رندة بري: لوضع الآليات التطبيقية التي تمكِّنها من تحقيق الشراكة وإلغاء كلّ أشكال التمييز ضدّها

رعت نائبة رئيسة جمعية شؤون المرأة اللبنانية رئيسة الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين رندة بري ورشة عمل حول «دعم المرأة في الانتخابات البلدية» التي أقامتها الجمعية في فندق «كورال بيتش»، بحضور الوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة، رئيسة مؤسسة رعاية أسر الشهداء نهلا رياشي، المديرة العامة لشؤون اللاجئين في وزارة الداخلية فاتن يونس، رئيسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية ليندا مطر، إضافة إلى وجوه نسائية نقابية وأكاديمية وحزبية.

بعد النشيد الوطني ونشيد حركة «أمل»، تحدثت رئيسة جمعية شؤون المرأة اللبنانية الدكتورة رباب عون، فأوضحت أنّ «نسبة المشاركة النسائية في البلديات لا تتجاوز 4,7 في المئة ومن النادر جداً أن يكون لها دور على مستوى المجالس الانتخابية»، معتبرة أنّ «إنصاف الإنسانية لا يكون إلا من خلال إطلاق حرية المرأة في الترشح للانتخابات البلدية وأنّ المسؤولية تقع على عاتق أصحاب القرار السياسي».

أما كلمة مكتب الشؤون البلدية والاختيارية المركزي في حركة «أمل» فألقاها ممثل بسام طليس الدكتور سامر بعلبكي، لافتاً إلى «أنّ تنمية القدرات هي المفتاح الأساسي لمشاركة المرأة، لذلك علينا إعطاؤها المفتاح المناسب لذلك. كما أنّ ثقة المرأة بنفسها تشكل أساساً يساعد في أن تصبح نصف الكتلة الناخبة».

ولفت إلى أنّ «الانتخابات البلدية هي المحطة الأولى للانخراط في العمل السياسي وتشكل الردّ المناسب على الانتهاكات التي ترتكب بحق المرأة على كافة الصعد».

بري

ثم تحدث بري فقالت: «عندما تقارب جمعية شؤون المرأة اللبنانية في هذا اللقاء موضوع دعم المرأة في الانتخابات البلدية فهي تلامس واحداً من صلب أهدافها وواجباتها المقدسة تجاه الإنسان وحقوقه».

وبالعودة إلى ورشة العمل التي خصّصتها الجمعية لمناقشة دعم المرأة في الانتخابات البلدية، رأى بري أنه «لا بد من استعراض جملة من الحقائق:

الأولى: مجرد أن نطرح كيفية دعم المرأة في الانتخابات البلدية يعني أننا أمام مشكلة تحول دون وصول المرأة إلى المجالس البلدية.

الثانية: منذ إطلاق الانتخابات البلدية في لبنان ما بعد الطائف النتائج التي حققتها المرأة لجهة تمثيلها في المجالس البلدية والاختيارية كانت مخيبة وهي نسبة لم تتجاوز في الاستحقاقين الماضيين 4 في المئة في كافة المجالس البلدية على مساحة الجمهورية اللبنانية، وأنّ عدد النساء اللواتي وصلن إلى منصب رئيس بلدية لم يتجاوز أصابع اليدين.

الثالثة: أنّ نسبة النساء المشاركات في عملية الانتخاب أي الاقتراع، تتجاوز نسبة الرجال وهذا أمر طبيعي لأنّ عدد النساء في لبنان يفوق عند الرجال من إجمالي عدد السكان في لبنان.

الرابعة: أنّ النساء في الغالب لا يقترعن للنساء إذا كان هناك من نساء مرشحات».

معوقات مشاركة المرأة

وتابعت بري: «هذه حقائق لا يمكن القفز فوقها ولا يمكن تجاوزها إذا ما أردنا فعلاً أن ندعم المرأة كي تخطو الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل نحو تحقيق المشاركة في آليات صنع القرار، والتي تشكل مشاركتها في المجالس البلدية والاختيارية حجر الزاوية الذي يمكن البناء عليه. إذاً، هناك معوقات كرست تلك الحقائق لا بل تكاد تجعلها خطاً أحمر غير مسموح للمرأة تجاوزه، وللأسف يكاد يصبح أمراً واقعاً تستسلم له المرأة وكأنه قدر لا يمكن الهروب منه أو مقاومته، وهذا أمر مجاف للحقيقة الإنسانية أو الطبيعة البشرية، فما هي هذه المعوقات:

ـ المعوقات الذاتية: عدم وعي المرأة أهمية دورها المحوري إلى جانب الرجل في بناء وصنع التنمية بكلّ أشكالها، وفي هذا الإطار وبشفافية مطلقة وموضوعية نقول إنّ مسؤولية خلق وعي لدى المرأة حول دورها وموقعها ومسؤوليتها لا يقع على عاتق الرجل وحده، إنما هي من مسؤولية الجمعيات التي أخذت على عاتقها التحرك والنضال من أجل المرأة وحقوقها.

ـ المعوقات الاجتماعية: وهي سيطرة الموروث الاجتماعي والعشائري والعائلي في تشكيل اللوائح الانتخابية بحيث يرى الكثيرون أنّ العائلة يمثلها الرجال ولا يجوز أن تمثلها النساء، فالموروث الاجتماعي والعقلية العائلية التي على أساسها يُدار استحقاق الانتخابات البلدية غالباً ما يشكل عائقاً أساسياً في انعدام نسبة وصول المرأة إلى المجالس البلدية».

أضافت: «انطلاقاً مما تقدم مع بارقة الأمل التي يشكلها ازدياد الأنشطة والفعاليات المطالبة بضرورة تعزيز دور المرأة في المجالس البلدية بما ينسجم مع دورها وطاقاتها وحجمها التمثيلي. وأنتهز هذه المناسبة لأدعو اللبنانيين الرجال قبل النساء، إلى جعل هذا الاستحقاق الانتخابي الإنمائي فرصة حقيقية يتقاسم فيها الرجل والمرأة، الأب والأم والأخ والأخت، الأعباء والمسؤوليات في مجالس بلدية منسجمة ومتجانسة بالكفاءات والطاقات البشرية والعلمية، بما يمكنها من مواجهة التحديات وما اكثرها: بيئية، صحية، غذائية، اجتماعية، أخلاقية، ثقافية تربوية وسياسية».

تحقيق التنمية المستدامة

ورأت «أنها فرصة كي ندرك جميعا أنّ لبنان ما زال بحاجة إلى أشواط للوصول إلى تحقيق التنمية المستدامة، وأنّ التنمية لا يمكن أن تتحقق بمعزل عن الفهم الحقيقي للعمل البلدي الذي يجب أن يراعي في تشكيله الكفاءة وليس المكافأة والعدالة للرجل والمرأة وليس التهميش لأحدهما على حساب الآخر»، لافتة إلى «أنّ المجلس البلدي هو مهمّات ومسؤوليات وليس محاور للانقسام السياسي والعائلي والعشائري».

وأضاقت: «لن أخوض في أهمية أن يبادر لبنان إلى تطبيق بنود المعاهدة الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة ـ سيداو التي مضى على إقرارها في الجمعية العامة للأمم المتحدة حوالي أربعة عقود، وهي وثيقة دولية على لبنان أن يحترم بنودها ولو بحدها الأدنى انطلاقاً من كونه أبرز الدول التي شاركت في صياغة الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، فالمدخل الإلزامي لاحترام حقوق الإنسان يكون من خلال الإقرار بحقّ المرأة في أن تكون شريكة في صنع القرار السياسي، ووجود المرأة في البلدية كمرشحة فائزة هو خطوة في هذا الاتجاه».

وأشارت إلى أنّ «المسافة الزمنية التي تفصلنا عن موعد إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية باتت قصيرة وليست كافية لاتخاذ الخطوات العملية الإجرائية، وهو ما يستدعي بذل جهود مضاعفة واستثنائية من جمعية شؤون المرأة اللبنانية وكافة القوى والهيئات النسائية الناشطة من أجل التحرك الفوري لوضع الآليات التطبيقية أو التنفيذية التي تمكن المرأة من تحقيق طموح الشراكة في المجالس البلدية».

اقتراحات

واقترحت بري على الهيئة المنظمة للورشة اتخاذ الخطوات الآتية:

«أولاً: تشكيل لجنة متابعة من جمعية شؤون المرأة اللبنانية ومن المكاتب النسائية في الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية مهمتها الاتصال بكافة الاطراف المعنية بالشأن الانتخابي وخاصة الأحزاب والزامها بضرورة إقرار مبدأ الكوتا النسائية في اللوائح الانتخابية.

ثانياً: تشكيل لجان فرعية من اختصاصيين تتوزع على كافة المناطق اللبنانية، هدفها خلق وعي لدى المرأة حول أهمية مشاركتها في هذا الاستحقاق كمرشحة وناخبة على حدّ سواء.

ثالثاً: تكليف الحملات الإعلامية الداعمة لمشاركة المرأة في هذا الاستحقاق في مختلف وسائل الاعلام وخاصة شبكات التواصل الاجتماعي، على أن تكون هذه الحملات هادفة مرتكزة على برامج وخطط».

أضافت: «قد لا تكون المهمة سهلة ولكنها ليست مستحيلة، فالحقوق في كثير من الأحيان لا تمنح إنما تنتزع انتزاعاً، فليكن هذا اللقاء وما سيليه من لقاءات في المناطق والقرى البلدات هو الخطوة الأولى نحو انتزاع حق المرأة بأن تكون شريكة في تحقيق التنمية، هذا الحق ليس مكافأة للمرأة إنما هو عبء يُضاف إلى جملة الأعباء التي تتحملها المرأة إلى جانب الرجل في كلّ مفاصل الحياة وهي قادرة على تحمل هذا العبء».

ورأت أنّ «خوض الانتخابات البلدية والاختيارية أصعب من الانتخابات النيابية، ولو كانت الأزمة في تلك الانتخابات أفسحت في المجال ولينت في التعاطي ربما كنا وصلنا إلى بعض الإيجابيات لكنّ التعنُّت أسّس لمزيد من التشنج في الانتخابات البلدية والاختيارية».

ونقلت عن الرئيس نبيه بري قوله إنه «لا يجوز ألا تحقق شراكة المرأة في الانتخابات البلدية أقلّ من 20 في المئة». وقالت: «في لبنان أكثر من 45 مؤسسة أكاديمية عليا، ونحن نخرِّج أجيالاً منذ مئات السنين، وكلّ العالم العربي كانت له فرصة التحصيل العلمي في لبنان. لذلك علينا احترام حضارتنا وتاريخنا ودعم المرأة على كافة الصعد، لانها منظمة وتعرف كيفية ترتيب أولوياتها».

المحاور

وتوزعت ورشة العمل على أربعة محاور، تحدث فيها الإعلامي بسام القنطار عن «دور المرأة في العمل البلدي: حماية موارد الطبيعة وبيئة الإنسان»، والمحامية غادة حمدان حديب عن قانون الانتخابات البلدية وإجراءات الترشح وصلاحيات المجالس البلدية، ورئيسة اتحاد بلديات الشوف الفويجاني الدكتورة نهى غصين عن مشاركة المرأة في العمل البلدي.

وكانت محاضرة للدكتور علي رحّال عن الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة «سيداو».

تكريم الأمهات في النبطية

وفي سياق آخر، رعت بري احتفالاً أقامه مكتب شؤون المرأة في حركة أمل ـ شعبة القصيبة بالتعاون مع المجلس البلدي والنادي الثقافي الاجتماعي في بلدة القصيبة تكريماً للأمهات في النادي الحسيني للبلدة ، حضره رئيس وأعضاء المجلس البلدي والمخاتير، مسؤولة مكتب شؤون المرأة في حركة أمل ـ إقليم الجنوب عايدة كوثراني، وفد من قيادة إقليم الجنوب في الحركة، وفعاليات أهلية وتربوية وحشد كبير من الأمهات.

وألقت بري كلمة استهلتها بتوجيه التحية والتهنئة للأمهات باسم رئيس مجلس النواب وتطرقت إلى قضايا حقوق المرأة وأهمية مشاركتها في الانتخابات البلدية والاختيارية والاستفادة من دورها المحوري وطاقاتها في بناء وصنع التنمية، وتمنت أن يكون حجم تمثيل المرأة في هذا الاستحقاق بحدود 20 في المئة، لافتة إلى أنّ رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري يولي قضية إشراك المرأة في الاستحقاق عناية خاصة.

وقالت بري: «انطلاقاً من هذه الصيرورة الطبيعية التي تحكم وتحدّد العلاقة الإنسانية بين الرجل والمرأة وفقاً لقواعد التكامل والتعاون والتفاهم و التلاقي أتمنى أن ندير العملية الانتخابية في هذا الاستحقاق الانتخابي البلدي والأهلي وفقاً لقواعد العدالة الإنسانية والإلهية والأخلاقية فلا يجوز بعد اليوم أن يهمل وجود المرأة كمكون إنساني في مجتمعنا وفي قرانا وفي بلداتنا بحيث يتم تغييبها عن المجالس البلدية والاختيارية أو أن يتم التعامل مع المرأة فقط مجرد أرقام مرجحة لفوز هذه اللائحة أو تلك. المطلوب إشراك المرأة في المجالس البلدية، وهذا الا يعني أن تكون شراكة اعتباطية أو لمجرد الشراكة إنما هي دعوة لإشراك المرأة التي تمتلك طاقات فكرية وعلمية وخبرات اجتماعية، قادرة على تقاسم الأعباء إلى جانب الرجل بما يمكنها من مجابهة التحديات التي باتت تطرق باب كلّ بلدة و قرية وهي كثيرة وليس أقله التحديات الاجتماعية والبيئية والثقافية والصحية والاقتصادية والإنمائية .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى