سيّد زيّان… رحل تاركاً شخصيات لا تُنسى!

لم يكن أبداً النجم سيد زيان فناناً نمطياً، بل تمرّد على نفسه بالشخوص التي قدّمها في السينما والتلفزيون والمسرح كوميديا، تراجيديا حتى الغناء والرقص كان يجيد أداءهما، حبّه لفنّه شجعه على تطوير أدواته وإثقال موهبته، وساعدته في ذلك خفّة دمه الفطرية وإطلالته المبهجة وشخصيته المرحة والطيبة، وهي العوامل التي جعلته يصول ويجول في السينما والمسرح والدراما، ليطلق العنان لمواهبه ويصبح من أبرز علامات الفن المصري. كل دور قدّمه أبدع فيه، كل «إفيه» نطق به أصبح علامة مسجلة في الكوميديا، بل كان الجمهور «يقع على نفسه من الضحك».

سيّد زيان، عانى من المرض منذ سنوات، وظلّ طريح فراش المرض، حوله عائلة تحبّه وتحترمه وتعترف بتاريخه الكبير، ودعاء جمهوره العريض في العالم العربي، الذين فقدوا إطلالته على الشاشة، ولم يعد بوسعهم سوى الدعاء له.

لا يستطيع أحد أن ينسى دوره في مسرحية «سيدتي الجميلة»، هذه المسرحية التي ضمّت فؤاد المهندس وشويكار و«الوجه الجديد» سيّد زيان، واستطاع هذا الوجه الجديد أن يجذب الأضواء إليه وإلى موهبته فلا يستطيع أحد أن يقتطع من هذه المسرحية دوره لأنه ببساطة جعلها مكتملة.

في مسلسل «الراية البيضا» أعاد سيّد زيان اكتشاف نفسه في دور «النونو» الذي يعمل تحت جناح المعلّمة «فضة المعداوي» وينفّذ أوامرها، ولا ينكر أحد أن شخصية «القص» في مسلسل «المال والبنون» كانت من ركائز العمل، وتكفي حركاته و«إيفهاته» التي كان ينطق بها بصوته المعروف.

سيّد زيان بدأ يعمل في السينما والمسرح منذ أواخر سيتينات القرن الماضي، واشتهر بصوته القويّ، وعانى من جلطة في المخ أسفرت عن إصابته بالشلل لسنوات طويلة، حيث ابتعد عن الفن منذ مطلع الألفية.

الظهور الأخير له كان في مسلسل «إحنا نروح القسم» وعُرض عام 2001، ومسلسل «أبيض في أبيض» وعُرض عام 2003. قدّم الكثير من الأفلام منها «عفواً أيها القانون»، و«أريد حلاً»، و«أبناء الصمت»، و«بنت اسمها محمود»، و«العنيد». كما قدّم عدداً من الأعمال الدرامية منها «المال والبنون»، و«الراية البيضا»، و«العائلة»، ومن المسرحيات: «البراشوت»، و«واحد لمون والثاني مجنون»، و«سائق التاكسي»، و«العسكري الأخضر»، و«مين ما يحبّش زوبا؟»، و«خد الفلوس واجري»، و«أبو زيد»، و«القشّاش»، و«الغبي وأنا»، و«لعبة زواج».

أسند إليه المخرج نور الدمرداش دوراً بارزاً في مسرحية «حركة واحدة أضيّعك»، حتى جاءت انطلاقته الحقيقية بعدما رشّحه الفنان فؤاد المهندس للمشاركة معه في مسرحية «سيدتي الجميلة»، إذ تعاقد بعد ذلك للعمل مع فرقة الفنانين المتّحدين في كل أعمالها التالية.

انتقل زيان إلى «فرقة الريحاني» التي عمل فيها لمدة تسع سنوات متواصلة، ثم اشترك في عددٍ من المسلسلات التلفزيونية، كما اختطفته السينما ليقدّم البطولة المطلقة للمرة الأولى في أفلام: «دورية نصّ الليل»، «حظ من السماء»، و«كيف تسرق مليونيراً».

اشتهر زيان باللزمات الشعبية التي حفظها الجمهور منه عن ظهر قلب، وكان معروفاً بالخروج عن النصّ كثيراً في أعماله المسرحية.

مع بداية الألفية الجديدة في عام 2003، أصيب سيّد زيان بجلطة في المخ أدّت إلى إصابته بالشلل النصفي، ما أبعده عن الأضواء في السنوات الأخيرة. إلا أنه تعرّض لأزمة صحية مرة أخرى بعدما تحسّنت صحته وأصبح يسير بمساعدة العصا، دخل على إثرها إلى المستشفى للعلاج على نفقة القوات المسلحة المصرية.

وأمس الأربعاء، توفي سيّد زيان عن عمر يناهز 73 سنة، نتيجة تعرّضه لأزمة قلبية حادة في منزل ابنته إيمان في مدينة «السادس من أكتوبر» في القاهرة. وشُيّع جثمانه بعد صلاة العصر من أمام مسجد الحصري.

رحل سيّد زيّان، تاركاً خلفه إرثاً لا ينضب من الأعمال الدرامية والكوميدية والتراجيدية. رحل تاركاً شخصيات رسمت البسمة دائماً على ثغور المشاهدين العرب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى