«جوهر في مهبّ الريح»… مسرحية جديدة لزينة دكاش في سجن روميه
بعد نجاح مسرحية «12 لبناني غاضب» التي قدّمها سجناء روميه عام 2009، ومسرحية «شهرزاد ببعبدا» التي قدّمتها سجينات بعبدا عام 2012، والفيلمين المصوّرين التابعين لهما، إذ استطاع السجناء من خلال المسرحيتين والفيلمين استقطاب انتباه المعنيين والمجتمع المدني ككلّ، والتأثير لتطبيق بعض القوانين، بدأت الممثلة والمعالجة بالدراما والمديرة التنفيذية لمركز «كثارسيس» زينة دكّاش، التحضير لعمل مسرحيّ جديد عنوانه «جوهر في مهبّ الريح»، مع سجناء روميه منذ منتصف سنة 2015.
تقع هذه المسرحية ضمن مشروع «قصّة منسييّن خلف القضبان» المُنفّذ من قبل «كثارسيس» بدعم من الاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع وزارة الداخلية والبلديات ووزارة العدل، وهو مشروع يهدف إلى تحسين الوضع النفسي والقانوني للسجناء ذوي الأمراض النفسية والسجناء المحكومين بالمؤبّد.
يشمل المشروع أربع مُخرَجات أساسية: دراسة تبحث في مدى انتشار الاضطرابات النفسية الشديدة لدى السجناء في سجنَي بعبدا وروميه نُشرت أواخر عام 2015، وجاءت نتائج الدراسة متّسقة مع نتائج بحوث سابقة تشير إلى ارتفاع نسبة معدّل انتشار الأمراض النفسية في السجون بالمقارنة مع عموم السكانـ للاطّلاع على الدراسة يرجى زيارةwww.catharsislcdt.org ، ومسرحية «جوهر في مهبّ الريح» يؤدّيها السجناء في روميه منهم مرضى ، ودراسة قانونية تتضمن مقارنة بين القانون الحالي في لبنان والقوانين المعتمدة في دُول أخرى تُنشر في أيار 2016 ، والتوصل في النهاية إلى مسودّة مشروع قانون سنداً للدراستين المذكورتين آنفاً.
«جوهر في مهبّ الريح» تسلّط الضوء على السجناء ذوي الأمراض النفسية والسجناء المحكومين بالمؤبد الذين وكأنما يجمعهم قدر واحد: حكم بالسجن غير معروف الأمد. وفي الواقع، تتضمن المادة 232 من قانون العقوبات اللبناني التالي: «من ثبت اقترافه جناية أو جنحة مقصودة … وقضي بعدم مسؤوليته بسبب فقدانه العقل حُجز بموجب فقرة خاصة من حكم التبرئة في مأوى احترازي … ويستمر الحجز إلى أن يثبت شفاء المجنون بقرار تصدره المحكمة التي قضت بالحجز … ». كيف يمكننا، وفي القرن الواحد والعشرين، أن ننتظر «شفاء المجنون» وهو شخصٌ يعاني من مرضٍ نفسي. كيف ما زلنا نسمح باستخدام عبارة «مجنون»؟ ألم يُثبت العلم أنه يمكن متابعة المرض النفسي لا «الشفاء منه»؟ وبأن التعافي يتمّ بالعلاج المناسب؟
من قصص السجناء منهم يعانون من أمراض نفسية ومنهم محكومون بالمؤبد تظهر المسرحية من داخل سجن روميه، لتنقل «قصص منسيين» من خلال مونولوجات ومشاهد قصيرة. وكما يعبّر أحد السجناء في مشهد: لعلّ أقسى الاقدار وأكثرها ظلماً تلك التي تحكم على المريض النفسي حكماً غير معروف الأمد في سجنين: سجن القضبان الخارجي وسجنه الداخلي.
فهل ستحقّق المسرحية والمخرجات الأخرى للمشروع التعديل القانوني اللازم كما حصل مع تقديم مسرحية وفيلم «12 لبناني غاضب» الذي أدّى إلى تطبيق قانون تنفيذ العقوبات الذي ينصّ على خفض العقوبة للمحكوم عليه حسن السيرة؟
من خلال هذا العمل المسرحي، الذي سيُعرَض 5 مرات برعاية وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على خشبة مسرحٍ بُنِيَ لهذه الغاية داخل أسوار السجن خلال أيّار 2016، 11، 12، 18، 19، 25 أيار 2016 ، سيجد السجناء مساحة للتعبير عن آرائهم في ظلّ التطورات المتكاثرة داخل السجون، وسيستفيدون من هذه الفرصة لمدّ جسرٍ يوصل أصواتهن إلى المجتمع المدني بشكلٍ فنّي وبنّاء.
زينة دكاش
حائزة على شهادة بكالوريوس في الدراسات المسرحية وعلى شهادة ماجستير في علم النفس السريري. مُعالجة بالدراما مُسجّلة لدى جمعية أميركا الشمالية للعلاج بالدراما «NADTA».
هي مؤسّسة «كثارسيس» المركز اللبناني للعلاج بالدراما ومديرته التنفيذية. وتعمل كمعالِجة بالدراما ضمن أطر مختلفة. تؤمن زينة بقدرات العلاج بالدراما المحرِّرة والشافية. فهي تمارس العلاج بالدراما في لبنان والشرق الأوسط منذ عام 2006، وقد حصدت عدداً من الجوائز لمساهماتها المتميّزة في مجال الخدمات والمبادرات الاجتماعية.
«كثارسيس»، هو أول مركز للعلاج بالدراما في لبنان والمنطقة العربية. وهو مؤسسة مدنية لا تتوخى الربح، أُسّس عام 2007 بإدارة زينة دكاش. ويعمل على تعزيز العلاج بالدراما وتوفيره للأفراد والمجموعات وفئات عمرية مختلفة من خلال استخدام أساليب المسرح والفنون. كما يقدّم خدماته وبرامجه في الأطر الاجتماعية والتعليمية والعلاجية المختلفة كمراكز إعادة التأهيل من الإدمان على المخدّرات ومراكز العناية بالصحة العقلية والنفسية والمستشفيات والسجون والمدارس والمسارح والشركات.
في سياق العمل مع الشركات، يقدّم كثارسيس مجموعة متنوّعة من البرامج ومنها بناء فريق العمل، ومعالجة الإجهاد، وتعزيز التواصل. على صعيد آخر، يعمل مركز «كثارسيس» داخل عيادته الخاصة مع الأفراد والمجموعات الراغبين بتخطّي مشاكل خاصة وتحسين نوعية حياتهم.
تؤمن زينة دكاش بأن دمج الدراما والفنون التعبيرية مع العلاج طريقة فعّالة تساعد في حلّ المشاكل وتعزيز النمو والرفاه لدى الأفراد والمجموعات، وبأن الفنون تسمح ببناء الجسور بين الثقافات وفئات المجتمع المختلفة. كما تؤمن بأن استخدام الدراما لأهداف علاجية يمنح الفرد دوراً فاعلاً خلال علاجه في جوّ سليم وآمن يقبله ولا يحكم عليه ويسمح له بالتعبير عن نفسه.
تكمن رسالة دكاش في تقديم خدمات العلاج بالدراما للمجتمع وفقاً للمعايير الأخلاقية المعتمدة في العلاج بالدراما، من خلال توفير وسيلة فعّالة للتعمّق في الصعوبات والتعامل مع المعاناة المحدّدة لدى مجموعة متنوّعة من المستفيدين من العلاج، بمن فيهم الأكثر عُزلة وحرماناً.
في بعض الحالات، يمكن أن تؤدّي جلسات العلاج بالدراما إلى عمل فنّي، كالمشروع المسرحي الرائد «12 لبناني غاضب»، الذي قدّمه عددمن سجناء سجن روميه عام 2009، يكون بالنسبة إلى المجموعات المهمّشة وسيلة للمناصرة ولتعديل القوانين واستحداثها وتغيير السياسات والممارسات بحقهم. وبالتالي يمكّنهم من إيصال رسالتهم إلى المجتمع وصانعي القرار.
لتحقيق رسالته، يعمل مركز «كثارسيس» على بناء القدرات المحترفة في مجال العلاج بالدراما، ويقدّم التدريب والتوجيه للراغبين بالعمل في هذا المجال في لبنان والمنطقة العربية.