء» أي اتجاه في جلسة اليوم إلى إلغاء جهاز أمن الدولة بل إن عمله ودوره مؤثران ومهمان في الحماية الأمنية الداخلية للبلاد، وشدّدت على أن «رئيس الحكومة سيجدّد طرحه في جلسة اليوم لمشروعه لحل هذه الأزمة والذي يعتمد على توسيع مجلس قيادة الجهاز والذي كان سيطرحه في الجلسة الماضية، لكن لم يتم التوصل إلى هذا البند بسبب رفع الجلسة».

وعن أزمة المطار، تساءلت المصادر: «بعد أن فقد لبنان حدوده البرية بسبب تواجد التنظيمات الإرهابية، هل سيفقد حدوده الجوية بسبب توقف المطار عن العمل نتيجة الخلافات السياسية؟».

لا اتجاه إلى إلغاء الجهاز

واستبعدت مصادر أمنية إلغاء الجهاز، موضحة لـ»البناء» أن «الحل يكمن بتطبيق القانون الذي يحدد صلاحيات المدير العام ونائبه ولا يمكن تعطيل القانون لتحقيق مصالح طائفية»، واعتبرت أن المدير ونائبه هما يشكلان مجلس القيادة وفقاً للقانون، أما مشروع توسيعه فيحتاج إلى قانون في المجلس النيابي ولا صلاحية لمجلس الوزراء باتخاذ قرار توسيعه».

ولفتت إلى أن «عدم إرسال التمويل اللازم المخصص لهذا الجهاز سببه عدم وجود قرار من مجلس القيادة الذي يحتاج إلى توقيعَي المدير العام ونائبه، وهذا لم يتوفر بسبب الخلاف بينهما والمسؤولية لا تقع على عاتق وزارة المالية».

الحلّ بالفصل بين الأمن والأشغال

وتوقعت المصادر أن «يتمّ حل أزمة المطار في جلسة الحكومة اليوم بالاتفاق على تنفيذ التجهيزات التي تخدم الأمن خاصة في ما يتعلق بنقطتين، الأولى السور والأشغال المتفرعة عنه والثانية كاميرات المراقبة والتجهيزات المتفرعة عنها».

وأوضحت أن «الحل في مجلس الوزراء سيكون فصل الصلاحيات بين وزارتي الداخلية والأشغال، أي أن ما له علاقة بالأمن تتولّاه وزارة الداخلية وما له علاقة بالأشغال تتولاه وزارة الأشغال».

وشددت على أن «الخلاف ليس حول طبيعة الأمن في المطار، بل الخلاف حول مشروع التجهيزات في إطار الصفقات وتناتش الحصص ما يعني أن الخلاف مالي وعلى مَن ينفذ المشاريع ومَن يربح المال، وليس خلافاً أمنياً».

ولم ترَ المصادر أي خطر أمني في المطار، معتبرة أن «مطار بيروت في عداد الفئة الأولى عالمياً من حيت الأمن وأن تنفيذ مشروع التجهيزات يرفع درجة الحماية الأمنية، لكن الأمن مقبول في وضعه الحالي».

هل سيشارك ريفي في الجلسة؟

ونفت مصادر وزارية لـ»البناء» مشاركة وزير العدل أشرف ريفي في جلسة اليوم، ومرجّحة عودته إلى الحكومة بعد قرار المحكمة العسكرية التمييزية في قضية سماحة».

وعما إذا كان رئيس الحكومة تمام سلام سيقبل استقالة ريفي، ردت المصادر بأن «الموضوع لم يطرح على مجلس الوزراء وعندما يطرح سيتخذ سلام القرار المناسب بشأنه».

معطيات جديدة في فضيحة «الإنترنت»

وفي موازاة ذلك، وعلى خط فضيحة الإنترنت غير الشرعي، ترأس سلام اجتماعاً خُصص للبحث في الملف، حضره نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل، وزير الاتصالات بطرس حرب، وزير الداخلية نهاد المشنوق، مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، وقادة الأجهزة الأمنية، على أن يُعقد آخر الأسبوع المقبل اجتماع آخر لمتابعة التحقيقات والنتائج التي توصلت إليها.

وأعلن وزير الاتصالات بطرس حرب بعد الاجتماع أن «هذه القضية لن تُلفلف وهي في الاتجاه السليم، وتم توقيف شخصين بعد الاتصال مع قبرص كما تمّ توقيف شخصين بتهمة إدخال المعدات والاتصالات من تركيا والشخص الخامس سُطّر بحقه بلاغ بحث وتحرٍّ إلى جانب التحقيقات التي تجري بموجب الاستنابات التي سطّرها مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية لمتابعة التحقيقات في مواضيع أخرى. وظهرت عناصر جديدة في الملف لن أكشف عنها بسبب سرية التحقيق، ما يسمح لنا في المرحلة المقبلة برؤية هذا الملف يتوسع ويشمل متهمين آخرين وتُتخذ التدابير القانونية بحقهم».

اللجنة تنتظر التقارير المفصلة…

وقال مصدر في لجنة الاتصالات والإعلام النيابية لـ«البناء» إن «اللجنة لم تبحث ملف الإنترنت بسبب انشغال الوزراء بالاجتماع الأمني في السراي، حيث اعتذر بعض الوزراء عن حضور الجلسة، حيث بحثت اللجنة موضوع القنوات الإعلامية وحجب البث عنها من قبل نايل سات وعرب سات وكان تشديد على أن تتحمّل الحكومة مسؤولياتها وأن تخصّص بث القنوات اللبنانية على قمر فضائي في حزمة واحدة»، ونقل المصدر مخاوف اللجنة حيال ما يتعرّض له البلد من حصار مالي والآن حصار إعلامي ويحتاج إلى منظومة حماية لأجهزته الإعلامية».

وأكد أن «لجنة الاتصالات تنتظر تقريرين مفصلين في جلستها الثلاثاء المقبل، الأول ستقدمه الأجهزة الأمنية عبارة عن معلومات مفصلة عن كل التحقيقات والموقوفين وارتباطاتهم وكيفية إدخال تجهيزات الشبكات غير الشرعية، أما التقرير الثاني فستقدمه الأجهزة القضائية تتضمن شرحاً مفصلاً عن آخر ما توصلت إليه حول هذه القضية».

وكشف المصدر أن «التحقيقات لن تنتهي خلال أسبوع أو أسبوعين، بل ستأخذ وقتاً طويلاً غير محدد بمدة زمنية، نظراً لتشعب القضية وامتدادها وعدد المتورطين فيها والجهات التي يرتبطون بها إن كانت في الداخل أو الخارج».

ونقل المصدر «حرص الجهات السياسية كافة في اللجنة وإجماعها على ضرورة التوصل إلى الحقيقة مهما كلف الثمن ورفض أي تسويات أو لفلفة وتركيزها على حجم التجسس وقيمة المال المهدور، مشدداً على أن اللجنة ستترك الموضوع في عهدة القضاء الذي سيكشف الحقائق».

تورّط «كبار» في الإنترنت…

وأكد رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط عبر «تويتر» أن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أكد له في اتصال هاتفي، تورّط كبار الناس في قضية الإنترنت غير الشرعي.

الحريري لجعجع: اسحب ترشيحك لعون…

رئاسياً، لا جديد سوى بعض التصريحات و«الزكزكات» الإعلامية والاتهامات المتبادلة بتعطيل الانتخابات الرئاسية، بانتظار زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى لبنان منتصف الشهر الحالي الذي سيعقد مجموعة من اللقاءات من بينها لقاءات مع رئيسَي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة تمام سلام ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد.

وردّ الرئيس سعد الحريري في دردشة مع الصحافيين في «بيت الوسط» على دعوة رئيس «القوات» سمير جعجع له لدعم النائب ميشال عون للرئاسة وحشر «حزب الله»، قائلاً: «اسحب أنت ترشيحك لعون وادعم النائب سليمان فرنجية لتحشر حزب الله». وأكد الحريري أن «على حزب الله أن يعرف أنه مكوِّن ككل مكوِّنات البلد ولن أعمل على تعطيل البلد لكي أكون رئيساً للحكومة، وإذا أراد الحزب سلة أريد أخرى من ضمنها سلاحه».

وفي تصريح آخر، أكد الحريري خلال استقباله وفوداً بلدية واختيارية من المناطق، استمراره بدعم ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية، «لأنه بإمكاننا التعاون معه لإخراج لبنان من أزمته وإعادة العافية إليه، وفي اعتقادنا أننا سننجح في النهاية».

مرشحنا فرنجية ولا لعون

وأكدت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» أن لا جديد في ملف الرئاسة الذي يحكمه الجمود والمراوحة، وأشارت إلى أن حزب الله هو الذي تحدث عن السلة المتكاملة لحل الأزمة الرئاسية وليس الحريري الذي جاء تصريحه كردة فعل وطالب إدخال سلاح حزب الله في هذه السلة.

وعن مدى استجابة «القوات» لنصيحة الحريري بسحب ترشيح عون وتبني ترشيح فرنجية، أجابت المصادر: نترك لـ«القوات» الإجابة عن هذا الأمر، أما نحن فمرشحنا فرنجية ولن نرشح عون.

وعما تحمله زيارة الرئيس الفرنسي إلى لبنان، فضلت المصادر انتظار ما سيطرحه هولاند على من سيلتقيهم من الأطراف السياسية، لكن الملف الرئاسي سيكون على رأس أولوياته.

جلسة للحوار الثنائي اليوم

على صعيد آخر تعقد اليوم، جلسة جديدة للحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل في عين التينة بحضور الممثلين عن الحزب والتيار وزير المال علي حسن خليل، وسيبحث المجتمعون الاستحقاق الرئاسي وكلام الرئيس الحريري عن السلة المتكاملة مقابل ضم موضوع سلاح حزب الله إلى هذه السلة، رغم أن موضوع السلاح ليس على طاولة الحوار الثنائي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى